منذ نهاية الحرب الأهلية وإجهاضِ العبودية عام 1865، عاشت مناطق عديدة من الولايات المتحدة الأميركية على وقع قوانين جيم كرو العنصرية، التي فرّقت بشكل واضح بين الأميركيين، وجعلت من ذوي البشرة السوداء مواطنين من الدرجة الثانية مقارنة بذوي البشرة البيضاء، وحرمتهم من أهم حقوقهم.
وفي اليوم الأول من ديسمبر 1955، استقلت باركس الحافلة لتعود إلى منزلها عقب يوم عمل متعب، وكانت الحافلات أبرز الأماكن التي تتجسد داخلها مظاهر سياسة التمييز العنصري، وبناءً على قوانين جيم كرو، يستقل أصحاب البشرة البيضاء الجزء الأمامي للحافلة، بينما يركب السود بالجزء الخلفي، حيث يتم تجميعهم هنالك على الرغم من كثرة عددهم مقارنة بالبيض.
وأكدت قوانين جيم كرو على ضرورة أن يسافر ذوو البشرة البيضاء وهم جالسون، فيحق للراكب الأبيض أن يجبر الراكب الأسود على ترك مقعده بالحافلة من أجله.
وفي منتصف الطريق، لاحظ سائق الحافلة وجود عدد من البيض الواقفين عقب امتلاء المقاعد المخصصة لأصحاب البشرة البيضاء، فما كان منه إلا أن أصدر أوامره لأصحاب الأربعة مقاعد الأولى بالجهة المخصصة للسود بالوقوف وترك مقاعدهم للمسافرين البيض،وبينما امتثل ثلاثة من الراكبين السود للأوامر، رفضت امرأة التخلي عن مقعدها، مؤكدة على حقها في الجلوس.
ولم تكن هذه المرأة سوى روزا باركس، التي رفضت ترك مقعدها لصالح الرجل الأبيض، وإذا بها تتعرض للاعتقال من قبل رجال الشرطة حال بلوغ الحافلة للمحطة.
وعقب اعتقالها، اتصلت باركس بزوجها ريموند، الذي تواصل بدوره مع المسؤول بالجمعية الوطنية للنهوض بالملونين، إدغار دانييل نيكسون، ليقدم أصحاب البشرة السوداء بمدينة مونتغومري عقب ذلك على تنظيم صفوفهم استعداداً لتنظيم حركة احتجاجية تاريخية ضد قوانين جيم كرو.
وفي ساعة متأخرة من أول أيام ديسمبر 1955، أطلقت الشرطة سراح باركس،وبعد حوالي أربعة أيام، مثلت الأخيرة أمام القضاء الأميركي بتهمة مخالفة قوانين جيم كرو ليصدر في حقها لاحقًا حكم بدفع غرامة مالية قدرت قيمتها بنحو 10 دولارات، إضافة إلى 4 دولارات على شكل ضريبة لصالح المحكمة.
وبالتزامن مع فترة المحاكمة يوم الخامس من ديسمبر 1955، نظم الأهالي السود بمدينة مونتغومري حركة احتجاجية قاطعوا من خلالها الحافلات احتجاجاً على القوانين العنصرية، التي كانت تعتمدها مؤسسات النقل، وجاء ذلك قبل أن يقوموا بتشكيل جمعية Montgomery Improvement Association، التي تزعمها البطل الحقوقي، مارتن لوثر كينغ الابن، من أجل تنظيم عملية المقاطعة إلى حين إجهاض القوانين العنصرية المعتمدة بحافلات مونتغومري.
وتسببت عملية المقاطعة في خسارة شركة الحافلات بمونتغومري عائدات مالية مهةة،حيث مثّل السود نسبة 70% من زبائنها.
وأعلنت المحكمة العليا الأمريكية خلال نوفمبر 1956، عن عدم قانونية سياسة التمييز العنصري داخل الحافلات، مؤكدة على مخالفتها للدستور، ليصدر عقب ذلك قرار رسمي بإجهاض القوانين العنصرية المعتمدة ضد السود داخل الحافلات بولاية ألاباما، وعرفت عملية مقاطعة الحافلات بمدينة مونتغومري نهايتها يوم الواحد والعشرين من ديسمبر 1956 بعد حوالي 381 يوماً من بدايتها.
وبفضل رفضها التنازل عن مقعدها بالحافلة لصالح رجل أبيض، تمكنت روزا باركس من إجهاض واحد من أسوأ قوانين جيم كرو بولاية ألاباما، لتلقّب، إثر ذلك، من قبل كثيرين بأم حركات الحقوق المدنية المعاصرة.
وكتقدير على جهودها في الدفاع عن حقوق السود والحريات، حصلت روزا باركس على ميدالية الكونغرس الذهبية عام 1999. وعقب وفاتها عام 2005 عن عمر يناهز الـ92 سنة، أصبحت أول امرأة أميركية تعرض جثتها بمبنى الكابيتول، وذلك قبل أن يتم نقل رفاتها نحو مدينة ديترويت بولاية ميشيغان.