عثر عالم الآثار الإيطالي لويغي برينير قبل مائة سنة على قرص فخاري، بموقع أثري قرب بلدة "فيستوس" وسط جزيرة "كريت" اليونانية في البحر المتوسط، والقرص البالغ قطره 15 سنتيمتراً لغز معقد وطلسم كبير، خصوصاً لعلماء اللغات القديمة، ففي وجهيه 241 مقطعاً مركباً من 45 رمزاً مختلفاً، قراءتهما تتم من الخارج للداخل.
ولم يتوصل أحد إلى فهم المدون على القرص الذي يعود للعصر البرونزي المينوسي، أي قبل 4000 عام، سوى عالم بريطاني باللغات أصله يوناني، وهو د. قارس أوينز البالغ 54 سنة، والذي أعلن الأسبوع الماضي، بحسب موقع صحيفة "ديلي ستار" البريطانية، أنه تمكن من قراءة 99% مما فيه، وفهم 50% مما قرأه تقريباً، لذلك فأحد أكبر ألغاز التاريخ قد يفصح قريباً عن معظم أسراره.
الرموز التي نراها محفورة على وجهي القرص، هي الكتابة التي كانت مستخدمة سابقاً في جزيرة "كريت" بماضيها السحيق، وسبق "أوينز" أن أطل في 2014 عبر الإعلام، وتحدث عنها في معرض حديثه عن القرص الذي سمّاه "أقدم CD بالتاريخ" وأخبر وقتها أنه تمكن من فك "بعض شيفراته"، ووجد لما فكه علاقة بالأم وبالحمل وبالولادة، وأن رموزاً أخرى تشير إلى "الآلهة الأم" وإلى ابتهالات إليها.
أما الأسبوع الماضي، فذكر أن اللغة المكتوبة على القرص هي "المينوية" التابعة لحضارة بالاسم نفسه نشأت وازدهرت في جزيرة "كريت" بالألف الثاني قبل الميلاد، وهي من أقدم حضارات اليونان وأوروبا، وبلغت قمة ازدهارها قبل 3000 عام من الميلاد، وأقامت علاقات مع حضارات مثلها في مصر وبلاد الرافدين وقبرص وسواحل الفينيقيين.
أما لغتها "فليست ميتة، وكلمات مثل كريت وفيستوس وكنوسوس، هي مينوية"، وشرح د. أوينز الذي لا يزال يدرس القرص الفخاري وما عليه من حفر محيّر منذ 10 سنوات، أن بعض رموزه، هي لأقواس وسهام وطيور، حتى لعبيد، مما يشبه اللغة الهيروغليفية تقريباً "والباقي لا يزال في خانة اللغز المعقد"، وذكر أن ما فكه حديثاً يشير إلى ابتهالات وصلاة لآلهة من النساء، في إشارة ربما إلى أن حضارة "كريت" كانت تعطي أهمية كبيرة للمرأة ودورها.