نشرت عائلة إماراتية مقطع فيديو، على شبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف الذكية، حيث جمع آباء أطفالهم، وطلبوا منهم إحضار أجهزة ألعابهم الإلكترونية، وشرحوا لهم مخاطرها المتعددة، ثم بدأ الجميع بتحطيم تلك الأجهزة غالية الثمن، حتى لا تستخدم مجدداً، هذه الواقعة، أعلنت من خلالها العائلة أنها “تخلّصت من خطر الألعاب الإلكترونية لحماية عقول أطفالها”.

وبمجرد نشر مقطع الفيديو، تفاعلت معه العديد من الأسر الإماراتية، واتجهت لتكرار السيناريو نفسه بتحطيم أجهزة الألعاب الإلكترونية، لتنطلق “حملة شعبية” لمقاطعة هذا النوع من الألعاب.

ولاقت الحملة صدى كبيراً في الشارع الإماراتي، وبدأ متخصّصون في الطب النفسي، وطب الأطفال، يصوّرون مقاطع فيديو ويشرحون أضرار تلك الألعاب، خصوصاً منها التي تحرّض على العنف وإيذاء النفس، وتفاعلت العديد من الجهات الحكومية مع هذه الحملة الشعبية، وأطلقت جهات أمنية وصحية تحذيرات لأولياء الأمور لحماية الأبناء من “الخطر الإلكتروني”.

وحذرت العديد من الدراسات العلمية من مخاطر إمضاء ساعات طويلة في ممارسة الألعاب الإلكترونية التي تؤدي إلى محاولة الطفل تقليد شخصية بطل اللعبة العنيف، الذي يقتل ويدمر، وتدفع هذه الألعاب الطفل إلى العزلة، بجانب المضارّ التي تخلّفها على صحتهم، وهو ما دفع أسرا إماراتية إلى القيام بحملة شعبية تستهدف التخلص من هذه الألعاب، أيّدتها جهات حكومية رسمية لضمان تأثير إيجابي في جل الأسر.

ويقول حمد الشامسي، أحد أفراد عائلة صوّرت مقاطع تحطيم أجهزة ألعاب إلكترونية “مع تزايد الإقبال على الألعاب الإلكترونية الحديثة، ومع تزايد حوادث العنف والانتحار بسببها، أصبح التصدي للخطر الإلكتروني أمراً حتمياً، حماية لأبنائنا”.

وقديماً كانت تلك الألعاب تستهلك وقتاً قليلاً من يوم الطفل، لكن الآن مع تنوّع الأجهزة الإلكترونية، من هاتف محمول وجهاز لوحي، و”بلاي ستيشن”، أصبح الطفل أسير الشخصيات الإلكترونية، حيث يقضي يومه محاصراً بتطبيقات الألعاب، التي تسيطر عليه، وتجعله شخصاً مغيّباً عن الواقع.

ويضيف الشامسي “من عادات عائلتنا أن يجتمع أفرادها لتبادل الأحاديث ومناقشة المشاكل، ولاحظنا أن أبناءنا يغيبون عن هذه الجلسات، ويقبعون خلف شاشات الألعاب التي جعلتهم حبيسي الغرف، لا يخرجون إلا لدقائق قليلة لتناول وجبات الطعام، وسريعاً ما يعودون لحبسهم الاختياري”.

ويضيف “استفزّ هذا الإدمان التكنولوجي الآباء، لأنه أصاب الأبناء بالكسل والعزلة والهروب إلى العالم الافتراضي، وجعل العنف أسلوبهم في التعامل، واتفق عدد من الآباء على الاجتماع بأبنائهم، لاطلاعهم على أضرار هذه الألعاب من خلال الفيديوهات التي تبثّ في مواقع التواصل الاجتماعي للأطفال الذين أقدموا على الانتحار، وأصابتهم بالسمنة وأبعدتهم عن الرياضة”.

ويتابع الشامسي “صوّرنا مقطع فيديو لنبثّه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أعلنا فيه مقاطعة العائلة لتلك الألعاب، وسلطنا الضوء على أطفالنا الذين أبدوا اقتناعهم وشاركونا تحطيم الأجهزة، رد الفعل كان قويّا، إذ انتشر المقطع، وانهالت علينا التعليقات التي تشكرنا، والتي شجعت العشرات من الأسر على اتخاذ هذه الخطوة”.

ويشاركه أبونايف من نفس العائلة بالقول لقد وفّرنا بدائل ترفيهية لأبنائنا، منها ممارسة الرياضة، وتنظيم رحلات إلى الحدائق ومراكز الأنشطة الفنية وتنمية المواهب”، مؤكدا أنه بالرغم من أن الحملة لاقت دعماً كبيرا من عشرات الأسر، إلا أن البعض انتقدهم، باعتبار أن مقاطعة هذه الألعاب دعوة للرجوع إلى الخلف، بينما كان هناك فريق ثالث يرى أن المقاطعة الجزئية هي الحلّ الأمثل.

وتقول أم أحمد، وهي من العائلات المشاركة في الحملة “من ينظر للمتنزهات التي كانت تعجّ بالأطفال يجدها فارغة، وتحوّل أطفالنا، إلى كائنات كسولة ملتصقة بالشاشات، ما دفعنا لإطلاق هذه المقاطعة لندق ناقوس الخطر، ونعلن حربنا كأسرة تخشى على أبنائها من خطر الألعاب المدمرة”.

وتضيف “تعهدنا جميعا بطرد الهواتف المحمولة من جلساتنا الأسرية، حيث أجبرت أولادي على وضع أجهزتهم خارج المنزل حتى لا تتحول جلستنا إلى أذهان شاردة تجمع بين أجسادها غرفة واحدة”.