مساحة الممكن - قهوة وقرار تكتبها - نور الشامسي: في محلات القهوة عليك أن تتخذ ستة قرارات لتشتري كوب قهوة واحد، قصير، طويل، خفيف، ثقيل، بدون كافيين، مع حليب قليل الدسم وبالتالي الناس الذين لا يستطيعون اتخاذ أي قرار في حياتهم والذين لا يعرفون من هم وماذا يفعلون على الكرة الأرضية، أن يشعروا بالرضا عن أنفسهم لأنهم استطاعوا أن يتخذوا قراراً في مقهى ستاربكس واشتروا كوب قهوة صغير مع حليب. المقاهي هي إسقاط مصغر للحياة التي نعيشها في أغلب الأشياء، ففي هذه المقاهي توجد خيارات كثيرة للقهوة تحتاجون فيه إلى قرار لاختيار قهوتك التي تشربها هكذا هي الحياة فيها الكثير الكثير من الأمور المعقدة التي تحتاج كذلك إلى قرار لتمضي حياتك بنجاح العمال الذين يحضرون القهوة يحضرونها بشكل سريع حتى يتداركوا تدفق الزبائن عليهم هكذا هي الحياة سريعة الرتم تحتاج إلى قرارات سريعة وحكيمة حتى نعيش سعداء القهوة على الرغم من طعمها اللاذع المر إلا أن الجميع يشعر بلذتها ... هكذا هي الحياة على الرغم من كل المتاعب التي فيها إلا أن الإنسان السوي دائماً يكون متمسك بالحياة لتقديم أفضل ماعنده فيها. عندما أريد الاسترخاء أو الالتقاء بأحد الصديقات أو حتى عقد اجتماعات مصغرة فإني غالباً ما أقصد أحد هذه المقاهي حيث الهدوء ورائحة القهوة المنعشة. في يوم من الأيام وعند تواجدي في هذا المقهى لفت نظري شخص يضع أمامه 4 أجهزة، هاتف البلاك بيري وهاتف آي فون وجهاز آي باد وجهاز لاب توب بالإضافة إلى مجلتين ويضع في أذنه اليسرى سماعة موصلة باللاب توب وفي أذنه اليمنى سماعة موصلة بالآي باد كان يتنقل بين الأجهزة الأربعة بصورة سريعة، ثم يتصفح إحدى المجلتين على عجالة ولا يبدو أنه استطاع أن يكمل قراءة نص صفحة منها أخذت نظرة سريعة خاطفة على جهاز اللاب فوجدته يفتح العديد من المواقع، موقع اليوتيوب، موقع الفيس بوك، موقع التوتير وموقع لإحدى القنوات الإخبارية وبعد أن انقضت ساعة كاملة أطفأ كل شيء وزفر زفرة الشخص المنهمك من عمله ثم حمل أدواته وغادر المكان. من خلال هذا المنظر البسيط الذي شاهدته تبين لي كيف من الممكن أن يعيش الإنسان في حالة من الفوضى العارمة وعدم الاستقرار إذا لم يكن قادراً على أن يتخذ قراراً مناسباً وذكياً من بين عدة خيارات كان هذا الرجل يستطيع أن يقضي وقته الاستجامي في المقهى باستخدام جهاز واحد فقط من الأجهزة المتوافره أمامه بدلاً من التنقل بين جميع الأجهزة أو قراءة مجلة كاملة والاستفادة منها. في عام 1600 بني في مدينة فينيسيا الإيطالية جسر يربط بين احدى قاعات المحاكم وبين السجن، فالسجناء بعد صدور الحكم عليهم ينقلون من قاعة المحكمة إلى السجن عن طريق هذا الجسر فكان السجناء يطلبون من الشرطة أن يسمحوا لهم بالوقوف على الجسر لبضع دقائق ليلقوا نظرة اخيرة على المدينة الساحرة وكانوا في تلك الدقائق القصيرة يتنهدون قبل أن يجروا إلى السجن المظلم لسنوات طويلة فسمي هذا الجسر بجسر التنهدات. كلنا يحمل في داخلة ولو القليل من الطاقة السلبية وليس السجناء فقط ، فعندما تجد نفسك غير قادر على اتخاذ قرار من بين عدة خيارات. 1. تذكر جسر التنهدات، تنهد أخرج كل الطاقة السلبية الكامنة في نفسك . 2. تذكر محل القهوة وبأنه إسقاط مصغر للحياه التي نعيشها ولن تستمع بكوب قهوة لذيذ إلا إذا أحسنت الاختيار 3. تذكر نفسك، فلك أن تختار الخيار الحقيقي .... عليك أن تكتشف ذاتك وأن تعرف من أنت لتختار ما تريد.