هل وسائل التواصل الاجتماعي مفيدة أم مضرة؟ وما هي معايير التعاطي معها؟
أسئلة تدور في ذهن الكثير منا، لذلك تطرقت دراسة أمريكية لهذا الأمر في محاولة للوصول إلى إجابة شافية.
بداية، إن الفائدة أو الضرر لا تنحصر في مسألة مقدار الوقت الذي يتم قضاؤه في استخدام السوشيال ميديا أو مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن ما يهم هو كيفية استخدام الشباب لها وما تأثيرها على الصحة العقلية، وفقا لما نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
توصل باحثون من جامعتین في فلوريدا إلى أن بعض عادات وسائل التواصل الاجتماعي، مثل ما یمكن وصفه بدقة بـ"كتابة أمور يقصد بها شد الانتباه وكسب التعاطف"، بمعنى کتابة مشاركات غامضة غالبا ما تكون مثيرة، وتكون مرتبطة بأفكار انتحاریة، هي التي يمكن أن تكون إشارة خطر.
ويقول مؤلفو الدراسة إن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بهذه الطريقة إنما هو إطلاق لصرخة استغاثة طلبا للمساعدة.
ضغوط مالية وعائلية
وتشير النتائج التي توصل إليها الباحثون إلى أن الصحة العقلية تتأثر بشكل كبير بالضغوط المالية والعائلية أكثر مما تتأثر بالوقت الذي يقضيه الشباب في النشر أو تمرير الأفكار.
وبقيادة بروفيسور كلو بريمان من جامعة سنترال فلوريدا، قام الباحثون بعملية مسح بين عدد 467 من الشباب البالغين حول وسائل التواصل الاجتماعي، وتأثيرها على حياتهم الشخصية والعاطفية.
وشملت الاستقصاءات أسئلة عن مقدار الوقت الذي يقضونه كل يوم على السوشيال ميديا، وكيف يستخدمونها، والدور الذي تلعبه في حياتهم.
كما أجاب المشاركون في الدراسة عن أسئلة حول مستويات القلق لديهم، وقدرتهم على التعاطف، وتواتر الأفكار الانتحارية وشبكات الدعم الأسري والاجتماعي.
وأشارت النتائج إلى عدم وجود ارتباطات هامة بين قضاء الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي وإشارات والمشاكل النفسية.
وكانت هذه التصرفات أكثر شيوعا بين الشباب الذين أفادوا أنهم كانوا يعيشون الوحدة، والذين كانوا أكثر عرضة للأفكار الانتحارية.
لكن يحذر المؤلفون المشاركون من الافتراضات الأوسع حول التأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية.
تزايد الاكتئاب
وبالتزامن، توصلت مؤخرا دراسة في جامعة كولومبيا، تناولت أكثر من 600000 شخص، إلى أن الاكتئاب في حالة ارتفاع متزايد في الولايات المتحدة لجميع الفئات العمرية، ولكن الزيادة في صفوف المراهقين تفوق نسبة كبار السن، حيث يعلن 12.7% من الشباب في سن بين 17 و19 عاما عن الشعور بالاكتئاب.
وأشار واضعو هذه الدراسة إلى أن "المراهقين يتعرضون بشكل متزايد لعوامل الخطر المستمدة من استخدام تكنولوجيات جديدة، مثل التسلط وإساءة استخدام الشبكات الاجتماعية". كما افترض باحثو كولومبيا أن الضغوط الأسرية والاقتصادية قد وضعت المراهقين في خطر أكبر من الاكتئاب مؤخرا أكثر مما كانت عليه الحال في الماضي.
وقد تكون العوامل المالية والأسرية هي المؤثرة في مستويات الاكتئاب لدى المراهقين، إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي قد يكون لها تأثير كبير في تفاقم الاكتئاب.
فالطريقة التي يستخدم بها الأشخاص وسائل التواصل الاجتماعي هي التي تنبئ بشكل أكثر دقة عن صحتهم العقلية من الوقت الذي يقضونه عليها.
العلاقات المتوترة
فقد يكون هناك حقا علامة خطر ودلالة على وجود بعض المشاكل الحقيقية فيما ينشره بعض المستخدمين. ولكن، ووفقا للدراسة، فإن الأشخاص الذين يقومون بشكل منتظم بكتابة تلك الأفكار المبهمة يميلون إلى أن يكونوا من محبي الظهور وشد الانتباه.
وبعيدا عن أسلوب الكتابة المبهمة التي تهدف إلى شد الانتباه، كانت هناك ارتباطات أقوى بكثير في الدراسة بين الاكتئاب أو الأفكار الانتحارية وعوامل أكثر تأثيرا مثل العلاقات المتوترة مع الآباء والأمهات.
ولا ينكر المؤلفون أن الاكتئاب في سن المراهقة ومعدلات الانتحار وبعض طرق استخدام وسائل السوشيال ميديا تدعو للقلق، ولكن هناك "قضايا هيكلية اجتماعية أوسع، وهي التي تؤدي إلى تشاؤم واسع النطاق حول الطريقة التي تسير بها الأمور"، بحسب مؤلفي الدراسة.