فتح عامل توصيل الطلبات الباب الخارجي للمقهى ليضع الصناديق التي يحملها في الردهة، لكنه ووجه بصوت نسائي صارم، “من فضلك أبق بالخارج، يمكنني أن أجلب الصناديق إلى الداخل بنفسي”.

كان هذا صوت شاني، النادلة بالمقهى، وأدرك العامل أنه لا يستطيع أن يتجاوز مكانه، أو أن يدخل إلى حيث تجلس المترددات على مقهى “ليدي حقه” المخصص للنساء الراغبات في تدخين النرجيلة "الشيشة"، في خصوصية، بحي كروزبرغ وأغلبية سكانه من العرب والأتراك في برلين.

حتى صاحب المقهى لا يمكنه الدخول، تقول شاني، التي تبلغ من العمر 23 عاماً، “أستخدم جهاز إرسال واستقبال لاسلكي للتحدث معه عندما يكون بالخارج”.

وافتتح محمد أرميح المقهى المخصصة “للنساء فقط” نهاية شهر يوليو عام 2018، وقد استلهم الفكرة من شقيقاته.

يقول أرميح، “كانت شقيقاتي يشتكين من آن لآخر من تحديق الرجال فيهن، ومن محاولات مغازلتهن، وكن يبحثن عن مكان يستطعن فيه الجلوس معاً في هدوء وخصوصية بعيداً عن أعين المتطفلين من الرجال”.

ويبدو أن الفكرة لاقت نجاحاً، ففي عطلات نهاية الأسبوع عادة ما يتم حجز جميع مقاعد المقهى، التي تبلغ 60 مقعداً بالكامل.

وتقول شاني، “الكثير من النساء يحجزن مقاعد لعطلة نهاية الأسبوع قبل الموعد المطلوب بأسبوع”، ومع ذلك، من السهل إلى حد ما العثور على أحد المقاعد الفاخرة بالمقهى أثناء أيام العمل الأسبوعية.

وفي عصر هذا اليوم الذي زارت فيه المطعم ، لا يوجد سوى اثنتين من الزبائن جالستين داخل مقهى “ليدي حقه” هما إبرو وشوكه. وتتناول الفتاتان اللتان تبلغان من العمر 18 عاماً، “الناتشوز”، وهو طبق مكسيكي يقدم كوجبة خفيفة، كما تدخن الفتاتان الشيشة، وتتبادلان الحديث في أمور تخص النساء.

تقول شوكه، التي تطمح لأن تصبح مساعدة لطبيب أسنان، “هنا، نستطيع التدخين دون أن نسمع كلمات حمقاء من رجل، نشعر أن المكان أفضل مقارنة بمقاه أخرى”.

ويقول صاحب المقهى أرميح، “لم يعد الكثير من الناس يذهبون إلى الديسكو لمقابلة الآخرين، ولكنهم يذهبون إلى مقاه الشيشة، وغالباً ما تتعرض النساء لملاحقات الرجال حتى لو لم يكن يرغبن في ذلك”، ويضيف إن المقهى لا يجذب فقط النساء المسلمات حيث يستطعن نزع الحجاب، ولكنه يجذب أيضاً ألمانيات وبريطانيات.

هذا الاتجاه لاقى ردود فعل متباينة بين أوساط الجالية التركية والعربية في برلين، حيث تقول التركية عائشة ديمير، “يجب أن تحظى النساء بحقهن في الخصوصية والجلوس مع بعضهن البعض دون تطفل الرجال عليهن، سواء أكان ذلك داخل مقهى للشيشة، أو أي مقهى آخر”.