عمان – غدير محموديحتفي المسلمون في الأردن كل عام هجري بشهر شعبان، كونه ترفع فيه الأعمال إلى الله، كما يحرص المسلمون خلاله على الأدعية وإقامة الولائم وتوزيع الصدقات للمحتاجين.ويشهد شعبان في كل عام فرجاً عند الكثيرين نظراً للمعتقدات السائدة في المجتمعات العربية، كونه يرافق يأتي قبل شهر رمضان المبارك. وتشهد الأردن احتفالات جديدة بشهر شعبان نتيجة لتداخل الثقافات وتزايد أعداد اللجوء من دول الجوار والتي أثرت في الثقافة المحلية الأردنية.ويحرص أهل مدينة السلط غرب العاصمة الأردنية عمان، في هذا الشهر على التواصل مع أرحامهم ودعوتهم إلى الطعام، مما يعتبره البعض بديلاً لولائم شهر رمضان المبارك.العراقيون في الأردن.. موروث شعبيمن جانبها، تؤكد المدرسة سوسن العوايشة من سكان مدينة السلط أنها تحرص وأهل منطقتها على إحياء شعبان من خلال إقامة الولائم وتوزيع المساعدات الغذائية والحلوى على الأرحام، والجيران، والمحتاجين، وتشير إلى أنها عادات قديمة تم تورثها عن الأجداد.أم محمد الجبوري، عراقية متزوجة من أردني، ومقيمة في الأردن تحرص سنوياً على إحياء عادة الاحتفال بأول أحد من شهر شعبان، إذ يطلق عليه العراقيون بيوم زكريا تيمنا بالنبي زكريا، وهي عادة يحرص عليها العراقيون من الطوائف كافة حسب قولها،ويعود سبب الاحتفال بهذه الليلة للاعتقاد السائد بأنها الليلة التي تلقى فيها النبي زكريا بشرى ولادة ابنه النبي يحيى، وكان في الـ92 من العمر، ولأجل هذا تعمد النساء اللاتي لا ينجبن خاصة، في هذا اليوم إلى عقد النذور.تقوم أم محمد "يعتبر "يوم زكريا" من بين المناسبات التي توارث العراقيون الاحتفال بها، فيه تقام طقوس خاصة"، وتحرص "أم محمد"، سنوياً على إضاءة الشموع والشكر لله عند أدان المغرب في ذلك اليوم.وقالت "لقد نذرت سابقاً بأن احتفي بيوم زكريا سنوياً عند تلبية الله لطلبي بقدوم ذكر اسميه محمد وبالفعل قد استجاب لي الله بهذا الطلبة حيث أحرص على التحضير لهذا اليوم من خلال إعداد الطعام والحلويات للعائلة والأصدقاء، وإضاءة الشموع وتزينها بورق الآسس والبخور، بالإضافة إلى تحضير حلويات تسمى بالزردة، وهي عبارة عن "أرز وحليب محلى"".هديل السعدي موظفة لدى شركة يمتلكها أردنيون أقاموا في العراق لمدة طويلة تقول إن "العراقيين أدخلوا علينا عادات جديدة وجميلة للاحتفال بشهر شعبان، وهي عادات تبعث الأمل والتفاؤل، حيث يعتبر العراقيون أن إضاءة شموع زكريا يوم مبارك له طقوس خاصة يحرصون على إقامتها سنوياً".الإفتاء: لا يوجد ما يمنع من الاحتفالوحول حكم إحياء ليلة النصف من شعبان، كان الإفتاء الأردني قال في الفتوى رقم "2922"، "ذهب جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة المتبوعة إلى استحباب إحياء ليلة النصف من شعبان، لحديث "يطلع الله عز وجل إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده إلا لاثنين: مشاحن، وقاتل نفس"، رواه الإمام أحمد في "المسند" "11/217"، من حديث عبدالله بن عمرو بسند صحيح بشواهده كما قال المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة، ورواه أيضاً الطبراني في "المعجم" بسند صحيح عن معاذ بن جبل رضي الله عنه مرفوعا، ولكنه قال: "إلا لمشرك أو مشاحن"، قال الهيثمي: رجاله ثقات.حيث أشارت الإفتاء إلى رأي الإمام الشافعي رحمه الله في كتاب "الأم"، "أنا أستحب كل ما حكيت في هذه الليالي، "منها ليلة النصف من شعبان"". وما حكاه هو القيام والدعاء والذكر.ويقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله: "لهذه الليلة "يعني النصف من شعبان"، فضل، يقع فيها مغفرة مخصوصة واستجابة مخصوصة" "الفتاوى الفقهية الكبرى".وقال ابن نجيم من الحنفية، "ومن المندوبات إحياء ليالي العشر من رمضان، وليلتي العيدين، وليالي عشر ذي الحجة، وليلة النصف من شعبان، كما وردت به الأحاديث" "البحر الرائق".وجاء في "التاج والإكليل" "3/319"، من كتب المالكية: "رغب في قيام تلك الليلة"، "يعني منتصف شعبان".ونبه الإفتاء إلى حكمين مهمين نص عليهما العلماء هما استحباب إحياء ليلة النصف من شعبان بالصلاة إنما يكون فرادى، وليس جماعة، لا في المسجد ولا في غير المسجد، وإنما بالقيام الفردي بين العبد وربه. ولذلك نص الفقهاء على كراهة إحيائها جماعة، وجدنا ذلك لدى جميع السادة الفقهاء من المذاهب الأربعة.كما أنه لا يجوز تخصيص هيئة خاصة للصلاة ليلة النصف من شعبان، بما اشتهر عند بعض الناس باسم "الصلاة الألفية"، وهي مائة ركعة يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة سورة الإخلاص عشر مرات، فهذه الصلاة أيضا غير مشروعة، وأنكرها العلماء، ولا يجوز نسبتها إلى الدين، وإنما يصلي المسلم وحده ما تيسر له، ويحرص على كثرة الدعاء وسؤال الله الحاجات.