يعتبر صوت عقارب الساعة أثناء تحركها أفضل صوت يعشقه الساعاتي الأردني سميح آندي الذي يقضي ساعات طويلة يومياً في ورشته، حيث يقوم بإعادة تجميع الساعات المعطلة إلى أن يسمع صوت دقاتها مجدداً.
وتعمل عائلة اندي وهو أب لسبعة أبناء في مجال تجارة وإصلاح الساعات منذ عشرات السنين، وسبق لوالده أن فتح محلاً في بلدتهم الأولى، الرملة بفلسطين، التي كانت تحت الانتداب عام 1936، ثم لاحقاً في العاصمة الأردنية عمان عام 1948.
ويتذكر اندي قضاءه سنوات إلى جانب والده يراقبه بينما يقوم بعملية معقدة لتفكيك ثم إعادة تجميع المئات من الساعات.
وقال اندي “تعلقي بالمهنة له أسباب وراثية بالدرجة الأولى، وثانيا هي وظيفة رائعة تتطلب لحظات اختلاء وصفاء وتركيز وتفكير عميق، هي حرفة رائعة، لكنها غير سهلة بالمرة”.
وعملية إصلاح الساعات اليدوية يمكن أن تكون معقدة للغاية مع وجود أكثر من 400 جزء متحرك بها، وأضاف اندي أنه يستمتع بعملية إعادة هذه الساعات للعمل مرة أخرى.
وعلى الرغم من التطور التكنولوجي، أكد اندي أن زبائنه يجلبون له ساعات عمرها العشرات من السنين ليصلحها. وينظر هؤلاء الزبائن إلى اندي باعتباره يحافظ على ذكرياتهم وليس مجرد ساعاتي يصلح ساعاتهم القديمة.
وعن ذلك قال اندي “غالبا الساعات التي يكون أصحابها قد ورثوها عن آبائهم أو أجدادهم أو أحد أقاربهم تكون لها مكانة خاصة وتزداد قيمتها، وتعتبر عند هؤلاء ثمينة، لذلك يحرصون على إعادتها للحياة من جديد، كما أنها في الكثير من الأحيان تعود هذه الساعات إلى ماركات معروفة، ولهذا فإنني أتلقى الكثير من الطلبات التي يرغب أصحابها في إحياء ذكرى عزيزة باستعادة ساعات عمرها 60 أو 70 أو 80 سنة إلى العمل من جديد”.
وأوضح الساعاتي الأردني "71 عاما" أن أشد ما يقلقه هو احتمال اختفاء مهنته، لا سيما في عصر التكنولوجيا وسيطرة الآلة بدلاً من الورشة.
ولذلك حرص اندي على تعليم أولاده الذكور مهنته، التي لم يرغب فيها أحدهم بينما أحبها اثنان، مشيراً إلى أن هذه المهنة “تتعلق أساساً برغبة من يعمل بها، فأنا لدي ثلاثة أولاد، الصغير موجود بأميركا ولا رغبة له بذلك، أما أحمد ومحمد فلهما رغبة وتعلما الصنعة على أصولها”.
وتابع أنه إذا لم يكن وراءه من يدير المحل فستنتهي المهنة.
وقال محمد اندي بن سميح “في الحقيقة تعلمت هذه الحرفة عن جدي رحمه الله ومن ثم عن والدي، وأنا وأخي أحمد مستمران وسنحاول بدورنا تعليمها لأبنائنا”.
ويقع محل اندي في وسط العاصمة عمان حيث يتمنى أن يستمر لسنوات قادمة.