عدد من سكان داغستان يسعون إلى الحصول على موافقة السلطات الروسية لإنشاء سرك لحماية رياضة المشي على الحبال التي تعتبر تقليداً محلياً من الاندثار.

ويتقدّم محمد بحذر على دراجته الهوائية فوق حبل يعلو أمتاراً عدة عن الأرض، محيياً بذلك تقليداً يعود إلى قرون عديدة من تاريخ بلده داغستان، الواقعة في جنوب الجزء الأوروبي من روسيا.

ويمارس هذا الفتى البالغ من العمر 13 عاماً، في قرية جهجاه النائية من هذه الجمهورية الروسية الجبلية الواقعة في القوقاز، ركوب الدراجة على حبل معلّق في الهواء، وهو تقليد يوشك على الاندثار.

وبحسب المرويّات الشعبية في داغستان، كان المشي على الحبال وسيلة للانتقال السريع بين القرى الواقعة على قمم المرتفعات.

وقال أسخبالي غاسانوف، مدير مدرسة لفنون السيرك في العاصمة محجّ قلعة: “كان المشي على الحبال وسيلة تنقّل سكان الجبال في داغستان”.

وخلّد السيرك السوفييتي في القرن العشرين، هذا التقليد المحلي القديم في عروضه الفرجوية.

ويعد رسول أباكروف من أشهر رواد هذا الفنّ اليوم، وقد مشى في مطلع الشهر الماضي على حبل يصل بين ناطحتي سحاب في العاصمة الشيشانية غروزني.

وكاد هذا التقليد في محجّ قلعة، أن يندثر لولا جهود أيام الدين أحمد خانوف 68 عاماً، وهو ينقل أسرار هذا الفنّ إلى محمد، ويبدأ هذا الفتى، محمد، تدريباته بتمارين الإحماء، ثمّ يأخذ حبلاً بين يديه ويقفز في الهواء.

ويمارس هذه الرياضة منذ عامين، وقد حقّق تقدّماً كبيراً جداً، بحسب مدرّبه الذي يقول: “لديه مستقبل جيّد وهو لا يخاف من شيء”. وأضاف: “شعبنا يحترم هذا التقليد كثيرًا، ولذا فإنه لن يزول”.

وأفاد المتدرّب الصغير أنه يُقبل على فنّ المشي على الحبال لأن جدّه ووالده كانا يفعلان ذلك، وتابع: “حين أكبر، أريد أن أحيي هذا الفنّ وأنقله لأبنائي وأحفادي”، وهو يحلم بإنشاء مدرسة متخصصة في قريته.

لا توجد في داغستان حالياً سوى مدرسة واحدة للمشي على الحبال، تقع في محجّ قلعة، وقد أسسها أسخابالي غاسانوف الذي يمارس اللعبة منذ سنّ الثامنة عشرة.

ويعتني غاسانوف بفرقة من ثمانية فتيان وفتيات تقدّم عدداً من العروض في هذه المنطقة. لكنه لا يبدو كثير التفاؤل حول مستقبل هذا التقليد، قائلاً “إن هذه المهارة تختفي شيئاً فشيئاً، لكننا نحاول إبقاءها على قيد الحياة".

ومن الأسباب التي تدفعه إلى التشاؤم انحسار الدعم المقدّم من السلطات.

وأوضح غاسانوف: “منذ العام 1995 وأنا أطرق أبواب المؤسسات الحكومية ووزارة الثقافة، محاولاً أن أشرح لهم أن داغستان هي جمهورية سيرك، وينبغي أن يكون لدينا سيرك هنا”.

ويعاني الشباب من الفقر والبطالة، ولذا فهم يبتعدون شيئاً فشيئاً عن تقاليدهم والكثيرون منهم يغادرون إلى الخارج.

وأضاف: “حين نحدّثهم عن المشي على الحبال يسألون: وبماذا ينفعنا ذلك؟”.