بحثت دراسة حديثة في الفوارق الصحية، بين من يستيقظون من النوم مبكرا وأولئك الذين يستيقظون متأخرا، أسفرت عن نتائج قد تكون محبطة للمجموعة الثانية.
وتوصلت الدراسة حسب تقرير نشرته البي بي سي إلى أن من يعتادون السهر طويلا، ومن ثم يستيقظون متأخرا، يعانون مخاطر الإصابة بأمراض مثل الموت المبكر، والاضطرابات النفسية وأمراض الجهاز التنفسي، وهو ما يدعم نتائج دراسات سابقة، أشارت إلى أن معتادي السهر أكثر عرضة لاعتلال الصحة.
لكن هل كونك معتاد السهر أمر ضار لك، وهل يعني أن بعضنا عليه أن يتخلص من السهر، ومن الإفراط في النوم نهارا، لكي يتحول من حياة بومة الليل إلى عصافير الصباح الباكر؟
وبعد معاناة من أجل النوم، تجد نفسك تقوم فجأة من نومك على صوت المنبه، لكن خلال عطلتك الأسبوعية حيث تكون متعبا تجد نفسك قد نمت طويلا، إلى ما بعد ميعاد استيقاظك المعتاد خلال أيام العمل، حيث تكون مستمتعا بالنوم الثمين.
ربما يبدو هذا طبيعيا تماما، لكنه علامة ليس فقط على أنك لا تأخذ القسط الكافي من النوم، وإنما علامة أيضا على اضطراب ساعتك البيولوجية.
ويعني هذا التعبير الاختلاف بين أوقات نومنا خلال أيام العمل، مقارنة بأيام العطلات، حينما يكون لدينا حرية النوم والاستيقاظ في الأوقات التي نريدها.
وكلما زاد اضطراب الساعة البيولوجية، زادت المشاكل الصحية مثل زيادة مخاطر أمراض القلب ومشاكل التمثيل الغذائي.
أثبتت دراسات أن الأشخاص الذين يعانون مستويات أكبر من اضطراب الساعة البيولوجية معرضون أكثر لممارسة التدخين وشرب الكحول
ويقول راسل فوستر، رئيس مختبر نوفيلد لطب العيون ومعهد النوم والعلوم العصبية، إنه إذا أرغمت شخصا يستيقظ مبكرا على أن يعمل حتى وقت متأخر من الليل، فإنه أيضا سيواجه مشاكل صحية.
"بيولوجيا بشرية"
ويقول البروفيسور تيل روينبرغ، أستاذ علم البيولوجيا الزمني بجامعة لودفيج ماكسيميليان في ميونيخ، إن هذا هو أسوأ خيار.
ويضيف: "إذا لم تأخذ كفايتك من النوم طيلة خمسة أيام، فعليك أن تقتنص النوم في أفضل وقت يناسبك، بل وستكون متأخرا حينها أيضا"
لأن موعد رغبتنا في النوم والاستيقاظ ليس مجرد عادة، أو علامة على الانضباط، وإنما هو أمر يتأثر بساعة جسدنا البيولوجية، والتي يتحدد نحو 50 في المئة منها بجيناتنا الوراثية، ويتحدد الباقي بفعل البيئة والعمر.
ويقول خبراء إن الاستيقاظ مبكرا من غير المرجح أن يتغلب على ميولك الوراثية، وإنما بدلا من ذلك، سوف يعمق من حرمانك من النوم، الذي تعاني منه طوال أيام العمل.
وبدلا من ذلك، فإن الطريقة الأفضل لمعتادي السهر أن يعالجوا الساعة البيولوجية لأجساهم، ليصبحوا مثل عصافير الصباح عبر تغيير عاداتهم حين يتعرضون لمزيد من الضوء.
وبالتعرض لضوء الشمس في الصباح، وخفض التعرض للضوء الصناعي في المساء، يمكن أن ندرب الساعة البيولوجية لأجسادنا على الرغبة في النوم مبكرا.
وعوضا عن ذلك، فإن أماكن العمل والمدارس والمجتمع بحاجة إلى أن يبذلوا جهدا، من أجل التكيف مع معتادي السهر، وذلك حسب رأي خبراء في النوم.
ويقول البروفيسور فوستر إنه من المعقول بالنسبة لبعض أماكن العمل، أن تسمح لموظفيها بالعمل خلال الساعات، التي تتوافق مع الساعات البيولوجية لأجسادهم.
وهذا سيؤدي إلى رفع مستوى أداء العاملين، وسيكون طريقة فعالة من أجل توفير نمط عمل، يستمر على مدار أربع وعشرين ساعة طوال أيام الأسبوع.
لكن البروفيسور روينبرغ يذهب أبعد من ذلك، ويرى أن على المجتمع واجب أن يصلح البيئة المعطلة للنوم التي خلقها.
ويقول: "إنها مهمة المجتمع أن يعالج هذا الأمر. مهمة المجتمع أن يوفر مزيدا من الإضاءة في المباني، ومقدارا أقل من الضوء الأزرق الناتج عن شاشات الهواتف والحواسيب، وكذلك إعطاء الناس إمكانية مشاهدة التلفاز دون أن يضبطوا منبهات ساعاتهم".