اقتحمت المرأة البحرينية ساحات عدة كان يحتكرها الرجال، ولطالما أتثبت قدرتها على التحدي والمغامرة، ولعل من أحدث الميادين الغوص في أعماق البحار، بعد أن ظهر على الساحة عنصر نسائي يحمل رخصة دولية للتدريب هي د.مريم الكوهجي التي فتحت الباب على مصراعيه أمام البحرينيات بتحقيق رغبتهن في خوض هذه التجربة الفريدة.
مريم الكوهجي دكتورة في الجراحة العامة في مستشفى السلمانية الطبي، تغوص في أعماق البحر لتنفيس ضغوط الحياة اليومية، فتجد في أعماق البحر ملاذاً آمناً وحضناً دافئاً يزيل عن كاهلها أثقال عصر اتسم بالسرعة وكثرة المسؤوليات والتكنولوجيا التي تغزو أدق اللحظات.
تقول الكوهجي إنها دخلت عالم الغوص بمحض الصدفة، وكون زوجها يمارس مهنة التدريب على الغوص سهل المهمة أمامها، حتى حصلت على الرخصة الدولية التي تؤهلها للغوص والتدريب في آن واحد.
وبعد أن نالت الرخصة شجعها زوجها على التدريب وأن تكون يد العون لنظيراتها اللاتي تملكن الرغبة بخوض هذه التجربة. وكانت البداية في عام 2016 بعد انتهاء تدريبها على الغوص الذي دام أكثر من سنة، فبدأت تدريب النساء حتى بلغن اليوم نحو 20 متدربة إضافة إلى 20 أخريات تدربن ضمن فريق زوجها.
وتقول الكوهجي إن الغوص لا يقف عند عمر، فكل سيدة تملك اللياقة والقدرة تستطيع اجتياز الاختبارات النظرية والعملية بجدارة، ومنهن خالتها التي حققت نجاحاً باهراً بالغوص وهي تبلغ من العمر 53 سنة. وللغوص أساسيات منها رخصة الغوص لمسافة 18 متراً ومن بعدها 30 متراً وأهمها 40 متراً وهو الحد الأقصى. واجتازت المتدربات التدريب على مسافة 18 متر واحتفلن في 15 يوليو الماضي بيوم المرأة بالغوص، إذ أجرت 20 فتاة تجربة الغوص ومارسن بعدها رياضة اليوغا.
وتلفت الكوهجي إلى أن ممارسة هواية الغوص لا تقتصر على البحرين، إذ يتم تنظيم عدد من رحلات السفاري يتم التجرد فيها من جميع ملامح الحياة العصرية، وتكون حياة المشاركين على متن القارب فقط منقطعين عن العالم الخارجي، وآخرها الغوص في السودان.
وعن علاقة مهنة الطب بهواية الغوص، تقول الكوهجي إن أغلب الممارسين لتلك الهواية هم الأطباء كونها من المهن المرهقة، مضيفة أنها جربت عدة هوايات لتنفيس الضغوطات منها السباحة وقيادة الدراجات النارية وجميعها تفرغ جزءاً بسيطاً من الطاقة السلبية، بينما وجدت في الغوص الطريقة المثلى. فكلما تعمقت أكثر شعرت أن المياة تغسلها من تلك الطاقة بصورة تدريجية.
وتنصح الكوهجي كل فتاة تملك الرغبة في تجربة الغوص بأن لا تتردد في خوضها.
وعن حال الحياة البحرية في البحرين، تقول الكوهجي إن "الحياة الفطرية والبحرية مهددة، فقبل عامين كانت أسماك الميمو والزينة والمرجان موجودة، وبعد فترة غصت بنفس النقطة شمال البحرين بـ 75 كيلومتراً من "أمواج" صدمت مما آلت إليه وكأنها صحراء قاحلة، حياة بحرية بلا سمك زينة ولا مرجان بسبب التطور العمراني".
وجود المدربة شجع العديد من الفتيات على التدريب ومنهن هند العوضي التي تملك شغف تجربة كل ما هو جديد، فاختارت هندسة الطيران مهنة والغوص هواية.
ودفع حب البحر هند العوضي للاقتراب من أعماقه، فكان الغوص هو الطريقة الوحيدة لإشباع شغفها، لكن اقتصار هذا العالم على الرجال ولعدم وجود مدربات جعلها تتمهل حتى حان الوقت المناسب. فقررت التسجيل في دورات المدربة د.مريم الكوهجي على الفور ودون تردد، وبالفعل انخرطت بدورة تدريب على الغوص، وخرجت برحلات خاصة بالبنات.
وتصف العوضي تلك الهواية بأنها "غوص في عالم من الجمال، لكنها تعتبر من الهوايات المكلفة والخطرة في آن واحد، فرسوم التدريب تصل إلى 200 دينار، إضافة إلى بدلة الغوص والمعدات باهظة الثمن، فمن الطبيعي أن تصل تكلفة التدريب مع الملابس والمعدات إلى بين 400 إلى 500 دينار. ولكل درجة حرارة بدلة غوص خاصة". وتنصح العوضي الفتيات الراغبات في خوض هذه التجربة بأن تكون لديهن القدرة على تحمل مشاق ممارسة هذه الهواية التي تتطلب صحة ولياقة بدنية عالية.
وكذلك تشجعت الشابة عائشة نواز على تجربة الغوص وشاركت في رحلة السفاري بالسودان التي وصفتها بالمذهلة، فصفاء البحر والحياة الفطرية والبحرية "شيء لا تصفه الكلمات". بدأت عائشة التدريب على الغوص في أبريل الماضي، والصدفة لعبت دورها مع عائشة، عندما كانت تتابع صور التقطها مصور بحريني في عمق البحار، فشعرت بأنها بحاجة لاكتشاف هذا العالم بنفسها.