سأل صديق صديقه لماذا هواء الفجر دائماً نقي؟ فرد عليه لأن أنفاس المنافقين والمتملقين لم تلوث الجو حتى الآن فمازالوا في نوم عميق.

آفة اجتماعية خطرة جداً يعاني منها الجميع في كل مكان وخصوصاً بين أروقة الوظيفة، أصبحت هذه الآفة تخرج في وجوهنا من غير إنذار مسبق كالأشباح المرتدية الملابس البيضاء فتصيبنا بالذعر والإحباط والخوف، في لحظة يجعلوننا نشعر بأن سنوات الدراسة الشاقة، وأعوام الخدمة والخبرة واعتلائك على أول عتبات السلم الوظيفي لتنطلق فيه، ليأتي أحد المتملقين الواشين ليكسر هذه العتبات، يترقب هفواتك، ويتصيد كلماتك العابرة ليضع عليها الكثير من البهارات الهندية قوية المذاق وينقلها إلى الرئيس أو صاحب القرار ليكسب ثقته ويكبر في عينه وليصل إلى الكرسي الذي يحلم فيه مستخدماً ظهور وأكتاف الآخرين للتسلق عليهم.

من جهه أخرى، في مرة من المرات كنت مشاركة في إحدى الدورات التدريبية فطلب احد المشاركين المداخلة، فسمح له المدرب بذلك وبدلاً من أن يتحدث في موضوع الدورة أخذ يمتدح بكل ما يتملك من قوة ويشير بالبنان إلى إحدى مؤلفات مسؤوله في العمل وهو يقول: لقد استطاع المؤلف فلان الفلاني أن يبدع في هذا الجزء من الكتاب، ويظهر أسلوبه الأدبي المنمق في الجزء الآخر أما عن ترابط الأفكار فكانت في منتهى الروعة والرصانة، فهل تتوقعون بأنه لو لم يكن هذا الكتاب لمسؤوله قد قال عنه ما قال؟ أترك الإجابة لكم أحبائي القراء.

أيها المتملقون المتألقون الأفاضل: اجعلوا عملكم هو الذي يتحدث عنكم بدلاً من ضياع الوقت والجهد في هذه الأمور، واجعلوا من إنجازاتكم في العمل المفتاح الحقيقي للوصول إلى ثقة مرؤوسيكم والإخلاص فيه هو الهدف والغاية في جميع ما تنجزه وتأكد وأنا أشدد على ذلك بأن الصعود السريع سيؤدي حتماً إلى الهبوط الأسرع، هبوطاً على وجهك ليترك فيه ندوباً لا تتعالج أبداً وأنت بكل تأكيد لا تريد ذلك.

ويا أصحاب القرار والرؤساء اجعلوا أصابعكم في آذانكم عن هؤلاء الآفة البشرية واحذروا منهم وتأكدوا بأنهم لا يهتمون لمصلحة عملك أو الارتقاء بمؤسستك أو صنع أي إنجاز يحسب لك ولفريق عملك، لذلك أعد تركيزك على موظفينك أصحاب الهمم العالية والطموحات العالية الرفيعة لأنك بهم ومعهم ستحقق النجاح.