قطع غيار متناثرة، رائحة الزيوت تملأ المكان، تقف حنين بين القطع والسيارات لتعلن أن حب "الماكينة" ليس حكراً على الرجال.
حنين نوروز فتاة بحرينية لم تتجاوز الـ21 من العمر، تدير كراج الرحال في منطقة عالي بالفترة المسائية. درست في كلية إدارة الأعمال بجامعة البحرين ولم تكن تتصور يوماً أنها ستجد نفسها تدير "كراج" العائلة، لكن حبها للعمل دفعها الى الالتحاق بالعمل قبل عدة أشهر ومع الوقت وجدت نفسها تتعلق بذلك العالم حتى صار هدفها الأول امتلاك ورشتها الخاصة لتصليح السيارات.
تقول حنين "تشجيع والدي هو العامل الرئيسي الذي ساعدني على الاستمرار والنجاح فقد اعتدت على مرافقته الى "الكراج "منذ الطفولة وتلك كانت بداية معرفتي بعالم السيارات. لم يتردد والدي في تعليمي كل ما يتعلق بالسيارات وإطلاعي على مختلف احتياجات هذا المجال. علمني والدي أن أعتمد على نفسي".
وعن تجربتها الجديدة في العمل، قالت "في البداية لم يكن لدي أي خبرة لكن مع الوقت بدأت أتعلم أن أفرق بين أنواع الزيوت والمبردات. ومع مرور الأسبوع الأول أصبحت أعرف كل ما يتطلبه الأمر لعمل "سيرفس للسيارة "، كما تزامن وصولي مع بدء العمل بنظام الكتروني جديد للكراج. ما دفعني إلى استغلال معرفتي في تطوير هذا النظام وتنظيم الملفات. لم أكن أخرج كثيرا الى ساحات التصليح في البداية واقتصرت وظائفي على المهام الإدارية والرد على الزبائن الذين كانوا كثيراً ما يغلقون الخط ظناً منهم أنهم اتصلوا برقم خاطئ، لكن هذه الحال لم تدم ووجدت نفسي مضطرة لفهم المصطلحات التي كان يستخدمها زبائني، ما دفعني للنزول إلى ساحات التصليح وتعلم أسماء ووظائف القطع المختلفة، حتى أصبحت لدي خبرة كافية عن طريقة التعامل الصحيحة مع السيارة وأصبحت أرد على مكالمات الزبائن بكل ثقة، وأفهم كل ما يقولونه من مصطلحات ومشاكل".
وتضيف "كنت أعتمد على والدي في كل الأمور التي تصعب علي. وكانت الأمور تجري بسلاسة حتى قرر والدي أن يسلمني إدارة الكراج ويسافر. وكان أمراً شديد الصعوبة، فقد وجدت نفسي مضطرة لشراء جميع أنواع "قطع الغيار" للسيارات الموجودة في ساحات الكراج، الأمر الذي كان سهلاً في الوكالات وصعباً ومستغرباً جداً في محلات سلماباد، ففي كل مرة كنت أدخل فيها الى أحد محلات كان العمل يتوقف وأجد نفسي محاطة بنظرات الاستغراب والتساؤلات عما إذا كنت قد دخلت إلى المحل الصحيح. تساؤلات كانت تتحول إلى دهشة بمجرد سؤالي عن القطع أو إعطاء البائعين نماذج للقطع المطلوبة. ورغم صعوبة تلك الفترة، فإنها كانت العامل الرئيس في تطورمعرفتي بعالم السيارات".
وعن أهم الصعوبات التي واجهتها عملياً واجتماعياً، تقول حنين إنها لم تجد دعماً إلا من والدها فيما عارض الجميع بمن فيهم والدتها فكرة عملها في "الكراج" بشدة. وتضيف "لم أسلم من تعليقات الأصدقاء ومضايقات الزبائن. وكثيراً ما اضطررت إلى التعامل مع حالات الصراخ والغضب حيث كان بعض الزبائن يستغل غياب والدي لتفريغ غضبهم، لكن هذا المجال يتطلب الكثير من "طولة البال" والمسايرة ووضع الحدود لمنع التجاوزات. أما العمال فلم يأخذوني على محمل الجد في البداية حيث أنني كنت بالنسبة لهم مجرد فتاة دون أي خبرة وكثيراً ما كانوا يتجاهلون وجودي أو أي طلبات أطلبها. وحاول عدد من الزبائن التحدث معي في مواضيع خارج نطاق العمل وكان الحظر دائماً الحل الأمثل.
وعن تقييم تجربتها، تقول "أعتبر نفسي محظوظة جداً بسبب الدعم الذي قدمه لي والدي وأشعر بالتميز كوني أعرف في عالم السيارات ما يجهله بعض الرجال ولذلك أشجع كل فتاة لديها حلم بالعمل على تحقيقه في أي مجال فالثقة بالنفس هي العامل الأول الذي يدفعنا الى تجاهل التعليقات السلبية ومواجهة الصعوبات".