حوراء يونس
قبل حلول العام الدراسي الجديد، تتخذ أسر عدة قراراً بنقل أبنائها الطلبة من مدرسة خاصة إلى حكومية. وكان وزير التربية والتعليم د.ماجد النعيمي أعلن في تصريح سابق وجود1400 طالب وطالبة محولين من المدارس الخاصة إلى الحكومية.
يرفض كثير من الطلاب تقبّل فكرة الانتقال إلى مدرسة أخرى بنظام مختلف، ما يخلق مشكلات كثيرة على الصعيدين النفسي والأكاديمي للطالب.
استشارية العلاج النفسي والسلوك المعرفي والعنف الأسري د.شريفة سوار قالت إن "المشكلة الحقيقية وراء رفض الطلاب تقبّل فكرة الانتقال للمدرسة الحكومية تكمن في أولياء الأمور، فهم غالباً يزرعون فكرة "الفخر" في أبنائهم بسبب كونهم في مدارس خاصة وأن المدارس الحكومية دون المستوى، فبالتالي يعتبر الطالب نقله من "جنة" المدرسة الخاصة أمراً سيئاً. كما أن هناك العديد من الأفكار غير الصائبة التي يأخذها أولياء الأمور كمبررات لنقل أبنائهم لمدارس حكومية دون الأخذ بالاعتبار الأضرار النفسية التي قد تحدث بانقلاب موازين الطفل، كفكرة منع الاختلاط والخوف من الانحراف متناسين دور الوازع الديني. أما في الحالات الأخرى التي يضطر فيها ولي الأمر لنقل ابنه كالضائقة المالية فينبغي أن تشرح أسباب النقل للابن بالتدريج وليس بطريقة "خذوه فغلّوه" و"عادي باجر ينسى ويتعود" كما تفعل الغالبية".
الأطفال أكثر تقبلاً
وأضافت د.سوار أن "الأطفال أكثر تقبلًا لعملية الانتقال، إذ إنهم مقبلون على الحياة وليسوا مدبرين، كما أن نفسيتهم على استعداد للبناء ولديهم القابلية للتأقلم بسرعة أكثر من الكبار. ويكمن دور أولياء الأمور في تهيئة الطفل عبر فتح باب الحوار مع الطفل واحترام رغبته، والشرح الكامل لأسباب النقل والتحدث معه دون حواجز بطريقة عفوية مما يسهل عملية الشرح. والأهم من ذلك اتباع أسلوب الترغيب وليس الترهيب، إذ غالباً ما تسبق عملية نقل المدرسة الانتقال لمنزل جديد وبيئة جديدة، مما يتيح للأسرة ابتكار أساليب مميزة لتهيئة الطفل لتقبل البيئة الجديدة وتشجيعه في إطار الواقعية بعيداً عن الكذب، وذلك باتباع نظام المكافآت وأخذه لزيارة مدرسته الجديدة ومنطقته بشكل عام والتعرف على مرافقها قبل بدء العام الدراسي وإتاحة المجال للطفل للحوار مع المعلمين الجدد عبر التركيز على مزايا المدرسة الجديدة التي ستقنع الطفل بأن البيئة الجديدة هي الأفضل له"، مؤكدة أن "أكثر ما يعاني منه الأطفال كثرة الواجبات المدرسية، فهي لا تتيح المجال لإبداع الطفل، وبذلك يمكن تهيئته عبر اتباع أساليب جديدة وممتعة في حل الواجبات وإقناع الطفل بأن المدرسة الجديدة ستخفف كمية الواجبات". وتلفت إلى أن عناد الطفل وإصراره على عدم الذهاب للمدرسة يرتبط بحالة تسمى "”School refusal أي"رفض المدرسة"، وهو مصطلح يشير إلى رفض الطفل الذهاب للمدرسة بسبب مشاعر القلق والخوف تجاه المدرسة والانعزالية، وغالبًا ما يستغل الطفل الذي يعاني من "رفض المدرسة" نقله إلى مدرسة أخرى عبر العناد، وتعد هذه الحالة من أخطر الحالات وغالبًا تأخذ وقتًا طويلًا للعلاج بسبب تراكم القلق والأفكار السلبية في عقل الطفل، وتأتي عند نشأة الطفل في بيئة لا تسمح للطفل بالحوار وإبداء الرأي".
المراهقة أكثر خطورة
أما بالنسبة لمرحلة المراهقة، فتؤكد د.سوار أنها "المرحلة الأخطر للقيام بعملية الانتقال إذ إنها غالبًا ما تؤدي لحدوث "كبوة" في الدراسة يبدأ فيها الأداء والمستوى الأكاديمي بالانحدار، إذ تنصّب اهتمامات المراهق على أشياء أخرى فينصرف عن الدراسة. يجب أخذ الحذر عند التعامل مع المراهقين وتحمّل ردة أفعالهم تجاه عملية النقل ومشاعرهم تجاه المدرسة القديمة وأصدقائهم، فالصداقة تلعب دوراً مهماً في حياتهم. والمراهق لا يهتم للإرشاد والتوجيه بقدر ما يهتم لمن يسمعه ويحترم رأيه، وكثير من أولياء الأمور يقومون بعكس ذلك وتكون ردة أفعالهم تجاه عناد المراهق ورفضه لفكرة الانتقال عبر التعنيف سواء كان لفظياً أو جسدياً، فعندما يتم تعنيف المراهق في المنزل سينعكس ذلك سلباً على البيئة الدراسية، فيصنع منه شخصية مهزوزة ولن يصرح برأيه مستقبلًا وسيتردد حتى في رفع يده والمشاركة في الصف، علمًا أن المراهقين هم أكثر الأشخاص عرضة للتعنيف في المنزل. وبدلًا من ذلك يجب اتباع أسلوب الحوار وطرح إيجابيات وسلبيات فكرة الانتقال ونقاشها بجميع جوانبها مع المراهق، فعند اتباع هذا الأسلوب ستتم تلقائياً تنمية العديد من المهارات للمراهق يحمي فيها نفسه من الانسياق للأفكار السلبية أو لأصدقاء السوء".
إضراب عن الطعام
زهراء علي طالبة نُقلت من مدرسة خاصة لمدرسة حكومية في المرحلة الإعدادية تقول "سيكون الأمر أسهل لو تم نقلي عندما كنت في سن أصغر. أعتقد بأنه من الصعب التأقلم مع مناهج دراسية تخالف ما اعتدت عليه، إذ لم أعتد دراسة المواد باللغة العربية والتي أظنها أصعب بكثير من الإنجليزية، كما أن المدارس الحكومية تفتقر للأنشطة التي اعتدت ممارستها في مدرستي الخاصة".
آمال عبد الله (45 عامًا) نقلت ابنها في الصف الأول الإعدادي من مدرسة خاصة إلى حكومية، تقول "سجّلت ابني في مدرسة خاصة ليكتسب أساسيات اللغة الإنجليزية في المراحل الأولى، لكن الأقساط ترتفع مع بدء كل مرحلة جديدة. لم نخبر ابني بمخطط نقله مسبقًا وتمت العملية دون علمه إلا قبل أيام قليلة من بدء الدوام المدرسي. لم يتقبل ابني الفكرة وأضرب عن الطعام وحاول إيذاء نفسه واقناعنا بشتى الطرق، حتى أنه أطلق "هاشتاق" مع رفاقه يطالبون فيه بالعودة لمدرسته القديمة. لكنني رفضت الاستماع لما يقوله، مما زاد الأمر سوءًا حتى رفض الذهاب للمدرسة في الأسبوع الأول، لكن بعد اتباع أسلوب الحوار بلطف معه واخباره بأنه سيتم تخصيص يوم كل أسبوع للقاء أصدقائه قرر خوض التجربة".
ليلى عبد العزيز نقلت ابنتها في الصف الخامس من مدرسة خاصة إلى حكومية. تقول "بشكل عام أجد أن المدارس الخاصة أفضل من الحكومية من ناحية المناهج والتعليم ولكن جاء هذا القرار بسبب ملاحظتي أن المدارس الخاصة لا تعتني بحالات "التربية الخاصة" وصعوبات التعلم إذ تعاني ابنتي من مشكلة صعوبات التعلم. لم تعارض ابنتي أبداً فكرة النقل إذ إنها مسالمة جداً وتحب التغيير المستمر وتأقلمت بسرعة. فجميع المواد في المدرسة الخاصة كانت تُدرّس باللغة الإنجليزية وكانت تعاني من صعوبة في الاستيعاب نظرًا لحالتها، كما أن مستواها ثابت في المدرستين فهو بين الجيد جداً والجيد نظراً لحالتها".