تستعد روسيا، الجمعة من الناحية النظرية، للانفصال عن الإنترنت العالمي، إذ من المقرر أن تنشط نسخة محلية من الإنترنت محاطة بجدار عن بقية العالم، ما يمكنها من حماية نفسها في حالة وقوع هجوم عبر الإنترنت، لكن الخبراء يقولون: إن هذه الخطوة قد تضر البلد أكثر مما تنفعه.

ويشكل هذا الاختبار أحدث خطوة في سلسلة من الخطوات التقنية والسياساتية التي تهدف إلى السماح للحكومة الروسية بفصل مواطنيها عن بقية العالم. ويأتي ذلك وفقاً لمشروع القانون الذي يضع الأساس لشبكة وطنية يتم بموجبها التحكم في مزودي خدمات الإنترنت من قبل روسكومنادور Roskomnadzor، وهي وكالة الاتصالات الروسية.

ويهدف هذا الاختبار إلى منح روسيا القدرة على الانفصال عن الإنترنت العالمي في حالة حدوث حرب إلكترونية، وفي الوقت نفسه، تقديم نسخة مقننة من الشبكة تكون مقبولة للمسؤولين الروس تسمى RuNet. كما يعطي الاختبار الرئيس فلاديمير بوتين سيطرة أكبر على المواطنين الروس.

ولا تزال تفاصيل مشروع القانون غير واضحة، وتقول وكالة الأنباء الروسية إن الهدف هو توفير إنترنت مستدام وآمن ويعمل بشكل كامل. وبحسب ما ورد، فإن روسيا تقوم بذلك عن طريق تطوير نسختها الخاصة من نظام عناوين الإنترنت، بحيث يتم توجيه مستخدمي الويب الروس الذين يحاولون الوصول إلى المواقع الدولية بدلاً من ذلك إلى الإصدارات الروسية. ويمكن إعادة توجيه المواطنين الذين يأملون بزيارة موقع فيسبوك، على سبيل المثال، إلى الشبكة الاجتماعية الروسية VK.

يذكر أنه عندما أقرت روسيا مشروع قانون الإنترنت المحلي الخاص بها، لم يكن من الواضح كيف ستعمل الحكومة فعلاً على تحقيق ذلك، لكن من الواضح الآن أنها تنوي تعديل الأنظمة، بحيث يمكن فصل الإنترنت داخل الحدود الروسية عن الشبكة العالمية.

وجادل المسؤولون الروس بأن هذه النسخة من الإنترنت، ذات السيادة الروسية، ستحمي البلاد من الأذى، لكن الخبراء يقولون إن ذلك قد يجعل روسيا وكامل الويب المفتوح أكثر عرضة للهجوم.

ويستهدف مشروع القانون الروسي دفتر عناوين الإنترنت، أو ما يسمى باسم نظام أسماء المجالات DNS، وذلك بسبب صعوبة التحكم في الخوادم والكابلات المترابطة والبنية التحتية للشبكات التي تعبر الحدود والمحيطات.

وفيما يعمل نظام أسماء المجالات DNS العالمي على تحويل عنوان الويب إلى عنوان IP، فإن النظام الروسي الجديد يستخدم وكيلًا لتوجيه حزم المعلومات بعيداً عن نظام DNS العالمي، ومراقبة مكان وجود البيانات، والسماح لتلك المعلومات بالمرور، أو إعادة توجيهها، أو حظرها تماماً.

ويشابه هذا النظام جدار الحماية الصيني العظيم، لكن روسيا قد تواجه بعض الصعوبة في إعادة إنشاء هذا الجدار، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الإنترنت في روسيا تم تصميمه ليكون مفتوحًا.

وعملت الصين على تقييد الوصول إلى شبكة الإنترنت منذ البداية، وذلك عبر تشريعات صادرة عن الحزب الشيوعي، بحيث يتم ترخيص جميع مقدمي الخدمات من قبل الحكومة، مع مرور حركة الإنترنت عبر شركات الاتصالات المملوكة للدولة.

ويقال إن روسيا أنفقت نحو 300 مليون دولار على خطتها السيادية للإنترنت، لكن من غير المحتمل أن تتمكن الحكومة من ممارسة مستوى السيطرة الذي تطبقه الصين على مواطنيها، وذلك بالرغم من تقييد روسيا الوصول إلى خدمات معينة في السنوات الأخيرة.

وأوضح الخبراء أن واحدة من أهم مزايا الإنترنت هي آلية التجارة عبر الحدود، ولن تتمكن روسيا من تكرار كل خدمة تقدمها الشركات غير الروسية. وبالنظر إلى أن الصين قد أوجدت نظاماً إيكولوجياً قوياً للتجارة الإلكترونية وتطبيقات الأجهزة المحمولة، على عكس روسيا، فإن هذا يجعل من غير المرجح أن تقوم روسيا بالفعل بإيقاف تشغيل الإنترنت.

وبالرغم من احتمالية أن تغلق روسيا الأبواب على اتصالات الإنترنت الخارجية، فإن السياسة المقترحة تدل على وجود اتجاه أكبر بين الحكومات لبلقنة الإنترنت، وهو المصطلح الذي استخدم لأول مرة في عام 2001 لوصف الشبكات الموازية أو الشبكات المتعددة التي تديرها جهات خاصة من أجل تجنب القوانين الحكومية المتشددة وتغييرها.