غزة - عز الدين أبو عيشة

على تكبيرات المساجد وصدح الأطفال بالتهليل، يخرج الفلسطينيون من المنازل قاصدين صلاة العيد في العراء، ومع كلّ لحظة يزيد عدد المقبلين على الصلاة، وترتفع الأصوات أعلى احتفالاً بأجواء عيد الفطر السعيد.



"الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، ولا إله إلا الله" تردد هذه العبارة مئات المرات في عشرات الأماكن التي خصصت لصلاة العيد، عادة ما تكون في أراضٍ فارغة "العراء" اقتداء بسنة رسول الله.

لا تنام فلسطين إذا ما ثبت العيد، وتبقى الأسواق تضج بالمواطنين، ذلك يريد قضاء بعض مستلزمات بيته، وهذا يجهز حاجيات العيد، ومنهم من يكسو أطفاله، كلها أجواء عيد الفطر في قطاع غزّة، رغم ويلات عديدة مرّ بها خلال الأشهر الماضية.



يجتمع الأطفال منذ ساعات الفجر أوّل يومٍ في عيد الفطر السعيد، في حلقات الذكر عادة ما تأخذ شكل دائري، يترأسهم شيخ كبير من المنطقة، ليرددوا عبر مكبرات الصوت تهليلات العيد، وعلى هذه النغمات المموسقة يخرج الناس من منازلهم.

يقضي الناس الأجواء عادة بتبادل التهنئة في العيد، وزيارات قصيرة على الأرحام والجيران والأصدقاء، يتخللها الخروج في الليل لبعض مناطق الترفيه التي لم تعد ترى ملامح لها في غزّة، نتيجة قلة روادها، وليس فحسب بل استمرار انقطاع الكهرباء ساعات طويلة.



ورغم ما تمر به فلسطين من نكبات متتالية، إلا أنّ الوطن رصدت الكثير من الاستعدادات للعيد، في القدس عادت الأجواء تنهض من وسط الألم، وحاول الناس بالإصرار العيش البسيط مع فرحة العيد رغم تنغيص الاحتلال عليهم ذلك، فنصبوا الزينة في حارات البلدة القديمة، وجهزوا الهدايا لتوزع من امام المسجد الاقصى.

لكن الاحتلال الاسرائيلي ومع اقتراب تلك الفرحة، بدأ بنصب حواجز كثيفة في المدينة، ونشر قوات من الشرطة المسلحة في شوارع وزقاق القدس، وكثّف من نصب الكاميرات، ما يؤدي إلى عرقلة قضاء أجواء العيد في عاصمة فلسطين.



"الوطن"، استطلعت اراء بعض من سكان البلدة القديمة للقدس، وكان الاجماع أنّه رغم كلّ شيء سنخرج ونكبر ونهلل في شوارع عاصمتنا، ونعيش أجواء العيد بطابع اسلامي، فالقدس ستنقى اسلامية فلسطينية، ولن نخشى وجود المستوطنين ولا بلاغاتهم للشرطة.

السهرات الجميلة، والسياحة داخل المناطق الجذابة، هو أهم شيء يقوم به شباب الضفة الغربية، فلا بد من استغلال كلّ لحظة من ليالي الفطر السعيد، رغم كل معوقات الاحتلال وعرقلة التنقل بفرضه الحواجز والتفتيش الفردي.



أما الفتيات في الضفة الغربية، ينتظرون على جمرٍ قدوم العيد، للقاء الأحبة من الأقارب والصديقات القدامى، عوضًا عن التنزه خارج المنزل، وتبلغ اجواء العيد جمالها في العيديات، وتشتد المنافسة بين الفتيات من معها مبلغ مالي أكبر.

وتبقى غزّة كالعنقاء، تحاول النهوض من كلّ عثرة، تصنع الحياة من لا شيء، من دون حياة تجد حياة، فرغم 14 ألف جريح، وأكثر من 120 شهيدًا فقط في مسيرة العودة الكبرى ذات الطابع السلمي، إلا أنّ أهالي الشهداء سيحتفلون في العيد.



شباب القطاع الأجواء لديهم مختلفة قليلة، فلا يوجد أماكن للتنزه ولا حدائق كبيرة جذابة، فيقتصر الأمر حينها على تبادل الزيارات والسير في شوارع الحارات، كلّ يحاول الحياة من بيئته.