الأحواز - نهال محمد



لكل شعب أطباع ولكل بقعة أرضٍ ثقافةٌ خاصةٌ بها تجعلها مميزةً عن باقي الأراضي والأقاليم التي تحيط بها أو تحاددها جغرافيًّا، وللأحواز العربية الثقافة والعادات والتقاليد الخاصة التي عاشها الأحوازيون على مر العقود العديدة والمديدة، إلى أن وصلوا إلى يومنا هذا. وهذه الطباع التي تحدثنا عنها هي مجموعة عادات وتقاليد تحولت إلى ثقافةٍ خاصةٍ عبر مضي الزمن وهذا الأمر يرجع إلى المجتمع والجانب الحضاري لذلك المجتمع.

لذلك ثقافة عيد الفطر المبارك في الأحواز لديها خصوصة خاصة في المجتمع الأحوازي ولديها الرسوم والعادات والتقاليد التي ينتهجها الأحوازيون ويعملون بها كل عام في هذا العيد الميمون.

أولًا إن عيد الفطر هو عيد المسلمين والأحوازيون يتبعون الدين الإسلامي الحنيف، ولذلك تجدهم يهتمون بهذا العيد دون غيره من الأعياد نظرًا لسنة الرسول وانتهاجًا بمنهج الإسلام. يعتبر العيد يومًا جديدًا في كل عام ويهتم به الأحوازيون ويُحضرون له انفسهم وبيوتهم وسياراتهم قبل ايامٍ وأسابيع، وقبل العيد بعشرة أيامٍ تبدأ المحلات بالبقاء مفتوحةً ليل نهار نظرًا للبيع وكثرة تردد الناس طول الوقت في السوق، فترى السوق يزدحم وخاصةً محلات الألبسة العربية، الشباب يلبسون أزياءً عربية كالدشداشة والكوفية والعقال، ويتهيأون للمعايدة صباح العيد المبارك. وكذلك محلات بيع المكسرات وحلويات العيد التي تضج بالزبائن دائمًا وتكون الأسواق على الطريقة التقليدية وهي البسات المنظمة كالصف الواحد.

وهنالك ليلة يجهز الأحوازيون فيها أنفسهم وهي ماقبل العيد بليلة والقصد من التجهيز هو النظافة وحلق الرأس والوجه وترتيب البيت وتزيينه ووضع سفرة الحلوى والمكسرات تهيّئًا للعيد. وتعتبر هذه الليلة ليلة الفرح الكبير التي تزدحم فيها الشوارع بالشباب مرتدين زيّهم العربي اكرامًا لهذه المناسبة السعيدة، وكذلك تُطلق في هذه الليلة الألعاب النارية المختلفة باشكالها اعلانًا لعيد الفطر السعيد وتعم أجواء الفرحة في كل الأرجاء.

ويبدأ العيد في الأحواز من معايدة العائلة داخل البيت حيث يعايد الابن أبويه والأكبر منه من أخوته ثم تجتمع العائلة وتهم بالذهاب إلى صلاة العيد التي يقصدها الناس من كل أنحاء مدينتهم، وتقام هذه الصلاة مكانًا واحدًا في كل مدينة وهي صلاة الشكر والحمد للنعمة وعودة هذا العيد على الجميع بسلامٍ وأمانٍ ومحبة، وبعد صلاة العيد ينطلق صوت الرصاص إعلانًا وفرحةً للعيد اعتبارًا هذا العمل تراثًا يأبى الخضوع وينطلق الناس لمعايدة أخوتهم وأصدقائهم وأقربائهم والإنفاق على اليتامى وإعطاء العيدية للأبناء التي هي عبارة عن هدية رمزية أما أن تكون نقودًا أو هاتفًا جوالًا أو أي شيءٍ ثمينٍ يُهدى محبةً بهذه المناسبة الجميلة التي لا تتكرر ولا تعود إلّا مرةً كلّ عام، ولا تقتصر العيدية على الأبناء والأطفال فحسب، بل تشمل الزوج والزوجة والصديق والأخ والأخت والأب والأم هي بالواقع هدية محبةٍ عُرف بها الأطفال ولكنها للجميع ويمكن للجميع أخذها وأهداءها.

وفي العيد ينسى المتخاصمون خصامهم أو يقوم باصلاح ذات البين الكبير من العشيرة أول المدينة ويتم العفو والاصلاح بين العوائل التي وقعت بينها المشاكل على أيدي وجهاء المدن وكبارها. كل هذا وأكثر في الأحواز، ويودع الناس عيد الفطر متمنين أن يعود عليهم بجملتهم التي يعايدون بها (عساكم من عواده).