وحسب العربية نت أظهر بركان تامبورا في اليوم الخامس من شهر ابريل سنة 1815 أولى إشارات ثورانه، فخلال ذلك اليوم اهتزت المنطقة على وقع انفجار كان هذا البركان مصدره لتتصاعد على إثر ذلك كميات من الدخان نحو السماء. طيلة الأيام الخمسة التالية عاشت المناطق المحيطة ببركان تامبورا على وقع عدد من الانفجارات والهزات الأرضية الخفيفة، لكن مع حلول يوم العاشر من شهر إبريل سنة 1815 دوّى صوت انفجار رهيب اهتزت على إثره مناطق على بعد أكثر من ألف ميل عن البركان ، فضلاً عن ذلك بلغ صوت الانفجار منطقة سومطرة التي كانت تبعد حوالي 1600 ميل عن بركان تامبورا حيث سمع الأهالي هنالك صوتا شبيها بصوت انفجار مدفع عملاق.
رسم تخيلي لثوران بركان تامبورا سنة 1815خلال الساعات التالية ألقى بركان تامبورا نسبة هائلة من الحمم حول المناطق المحيطة به، كما قذف هذا البركان كمية كبيرة من الأحجار البركانية الملتهبة على بعد عشرات الكيلومترات متسبباً في خراب العديد من القرى. على حسب الخبراء المعاصرين، بلغت شدة تفجر هذا البركان سبع درجات حسب مؤشر التفجر البركاني، فضلاً عن ذلك ألقى بركان تامبورا خلال ثورانه أكثر من تسعة أميال مكعبة من المقذوفات متفوقا بذلك على بركان فيزوفا وبركان كراكاتوا ليصنف بذلك "أكبر وأسوأ ثوران بركاني على مر التاريخ البشري".
موقع بركان تامبورا على الخارطةوتسبب ثوران بركان تامبورا في مقتل 12 ألف شخص من أهالي جزيرة سومباوا، وشهدت الأشهر التالية وفاة 80 ألف شخص بالمناطق القريبة من البركان بسبب المجاعة.
طابع بريدي أندونيسي صدر تخليدا لحادثة ثوران بركان تامبورا سنة 1815تزامناً مع كل هذا، ارتفعت من بركان تامبورا كميات هائلة من الرماد والدخان البركاني المليء بغاز ثنائي أكسيد الكبريت والتي استقرت بالغلاف الجوي الطبقي لتتسبب على إثر ذلك في بروز ظواهر طبيعية فريدة من نوعها تمت ملاحظتها في مناطق عديدة من العالم، كان أبرزها ظهور ألوان عديدة في السماء تزامنا مع فترة غروب الشمس.
إضافة إلى هذه الظواهر الطبيعية الفريدة من نوعها، تسببت كميات الرماد وثنائي أكسيد الكبريت التي ارتفعت نحو الجو في ظهور تقلبات مناخية رهيبة ألقت بظلالها على البشرية متسببةً في هلاك الملايين، حيث أدت هذه الجسيمات المتراكمة بالغلاف الجوي الطبقي إلى ظهور ما يعرف بـ"الشتاء البركاني" الذي يتسبب بانخفاض واضح في درجات الحرارة بسبب حجب أشعة الشمس عن الأرض. على إثر ذلك عاش العالم في حدود سنة 1816 على وقع سنة شديدة البرودة تم تلقيبها بـ"سنة بدون صيف".
وتكرّس لقب "سنة بدون صيف" بسبب تواصل هطول كميات هائلة من الثلوج بشمال الولايات المتحدة الأميركية خلال شهر يونيو سنة 1816، كما كان حينها من العادي مشاهدة أشخاص يرتدون ثياب الشتاء خلال شهر أغسطس من نفس السنة. تزامناً مع ذلك انتشرت جثث مختلف أنواع الطيور في أرجاء مدينة مونتريال، وظلت البحيرات متجمدة طيلة فترات السنة، كما أجبر الناس على اصطياد حيوانات مثل الجرذان والراكون واعتمادها كغذاء. وحينها فضّلت أعداد كبيرة من قبائل السكان الأصليين الهجرة بسبب النقص الحاد في الغذاء.
على الجانب الآخر من الكرة الأرضية كان الوضع أكثر سوءا، خاصةً على الساحة الأوروبية حيث تواصل هطول الأمطار بشكل كثيف إلى حدود شهر سبتمبر سنة 1816، وقد تسبب ذلك في فيضانات عديدة كان أسوؤها بسويسرا التي شهدت انهيار العديد من الجسور داخل أبرز مدنها. تزامناً مع ذلك عاشت القارة الأوروبية على وقع مجاعة فظيعة حيث أدى تواصل هطول الأمطار والثلوج إلى إفساد المحاصيل الزراعية وارتفاع الأسعار لتشهد على إثر ذلك مختلف المناطق الأوروبية مجاعة غير مسبوقة أدت إلى انتشار أعمال العنف والشغب. وتفاقمت الأزمة أكثر فأكثر مع ظهور عدد من الأمراض والأوبئة كالكوليرا والتيفوس. ألقت هذه الكارثة ظلالها على مختلف أرجاء القارة الأوروبية متسببة في وفاة الملايين، ففي إيرلندا لوحدها فارق ما لا يقل عن 100 ألف شخص الحياة ما بين سنتي 1816 و1818 بسبب المجاعة ومرض التيفوس. وفي سويسرا تسببت التقلبات المناخية والمجاعة في وفاة حوالي 60 ألف شخص. فضلاً عن كل هذا أدت هذه الكارثة الطبيعية إلى تزايد وتيرة هجرة الأوروبيين نحو العالم الجديد (القارة الأميركية).