طالما كانت السعادة سراً غامضاً، الكل ينشدها بطريقته حتى لو أن ثمة مفاتيح أساسية، هي الصحة والمال والبنين.

وقال مفكر الثورة الفرنسية جان جاك روسو إن السعادة تعني إشباع مختلف الحاجات، محددًا إياها في حساب جيّد في البنك وطعام مطهي جيدا وهضم جيد.

لكن المعارضين يرون أنه من التبسيط المخل أن نفهم السعادة بهذا الشكل المادي البحت، فالخبير العالمي في مجال السعادة إد داينز يرى أن السعادة تعني "مواجهة التحديات بأقصى حدود القدرة، ليكون ذلك مصدرًا للشعور بالبهجة".

وفي الفلسفة القديمة نجد أن الفيلسوف اليوناني أرسطو يخبرنا بأن "كل هدف لا يعد هدفا إلا بالغاية النهائية التي يسلم بها".

فالعبرة بالوجهة أو المقصد، فالسعادة هي طريق ونظام وأسلوب حياة، له غاية أو وجهة أو هدف بعيد يبحث عنه المرء، كأن يخلد نفسه في سجل التاريخ بإرث فكري أو فني، أو مشروع معين.

وربط داينز مفهوم السعادة بأبعاد مادية رغم إشارته إلى أنه يتجاوز ذلك التبسيط، فهو يرى أن السعادة تعني "القدرة على النمو المريح" و"ممارسة الرياضة العادية"، وغير ذلك من الأفكار والممارسات.

وينشأ الإنسان في محيط معين يبدأ بالأسرة أو الوالدين ومن ثم المدرسة فالمجتمع ككل، ولابد أن لكل ذلك أثره في تشكيل مفاهيم المرء حول دوره وسعادته في الحياة.

لكن هناك محفزات أخرى للسعادة كالاجتهاد والعمل والقراءة وغير ذلك من أساليب بناء الذات، كما أن بيئة الفقر والثراء قد تكون مؤثرة في بعض الأحيان.

والآن في بريطانيا، أصبحت جامعة بريستول مؤخرا أول جامعة في المملكة المتحدة تقدم دورات لطلبتها حول السعادة، وهي دورة اختيارية تستغرق 10 أسابيع.

ويتزامن العاشر من أكتوبر مع اليوم العالمي للصحة العقلية، حيث من المفترض أن تبدأ هذه الدورات التي تسعى لتدريس الطلبة استراتيجيات تمكنهم من العيش في حياة أكثر إشباعا.

وبحسب صحيفة "مترو" البريطانية فإن هذه الدورة تقوم على استكشاف معنى السعادة، وتعلم الممارسات الملموسة للطلاب في حياتهم اليومية التي تقربهم من أن يكونوا سعداء.

وتقول الأستاذة جوديث سكواير، نائبة المستشار في الجامعة: "نحن متحمسون حقا لإطلاق هذه الدورة التدريبية الجديدة، والتي تعد رائدة في المملكة المتحدة".