فاطمة الشيخ
أن يشاهد الخاطب والمخطوبة بعضهما عرف مجتمعي تقره الشريعة الإسلامية، ويعرف بـ"الرؤية" أو "النظرة الشرعية". لكن هذه "النظرة" قد تسبب حرجاً اجتماعياً لأحد الطرفين أو كليهما في حال عدم معرفة أحدهما بالأصول والقواعد.
فهل هناك "اتكيت" اجتماعي للرؤية. وما تفاصيله؟
د.لولوة بودلامة تستعد لإطلاق كتاب "اتكيت المرأة البحرينية" متضمناً فصلاً عما أسمته "أتكيت الرؤية الشرعية".
وتقول د.لولوة لـ"الوطن" "يجب مراعاة قواعد أتكيت الرؤية الشرعية لتفادي المواقف المحرجة التي قد تحصل. ويبدأ الأتكيت بتحديد وقت ومكان الزيارة، وغالباً تكون في بيت المخطوبة أو أحد أقاربها. ويجب على كل من العائلتين مراعاة بعض القواعد أولها الحضور في الوقت المحدد، فالتأخير قد يعطي انطباعا سيئاً عن عائلة الخاطب. ومن الأفضل أن تحدد عائلة الخاطب عدد الحضور لكي تحسب عائلة المخطوبة حسابها في حجم المكان وطريقة توزيع المقاعد، وكمية الطعام والشراب.
ولا يوجد حرجاً مطلقاً من أن تسأل أم المخطوبة أو من ينوب عنها أم الخاطب أو من تنوب عنها عن عدد الحضور كي لا تقع في حرج نقص المقاعد أو الطعام. وجرى العرف أن يحدد مسبقاً من سيحضر من قبل العائلتين، فبعض العوائل تدعو كبار العائلة والعمات والخالات وبعض العوائل يكتفين بعدد محدود وبسيط إلى حين إنهاء مرحلة التعارف الأولية".
وتضيف د.لولوة "تستقبل أم المخطوبة أهل الخاطب، وترحب بهم وتقودهم إلى غرفة الجلوس، وتبدأ بالتعريف عن نفسها وعن أهل المخطوبة الموجودين بالمجلس، وتترك المجال أمام أم الخاطب أو من تنوب عنها أن تعرف بأهل الخاطب.
وجرت العادة ألا تجلس المخطوبة مع أهل الخاطب من بداية الاستقبال، إنما تطلب أم الخاطب أن تشاهد المخطوبة، فتحضر المخطوبة وتجلس مدة قليلة تكون محددة مسبقاً. وإذا كانت النظرة الشرعية في نفس اليوم، فتجلس المخطوبة إلى حين دخول الخاطب.
وهنا تأتي القاعدة الثانية من أتكيت الرؤية الشرعية، إذ يجب على الخاطب أن يطلب الإذن مسبقا لرؤية الفتاة، ولا يجوز أن يدخل دون إذن ذوي المخطوبة، و بعد موافقة أهل الفتاة يجب أن يرافقه والدها أو أحد إخوانها، لكنهما لا يدخلان معه إلى مجلس النساء ويكتفيان بتوصيله إلى المجلس.
كما يجب تنبيه النساء إلى دخول الخاطب لإلقاء التحية والنظرة الشرعية، ليستعد النساء لاستضافته، ففي المجالس تخلع النساء عادة الحجاب أو النقاب، لذا وجب طلب الإذن قبل الدخول.
وعلى الخاطب أن يبدأ السلام من أم الفتاة أو من تنوب عنها، ويجب ألا ينسى الخاطب أنه لم يتم عقد القرآن حتى الآن وهو بالتالي يعتبر "محرم" على الفتاة وأمها ولا يجوز له مصافحتهما. وأفضل طريقة لتدارك أي خطأ بروتوكولي هنا أن يطلق السلام للعموم، ويجاور أمه أو من تنوب عنها في الجلوس.
وعلى الشاب أن يرفع عينه لرؤية خطيبته، ولكن دون المبالغة في تفحصها أمام الجميع، وألا تطول مدة مكوثه في مجلس النساء عن مدة شربه لفنجان القهوة العربية التي ستقدم له في هذا الموقف، ثم يطلب الانصراف فوراً، فإطالة مدة الجلوس في هذا الموقف غير محببة إطلاقاً".
وعن المخطوبة، قالت بودلامة "يجب على المخطوبة أن تتجهز لهذه الليلة وتأخذ بعين الاعتبار عدم المبالغة في وضع المكياج وأدوات الزينة، فمن المستحب أن يشاهد الخاطب الفتاة التي سيتزوجها على حقيقتها دون مبالغة تصل إلى حد الزيف. و يمكن للفتاة أن ترتدي أي ملابس لائقة بهذه المناسبة.
ويفضل في الخليج أن ترتدي الفتاة "جلابية" خليجية تعكس هويتها لا سيما أن هناك تطوراً هائلاً حصل على شكل الجلابية الخليجية، وأن تبتعد عن لبس الملابس القصيرة أو المبتذلة أو الجينز، او اللبس "الكاجول"، وعلها أيضاً مراعاة قوعد الأدب واللياقة في التعامل مع أهل الخاطب، وإبداء الخجل غير المصطنع"، مضيفة "يجب عدم التطرق إلى مواضيع قد توتر جو النقاش في هذا اليوم مثل الحديث حول السياسة أو الدين أو الجنس، ومحاولة انتقاء المواضيع الاجتماعية الإيجابية التي تؤثر على سير الحوار في هذه الليلة، ومن المفترض أن تكون هذه الزيارة زيارة تعارف بين العائلتين، ويجب استثمارها جيداً في فهم خلفية العائلتين.
وعلى أم الخاطب أن تطلب بشكل صريح ومباشريد الفتاة للزواج نيابة عن ابنها، وألا تفترض أن الأم على علم مسبق بسبب الزيارة، حتى إن ذكرته مراراً من خلال التواصل مع أم الفتاة. فتطلب يد الفتاة بجملة رسمية مثل "نحن هنا اليوم من أجل التقدم رسمياً بطلب الزواج من ابنتكم الفلانية لابني الفلاني". وبما أن الزيارة أتت بعد السؤال عن سيرة الخاطب والموافقة المبدئية عليه، فترد أم الفتاة "نتشرف بكم". وتروي لي إحدى الأمهات أنها أم لأربع فتيات، واتصلت إحداهن لخبطة إحدى بناتها وكانت أسماء بناتها متقاربة فظننت بأنها طلبت يد "مي"، وبعد السؤال والموافقة المبدئية على استقبالهم اكتشفت أنها كانت تقصد "في" بدل "مي" مما جعل العائلة ترفض الزوج للضرر النفسي الذي أصاب الأختين".
وتلفت د.لولوة إلى أن "بعض العائلات، إذا كانت كل الأمور تسير على ما يرام وجرت الموافقة مسبقاً، تلجأ إلى الاتفاق على أمور الزواج مثل تحديد المهر والمؤخر في هذا اللقاء، أما إذا كانت الزيارة للتعارف فقط فيتم تأجيل الحديث في مثل هذه المواضيع إلى حين سماع الموافقة النهائية من الفتاة.
ومن الجميل جداً أن تحضر عائلة الخاطب هدية بسيطة عند زيارتهم أهل المخطوبة، مع عدم المبالغة في الهدية. وهناك بعض العوائل التي لا تجري لقاء التعارف، وتستعيض عنه بمقابلة والد الفتاة أو من ينوب عنه للخاطب سواء بمفرده أو مع أهله من الذكور، وإذا كانت هناك نظرة شرعية فتتم بحضور ولي الأمر، ويجب أن نأخذ في الحسبان أن هناك بعض العوائل لها خصوصية في التعامل مع هذه المناسبات لهذا سأطرح في الكتاب جميع وجهات النظر والقواعد البروتوكولية التي حصلت عليها من عدد من العوائل البحرينية".