د.زهرة خليفة
استشارية طب العائلة وممارس للحجامة العلاجية
يعتبر العلاج بالحجامة من أقدم الفنون العلاجية التي عرفها الإنسان في عدد من المجتمعات البشرية من مصر القديمة غرباً، إذ عرفتها منذ 2200 ق.م وتوجد لها رسوم منقوشة على جدران مقبرة الملك توت غنخ أمون وعلى معبد كوم أمبو أكبر مستشفى في ذلك العصر، مروراً بالأشوريين العام 3300 ق.م إلى الصين شرقاً. وفي اليونان من 502 إلى 575 م استخدم هذا النوع من العلاج كثير من الأطباء وخاصة في عهد إبقراط أبي الطب اليوناني.
وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فحث الناس عليها، وقال رسول الله صلى عليه وسلم "من احتجم لسبع عشرة، وتسع عشرة، وإحدى وعشرين، كان شفاء من كل داء"، "ما مررت ليلة أسري بي بملأ من الملائكة إلا كلهم يقول لي عليك يا محمد بالحجامة". وفي حديث آخر "خير ما تداويتم به الحجامة (السلسلة الصحيحة).
وفي الدولة الإسلامية كان محمد بن زكريا الرازي 860-932 أحد رواد الطب وتحدث عن أهمية الحجامة. وذكر ابن سينا 980-1037 الحجامة في كتابه الشهير "القانون في الطب". وكان قدماء الهنود يقطعون أطراف القرون المجوفة لبعض الحيوانات ثم يضعون الجزء الواسع منها على الجلد وبعدها يمصون بالفم بقوة من الطرف الضيق وبعد ذلك يغلقون هذا الطرف بالضغط عليه. ثم استبدلت بقرون الحيوانات كؤوس من الفخار والبامبو أو الزجاج.
وتعرف الحجامة بأنها عملية سحب للدم أو مصه من سطح الجلد باستخدام كؤوس الهواء دون إحداث خدوش أو بإحداث خدوش سطحية على سطح الجلد، وذلك بخدش الشعيرات الدموية بغرض إخراج الأخلاط الدموية الفاسدة والشوارد الحرة وليس "الدم الفاسد" كما يسميه البعض، حيث أن الدم الفاسد يؤدي إلى تسمم الجسم والوفاة.
وتكمن أهمية الحجامة في التشريط وليس في كمية الدم كما يعتقد البعض، فلو كانت الاستفادة في كمية الدم للجأ الشخص إلى التبرع بالدم. وبينت الدراسات أن هناك عدة آليات للاستفادة من الحجامة. وتعتبر الحجامة أشبه بعملية جراحية مُصغرة، فوائدها عظيمة لكن يجب ممارستها في المكان المناسب مثل مركز صحي أو عيادة طبية، مع توافر كل الشروط الصحية الآمنة.
الحجامة الرطبة أفضلها
وللحجامة أنواع سبعة، هي الحجامة الجافة، الحجامة الدموية (الرطبة)، الحجامة المتزحلقة، الحجامة بالبامبو، وتم إدخال الحجامة باستخدام المغناطيس، الحجامة باستخدام الإبر الصينية، والحجامة بالماء. وتفيد الدراسات بأن أفضل أنواع الحجامة المستخدمة في المساعدة في علاج الحالات المرضية هي الحجامة الرطبة (الدموية).
وتعتبر الحجامة نوعاً من أنواع الطب التكميلي وليس بديلة عن الطب الحديث. وغيرت منظمة الصحة العالمية مسمى "الطب البديل" إلى الطب التكميلي أو الطب الطبيعي، أي أنه يستخدم كنوع مساعد للعلاج الحديث مع الاعتماد الكلي في التشخيص على الطب الحديث. فلا يمكن الاستغناء عن الطب الحديث في تشخيص الحالات المرضية مع أخذ التاريخ المرضي وعمل فحوصات مخبرية وإشعاعية إذا لزم الأمر، مثال على ذلك: شخص أصيب بألم في الصدر لا يمكن تشخيص إصابته بجلطة أو ذبحة صدرية دون عمل تخطيط للقلب ولا يمكن نصح الشخص المريض بعمل الحجامة كعلاج دون اللجوء إلى الطب الحديث للمساعدة على التشخيص.
دراسات عن مفعول الحجامة
هناك العديد من الدراسات التي أجريت في الدول الأوروبية وبعض الدول العربية لفهم آليه عمل الحجامة من المنظور العلمي، نذكر من أشهر هذه النظريات ما يلي:
النظرية الأولى: نظرية الأعصاب الشوكية، تحفيز الأعصاب الشوكية الطرفية وهذه عادةً يكون العمل بها في منطقة الظهر حيث وجد بأن التشريط على سطح الجلد يرسل إشارة لمنطقه الدماغ عن طريق الجهاز السيمباثاوي ويحدث رد فعل انعكاسياً عن طريق الجهاز الباراسيمباثاوي الذي يساعد في التخلص من الشوارد الحرة والسموم من الجسم.
النظرية الثانية: لكل عضو في دخل جسم الإنسان نهايات عصبية مشتركة على سطح الجلد، مثال على ذلك التشريط في المنطقة العلوية اليمنى للبطن يرسل إشارات عصبية إلى الكبد ويساعد في علاج الأمراض التي لها علاقة بعملية التنظيم والتخزين والتصنيع في الكبد مثل مرض السكري النوع الأول وارتفاع نسبة الدهون الضارة واستبدالها بالدهون الحميدة شريطة أن يلتزم المريض بمواصلة الحمية والعلاج الدوائي الموصوف له من الطبيب المعالج.
النظرية الثالثة: نظرية مسارات الطاقة، نظرية الطب الصيني. عبارة عن مسارات غير مرئية في جسم الإنسان يحتوي على 12 من المسارات غير المرئية للطاقة. عند تعثر إحدى هذه المسارات فإن هذا يؤدي إلى ظهور أعراض مرضية. وعند وضع الكاسات مع الشفط أو التشريط يفتح مسارات الطاقة الإيجابية ويبدأ الإنسان الشعور بالتحسن والراحة.
النظرية الرابعة: نظرية الخلايا الالتهابية، أثبتت الدراسات أن عمل الحجامة يساعد في التخلص من مادة البروستاجلاندين التي تُفرز عن طريق الخلايا الالتهابية داخل جسم الإنسان المسببة في الإحساس بالألم. مع عمل الحجامة الرطبة فإن المريض يشعر بالراحة والسكينة وبالتالي تخف حدة الألم في الجسم كافة أو الموضع المحدد الذي يشكو منه المريض مثل الظهر والأكتاف والركبتين.
النظرية الخامسة: هناك تجارب أثبتت أن الحجامة ترفع نسبة هرمون تسكين الألم الطبيعي الإندورفين كما هي الحال عند استخدام المادة المصنعة في المستشفيات لتسكين الآلام الحادة في أي عضو من أعضاء الجسم، عن طريق التشريط عبر بوابات الألم على سطح الجلد، حيث تفرز هذه المسكنات من الدماغ لتسكين الآلام. كما أثبتت الدراسات أن الحجامة ترفع نسبة هرمون السعادة السيروتونين داخل الدماغ، ما يخفف من الشعور بالضغط النفسي وتخفيف حدة مرض الاكتئاب وتحسين في النوم عند الأشخاص الذين يعانون من الأرق دون أسباب تذكر.
من فوائد الحجامة الطبية أيضاً تنشيط الدورة الدموية واستخراج الشوارد الحرة والأخلاط الدموية وآثار الأدوية، وتنشيط وإثارة أماكن ردود الفعل ومراكز الحركة بالجسم، وتنشيط العمليات الحيوية في طبقات الأنسجة الجلدية عن طريق امتصاص السموم وآثار الأدوية من الجسم، وتنظيف الدم من المواد الضارة والخلايا الهرمة والتالفة مما يؤدي إلى سهولة جريانه عبر الأوعية الدموية وسهولة ضخ القلب له. كما تزيل الحجامة الخثرات الدموية العالقة على جدران الأوعية الدموية وهذا يدل على أنها تحمي من الجلطات القلبية وتحسن نظام عمل القلب، وكذلك تسليك مسارات الطاقة وإعادة الحيوية للجسم، وتقوية المناعة العامة للجسم وذلك بإثارة غدة الثايموس أمام عظمة القص، تسكين الآلام عن طريق إستخراج البروستاجلاندين، الحجامة تثير المواد المضادة للأكسدة وتحفزها، تقلل نسبة الكوليسترول الضار LDL وترفع نسبة الكوليسترول النافع بالدم HDL، ترفع نسبة المورفين الطبيعي بالجسم، تنشيط عمل الغدد وتنظيم الهرمونات وبخاصة عند إجراء الحجامة عند الفقرة السابعة من الفقرات العنقية، وتنشيط الدورة الدموية موضعياً عن طريق تجمعات دموية في بعض الأماكن التي تحتاج إلى دم زيادة، وتحفيز الجهاز السمبثاوي والباراسمبثاوي وتأثير ذلك على الناحية النفسية للمريض عامة.
إن ممارسات عمل الحجامة تغيرت في الوقت الحالي، وتغير أسلوب وطريقة وآلية عمل الحجامة لكن المبدأ هو نفسه. كما تطورت الوسائل إلى استخدام الكاسات المعروفة مع أجهزة كهربائية للشفط في الدول الأوروبية في مراكز متخصصة للعلاج بالحجامة. حيث توجد عيادات خاصة في مراكز لعلاج الرياضيين وفي مراكز العلاج الطبيعي والتأهيلي. وتستخدم مراكز التجميل الحجامة الجافة لتكبير الثدي وزيادة الدورة الدموية للبشرة وزيادة النضارة كبديل عن العلاجات التجميلية المكلفة.
الحجامة العلاجية للرياضيين
ازاد الإقبال على الحجامة العلاجية وخاصة للرياضيين. ولوحظ عدد من الرياضيين المشهورين في الألعاب الأولمبية الأخيرة لعلمهم أن الحجامة تساعد في تحسين الدورة الدموية وتسرع علاج الإصابة وتحسن الدورة الدموية وترفع مستوى نسبة الأكسجين في الدم المغذي للعضلات وتزيل السموم والشوارد الحرة وتخلص الجسم من حمض اللاكتيك والفوسفات غير العضوي، كما تساعد في تحول الأكسجين الأحادي في الجسم إلى أكسجين ثنائي لتغذية أكثر عدد من العضلات.
موانع وإجراءات مشددة
غير أن هناك موانع أو تحذيرات لعمل الحجامة الرطبة في حال وجود بعض الأمراض أو العمليات الجراحية، على الممارس الصحي أو الحجام أن يكون ملماً بها، مثل أمراض السيولة في الدم كالهيموفيليا الوراثي، وأمراض الفشل الكلوي والكبدي، ومرض السرطان قبل علاجه، وحالات الهلع والخوف، وفقر الدم الشديد، وهبوط ضغط الدم الشديد، والأطفال الذين تقل أعمارهم عن سبع سنوات، والحالات الجلدية الالتهابية الصديدية، والصدفية، إضافة الى الحالات العاجلة التي تحتاج العناية الطبية في المستشفى.
وتعتبر الحجامة أسهل طريقة لنقل العدوى لذلك تم وضع إجراءات مشددة للحصول على تصريح ممارسة مهنة الحجامة في اتباع أساليب الحجامة الآمنة بدءاً من الحصول على التصريح اللازم لمزاولة المهنة واختيار المكان المناسب لإجراء الحجامة مع اتباع شروط الوقاية من العدوى وارتداء الملابس الواقية من العدوى وتعقيم الأدوات الصحية و توفير وسائل التطهير والتنظيف واستخدام الأدوات المستهلكة المعقمة ذات الاستخدام الواحد لكل مريض. كما يشترط على ممارس الحجامة أن يكون حاصلاً على شهادة الإسعافات الأولية بحيث يكون ملماً بإجراءات الإسعاف في حال حدوث أي عارض طارئ لحين وصول الرعاية الطبية المتخصصة. ويشترط على الحجام أن يثبت خلوه من الأمراض المعدية بشهادة صحية وأخذه التطعيمات اللازمة ضد الأمراض المعدية وخصوصاً مرض الكبد الوبائي B.
فاعلية ضد أمراض مزمنة
أثبتت الحجامة فاعليتها في تحسن كثير من الأمراض المزمنة والأمراض المناعية بناءً على دراسات عالمية. حيث أثبتت إحدى الدراسات أن منطقة الكاهل (فوق الفقرة العنقية السابعة للرقبة من الخلف) التي تعتبر احد المواقع الأساسية في الحجامة الوقائية أكثر المناطق التي تتجمع فيها الرواسب والشوارد الحرة بسبب قلة حركة الدورة الدموية في هذي المنطقة. كما اثبتت دراسات فائدة الحجامة الرطبة في علاج الصداع النصفي وآلام أسفل الظهر وعرق النسا وبعض حالات العقم. وأجريت دراسة في تركيا العام 2014 على عدد من المتطوعين الطبيعيين وقارنت نوعية الدم من كاسات الحجامة مقارنه بالدم الوريدي في نفس النقاط على الظهر وتبين أن دم الحجامة يحتوي على نسبة أعلى من الإنزيمات المؤكسدة مقارنهً بالدم الوريدي. وهذه المواد المؤكسدة هي Myeloperoxidase – Malondialdehyde – Nitricoxide. كما أن هناك عدد من الدراسات في سوريا للمقارنة بين دم الحجامة والدم الوريدي للحالات المرضية تفيد بأن دم الحجامة يحتوي على نسبة أعلى من كريات الدم الحمراء الهرمة، وقليل جداً من محتويات الدم الطبيعية مثل البلازما وكريات الدم البيضاء والصفائح الدموية والمضادات الحيوية مقارنةً بالدم الوريدي الذي يحتوي على محتويات الدم الكاملة الطبيعية من كريات الدم الحمراء والصفائح الدموية والبلازما (المصدر، كتاب الحجامة الدواء العجيب).
وأجريت دراسات في جامعة الملك عبد العزيز بن سعود في المملكة العربية السعودية على حالات مرضية لآلام أسفل الظهر، حيث أثبتت النتائج إيجابية للحجامة الدموية في تخفيف حدة الألم.
كما أثبتت دراسة أخرى تم إجراؤها على حالات الاكتئاب تحسناً في مؤشرات جودة الحياة الصحية. ودراسة اخرى مع حالات آلام في الركب في جامعة بريطانية العام 2007، وفي ألمانيا لمعرفة تأثير الحجامة على آلام الركب والرقبة وتأثيرها على ممارسة الحياة اليومية وتبين التحسن في حالة الركب وجودة الحياة.
وهناك دراسات أجريت في السعودية ومصر ودول شرق آسيا ضمنها كوريا وماليزيا والصين لعلاج الحالات المرضية المزمنة وبالذات آلام الظهر والصداع النصفي والأمراض المناعية المزمنة وأثبتت تحسن هذي الحالات المرضية باستخدام الحجامة.
البحرين نظّمت عمل الحجامين
هناك مراكز للحجامة في دول مجلس التعاون ومنها الإمارات، حيث تم إدخال العلاج بالحجامة الطبية في المراكز الصحية للكوادر الطبية. وفي البحرين أيضاً نظراً لازدياد أعداد الحجامين الشعبيين (ما يقارب 500) تم احتضان الحجامين من هيئة المهن الصحية وتدريبهم بالتعاون مع أحد المستشفيات الخاصة للحصول على تصريح لمزاولة الحجامة، لتدريبهم وفق أسس علمية وصحية لمواصلة الحجامة الشعبية ومتابعتهم بناء على ضوابط وشروط. كما يوجد عدد من الأطباء يمارسون الحجامة.
وصدق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال: "إن كان في شيء من أدويتكم من خير ففي شرطة محجم" رواه البخاري ومسلم.
{{ article.visit_count }}
استشارية طب العائلة وممارس للحجامة العلاجية
يعتبر العلاج بالحجامة من أقدم الفنون العلاجية التي عرفها الإنسان في عدد من المجتمعات البشرية من مصر القديمة غرباً، إذ عرفتها منذ 2200 ق.م وتوجد لها رسوم منقوشة على جدران مقبرة الملك توت غنخ أمون وعلى معبد كوم أمبو أكبر مستشفى في ذلك العصر، مروراً بالأشوريين العام 3300 ق.م إلى الصين شرقاً. وفي اليونان من 502 إلى 575 م استخدم هذا النوع من العلاج كثير من الأطباء وخاصة في عهد إبقراط أبي الطب اليوناني.
وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فحث الناس عليها، وقال رسول الله صلى عليه وسلم "من احتجم لسبع عشرة، وتسع عشرة، وإحدى وعشرين، كان شفاء من كل داء"، "ما مررت ليلة أسري بي بملأ من الملائكة إلا كلهم يقول لي عليك يا محمد بالحجامة". وفي حديث آخر "خير ما تداويتم به الحجامة (السلسلة الصحيحة).
وفي الدولة الإسلامية كان محمد بن زكريا الرازي 860-932 أحد رواد الطب وتحدث عن أهمية الحجامة. وذكر ابن سينا 980-1037 الحجامة في كتابه الشهير "القانون في الطب". وكان قدماء الهنود يقطعون أطراف القرون المجوفة لبعض الحيوانات ثم يضعون الجزء الواسع منها على الجلد وبعدها يمصون بالفم بقوة من الطرف الضيق وبعد ذلك يغلقون هذا الطرف بالضغط عليه. ثم استبدلت بقرون الحيوانات كؤوس من الفخار والبامبو أو الزجاج.
وتعرف الحجامة بأنها عملية سحب للدم أو مصه من سطح الجلد باستخدام كؤوس الهواء دون إحداث خدوش أو بإحداث خدوش سطحية على سطح الجلد، وذلك بخدش الشعيرات الدموية بغرض إخراج الأخلاط الدموية الفاسدة والشوارد الحرة وليس "الدم الفاسد" كما يسميه البعض، حيث أن الدم الفاسد يؤدي إلى تسمم الجسم والوفاة.
وتكمن أهمية الحجامة في التشريط وليس في كمية الدم كما يعتقد البعض، فلو كانت الاستفادة في كمية الدم للجأ الشخص إلى التبرع بالدم. وبينت الدراسات أن هناك عدة آليات للاستفادة من الحجامة. وتعتبر الحجامة أشبه بعملية جراحية مُصغرة، فوائدها عظيمة لكن يجب ممارستها في المكان المناسب مثل مركز صحي أو عيادة طبية، مع توافر كل الشروط الصحية الآمنة.
الحجامة الرطبة أفضلها
وللحجامة أنواع سبعة، هي الحجامة الجافة، الحجامة الدموية (الرطبة)، الحجامة المتزحلقة، الحجامة بالبامبو، وتم إدخال الحجامة باستخدام المغناطيس، الحجامة باستخدام الإبر الصينية، والحجامة بالماء. وتفيد الدراسات بأن أفضل أنواع الحجامة المستخدمة في المساعدة في علاج الحالات المرضية هي الحجامة الرطبة (الدموية).
وتعتبر الحجامة نوعاً من أنواع الطب التكميلي وليس بديلة عن الطب الحديث. وغيرت منظمة الصحة العالمية مسمى "الطب البديل" إلى الطب التكميلي أو الطب الطبيعي، أي أنه يستخدم كنوع مساعد للعلاج الحديث مع الاعتماد الكلي في التشخيص على الطب الحديث. فلا يمكن الاستغناء عن الطب الحديث في تشخيص الحالات المرضية مع أخذ التاريخ المرضي وعمل فحوصات مخبرية وإشعاعية إذا لزم الأمر، مثال على ذلك: شخص أصيب بألم في الصدر لا يمكن تشخيص إصابته بجلطة أو ذبحة صدرية دون عمل تخطيط للقلب ولا يمكن نصح الشخص المريض بعمل الحجامة كعلاج دون اللجوء إلى الطب الحديث للمساعدة على التشخيص.
دراسات عن مفعول الحجامة
هناك العديد من الدراسات التي أجريت في الدول الأوروبية وبعض الدول العربية لفهم آليه عمل الحجامة من المنظور العلمي، نذكر من أشهر هذه النظريات ما يلي:
النظرية الأولى: نظرية الأعصاب الشوكية، تحفيز الأعصاب الشوكية الطرفية وهذه عادةً يكون العمل بها في منطقة الظهر حيث وجد بأن التشريط على سطح الجلد يرسل إشارة لمنطقه الدماغ عن طريق الجهاز السيمباثاوي ويحدث رد فعل انعكاسياً عن طريق الجهاز الباراسيمباثاوي الذي يساعد في التخلص من الشوارد الحرة والسموم من الجسم.
النظرية الثانية: لكل عضو في دخل جسم الإنسان نهايات عصبية مشتركة على سطح الجلد، مثال على ذلك التشريط في المنطقة العلوية اليمنى للبطن يرسل إشارات عصبية إلى الكبد ويساعد في علاج الأمراض التي لها علاقة بعملية التنظيم والتخزين والتصنيع في الكبد مثل مرض السكري النوع الأول وارتفاع نسبة الدهون الضارة واستبدالها بالدهون الحميدة شريطة أن يلتزم المريض بمواصلة الحمية والعلاج الدوائي الموصوف له من الطبيب المعالج.
النظرية الثالثة: نظرية مسارات الطاقة، نظرية الطب الصيني. عبارة عن مسارات غير مرئية في جسم الإنسان يحتوي على 12 من المسارات غير المرئية للطاقة. عند تعثر إحدى هذه المسارات فإن هذا يؤدي إلى ظهور أعراض مرضية. وعند وضع الكاسات مع الشفط أو التشريط يفتح مسارات الطاقة الإيجابية ويبدأ الإنسان الشعور بالتحسن والراحة.
النظرية الرابعة: نظرية الخلايا الالتهابية، أثبتت الدراسات أن عمل الحجامة يساعد في التخلص من مادة البروستاجلاندين التي تُفرز عن طريق الخلايا الالتهابية داخل جسم الإنسان المسببة في الإحساس بالألم. مع عمل الحجامة الرطبة فإن المريض يشعر بالراحة والسكينة وبالتالي تخف حدة الألم في الجسم كافة أو الموضع المحدد الذي يشكو منه المريض مثل الظهر والأكتاف والركبتين.
النظرية الخامسة: هناك تجارب أثبتت أن الحجامة ترفع نسبة هرمون تسكين الألم الطبيعي الإندورفين كما هي الحال عند استخدام المادة المصنعة في المستشفيات لتسكين الآلام الحادة في أي عضو من أعضاء الجسم، عن طريق التشريط عبر بوابات الألم على سطح الجلد، حيث تفرز هذه المسكنات من الدماغ لتسكين الآلام. كما أثبتت الدراسات أن الحجامة ترفع نسبة هرمون السعادة السيروتونين داخل الدماغ، ما يخفف من الشعور بالضغط النفسي وتخفيف حدة مرض الاكتئاب وتحسين في النوم عند الأشخاص الذين يعانون من الأرق دون أسباب تذكر.
من فوائد الحجامة الطبية أيضاً تنشيط الدورة الدموية واستخراج الشوارد الحرة والأخلاط الدموية وآثار الأدوية، وتنشيط وإثارة أماكن ردود الفعل ومراكز الحركة بالجسم، وتنشيط العمليات الحيوية في طبقات الأنسجة الجلدية عن طريق امتصاص السموم وآثار الأدوية من الجسم، وتنظيف الدم من المواد الضارة والخلايا الهرمة والتالفة مما يؤدي إلى سهولة جريانه عبر الأوعية الدموية وسهولة ضخ القلب له. كما تزيل الحجامة الخثرات الدموية العالقة على جدران الأوعية الدموية وهذا يدل على أنها تحمي من الجلطات القلبية وتحسن نظام عمل القلب، وكذلك تسليك مسارات الطاقة وإعادة الحيوية للجسم، وتقوية المناعة العامة للجسم وذلك بإثارة غدة الثايموس أمام عظمة القص، تسكين الآلام عن طريق إستخراج البروستاجلاندين، الحجامة تثير المواد المضادة للأكسدة وتحفزها، تقلل نسبة الكوليسترول الضار LDL وترفع نسبة الكوليسترول النافع بالدم HDL، ترفع نسبة المورفين الطبيعي بالجسم، تنشيط عمل الغدد وتنظيم الهرمونات وبخاصة عند إجراء الحجامة عند الفقرة السابعة من الفقرات العنقية، وتنشيط الدورة الدموية موضعياً عن طريق تجمعات دموية في بعض الأماكن التي تحتاج إلى دم زيادة، وتحفيز الجهاز السمبثاوي والباراسمبثاوي وتأثير ذلك على الناحية النفسية للمريض عامة.
إن ممارسات عمل الحجامة تغيرت في الوقت الحالي، وتغير أسلوب وطريقة وآلية عمل الحجامة لكن المبدأ هو نفسه. كما تطورت الوسائل إلى استخدام الكاسات المعروفة مع أجهزة كهربائية للشفط في الدول الأوروبية في مراكز متخصصة للعلاج بالحجامة. حيث توجد عيادات خاصة في مراكز لعلاج الرياضيين وفي مراكز العلاج الطبيعي والتأهيلي. وتستخدم مراكز التجميل الحجامة الجافة لتكبير الثدي وزيادة الدورة الدموية للبشرة وزيادة النضارة كبديل عن العلاجات التجميلية المكلفة.
الحجامة العلاجية للرياضيين
ازاد الإقبال على الحجامة العلاجية وخاصة للرياضيين. ولوحظ عدد من الرياضيين المشهورين في الألعاب الأولمبية الأخيرة لعلمهم أن الحجامة تساعد في تحسين الدورة الدموية وتسرع علاج الإصابة وتحسن الدورة الدموية وترفع مستوى نسبة الأكسجين في الدم المغذي للعضلات وتزيل السموم والشوارد الحرة وتخلص الجسم من حمض اللاكتيك والفوسفات غير العضوي، كما تساعد في تحول الأكسجين الأحادي في الجسم إلى أكسجين ثنائي لتغذية أكثر عدد من العضلات.
موانع وإجراءات مشددة
غير أن هناك موانع أو تحذيرات لعمل الحجامة الرطبة في حال وجود بعض الأمراض أو العمليات الجراحية، على الممارس الصحي أو الحجام أن يكون ملماً بها، مثل أمراض السيولة في الدم كالهيموفيليا الوراثي، وأمراض الفشل الكلوي والكبدي، ومرض السرطان قبل علاجه، وحالات الهلع والخوف، وفقر الدم الشديد، وهبوط ضغط الدم الشديد، والأطفال الذين تقل أعمارهم عن سبع سنوات، والحالات الجلدية الالتهابية الصديدية، والصدفية، إضافة الى الحالات العاجلة التي تحتاج العناية الطبية في المستشفى.
وتعتبر الحجامة أسهل طريقة لنقل العدوى لذلك تم وضع إجراءات مشددة للحصول على تصريح ممارسة مهنة الحجامة في اتباع أساليب الحجامة الآمنة بدءاً من الحصول على التصريح اللازم لمزاولة المهنة واختيار المكان المناسب لإجراء الحجامة مع اتباع شروط الوقاية من العدوى وارتداء الملابس الواقية من العدوى وتعقيم الأدوات الصحية و توفير وسائل التطهير والتنظيف واستخدام الأدوات المستهلكة المعقمة ذات الاستخدام الواحد لكل مريض. كما يشترط على ممارس الحجامة أن يكون حاصلاً على شهادة الإسعافات الأولية بحيث يكون ملماً بإجراءات الإسعاف في حال حدوث أي عارض طارئ لحين وصول الرعاية الطبية المتخصصة. ويشترط على الحجام أن يثبت خلوه من الأمراض المعدية بشهادة صحية وأخذه التطعيمات اللازمة ضد الأمراض المعدية وخصوصاً مرض الكبد الوبائي B.
فاعلية ضد أمراض مزمنة
أثبتت الحجامة فاعليتها في تحسن كثير من الأمراض المزمنة والأمراض المناعية بناءً على دراسات عالمية. حيث أثبتت إحدى الدراسات أن منطقة الكاهل (فوق الفقرة العنقية السابعة للرقبة من الخلف) التي تعتبر احد المواقع الأساسية في الحجامة الوقائية أكثر المناطق التي تتجمع فيها الرواسب والشوارد الحرة بسبب قلة حركة الدورة الدموية في هذي المنطقة. كما اثبتت دراسات فائدة الحجامة الرطبة في علاج الصداع النصفي وآلام أسفل الظهر وعرق النسا وبعض حالات العقم. وأجريت دراسة في تركيا العام 2014 على عدد من المتطوعين الطبيعيين وقارنت نوعية الدم من كاسات الحجامة مقارنه بالدم الوريدي في نفس النقاط على الظهر وتبين أن دم الحجامة يحتوي على نسبة أعلى من الإنزيمات المؤكسدة مقارنهً بالدم الوريدي. وهذه المواد المؤكسدة هي Myeloperoxidase – Malondialdehyde – Nitricoxide. كما أن هناك عدد من الدراسات في سوريا للمقارنة بين دم الحجامة والدم الوريدي للحالات المرضية تفيد بأن دم الحجامة يحتوي على نسبة أعلى من كريات الدم الحمراء الهرمة، وقليل جداً من محتويات الدم الطبيعية مثل البلازما وكريات الدم البيضاء والصفائح الدموية والمضادات الحيوية مقارنةً بالدم الوريدي الذي يحتوي على محتويات الدم الكاملة الطبيعية من كريات الدم الحمراء والصفائح الدموية والبلازما (المصدر، كتاب الحجامة الدواء العجيب).
وأجريت دراسات في جامعة الملك عبد العزيز بن سعود في المملكة العربية السعودية على حالات مرضية لآلام أسفل الظهر، حيث أثبتت النتائج إيجابية للحجامة الدموية في تخفيف حدة الألم.
كما أثبتت دراسة أخرى تم إجراؤها على حالات الاكتئاب تحسناً في مؤشرات جودة الحياة الصحية. ودراسة اخرى مع حالات آلام في الركب في جامعة بريطانية العام 2007، وفي ألمانيا لمعرفة تأثير الحجامة على آلام الركب والرقبة وتأثيرها على ممارسة الحياة اليومية وتبين التحسن في حالة الركب وجودة الحياة.
وهناك دراسات أجريت في السعودية ومصر ودول شرق آسيا ضمنها كوريا وماليزيا والصين لعلاج الحالات المرضية المزمنة وبالذات آلام الظهر والصداع النصفي والأمراض المناعية المزمنة وأثبتت تحسن هذي الحالات المرضية باستخدام الحجامة.
البحرين نظّمت عمل الحجامين
هناك مراكز للحجامة في دول مجلس التعاون ومنها الإمارات، حيث تم إدخال العلاج بالحجامة الطبية في المراكز الصحية للكوادر الطبية. وفي البحرين أيضاً نظراً لازدياد أعداد الحجامين الشعبيين (ما يقارب 500) تم احتضان الحجامين من هيئة المهن الصحية وتدريبهم بالتعاون مع أحد المستشفيات الخاصة للحصول على تصريح لمزاولة الحجامة، لتدريبهم وفق أسس علمية وصحية لمواصلة الحجامة الشعبية ومتابعتهم بناء على ضوابط وشروط. كما يوجد عدد من الأطباء يمارسون الحجامة.
وصدق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال: "إن كان في شيء من أدويتكم من خير ففي شرطة محجم" رواه البخاري ومسلم.