العربية نت
طيلة القرون المنقضية، أجرى العديد من العلماء أبحاثا حول عمليات نقل الدم من إنسان لآخر. فخلال القرن السابع عشر، نقد الطبيب الإنجليزي وليام هارفي ما توصل إليه كل من أرسطو وجالينوس عقب أبحاث أجراها حول الدورة الدموية. وأثناء نفس الفترة، تمكّن مواطنه الطبيب ريتشارد لوار من إجراء عملية نقل دم ناجحة لكلب كما شهد العام 1667 تجربة فريدة من نوعها نقل خلالها العالم الفرنسي جان باتيست دينيس كمية ضئيلة من دم خروف لإنسان شاحب الوجه.
وعلى الرغم من نجاح تجربته الأولى، لقيت تجارب نقل الدم الأخيرة لجان باتيست دينيس فشلا ذريعا حيث فارق المرضى الحياة وتدخلت السلطات لمنع مثل هذه العمليات بكل فرنسا وإنجلترا. وطيلة القرون التالية، انتظر العالم قدوم الطبيب النمساوي كارل لاندشتاينر (Karl Landsteiner) لفهم عملية نقل الدم من إنسان لآخر حيث أجرى الأخير أبحاثا حول العلاقة بين بلازما الدم والكريات الحمراء لأشخاص مختلفين أفضت لاكتشاف مذهل حصل على إثره على جائزة نوبل للطب.
ولد كارل لاندشتاينر يوم 14 حزيران/يونيو 1868 بمدينة بايدن باي فين الواقعة على بعد 25 كلم جنوبي العاصمة النمساوية فيينا لعائلة يهودية. وفي السادسة من عمره، خسر كارل والده الذي عمل صحافيا بجريدة Die Presse حيث فارق الأخير الحياة عن عمر يناهز 56 سنة، وبسبب ذلك أصبح كارل مقربا من والدته واحتفظ بصورتها معلقة بمنزله طيلة حياته.
لوحة زيتية تجسد الطبيب الإنجليزي ويليام هارفي لوحة زيتية تجسد الطبيب الإنجليزي ويليام هارفي
التحق كارل لاندشتاينر بكلية الطب بفيينا وأنهى دراسته بها عام 1891 واتجه بعدها لدراسة الكيمياء فتتلمذ على يد عدد من كبار العلماء كالكيميائيين الألمانيين إميل فيشر (Emil Fischer) ويوجين بامبيرغر (Eugen Bamberger). ومع عودته لفيينا، واصل كارل لاندشتاينر دراسته بمستشفى العاصمة النمساوية وعمل بداية من سنة 1896 كمساعد لعالم البكتيريولوجيا ماكس فون غروبر (Max von Gruber) كما حصل على رتبة مساعد بجامعة فيينا خلال العام التالي. عمل كارل لاندشتاينر طيلة سنوات على دراسة مناعة الإنسان ودور الأجسام المضادة وأجرى العديد من الأبحاث حول الفيروسات لكن أبرز أعماله جاءت مطلع القرن العشرين.
سنة 1900، لاحظ كارل لاندشتاينر حصول تراص (Agglutination) عند خلط دم شخصين مختلفين مع بعضهما واكتشف خلال العام التالي دور مصل الدم بهذه الظاهرة. وبفضل ذلك، وضع كارل لاندشتاينر حدا للنظرية القديمة السائدة التي حدّثت عن تشابه وتطابق دم جميع البشر.
وانطلاقا من جملة من الأبحاث المخبرية خلط أساسا من خلالها أنواعا مختلفة من الدماء بأنابيب تجارب، قدّم كارل لاندشتاينر أول تقسيم لفئات الدم والذي عرف بنظام ABO فتحدّث عن فصيلة دم A وفصيلة دم B وفصيلة دم أخرى أطلق عليها مبدئيا C وعرفت لاحقا بـ O.
وخلال السنوات التالية، تمكّن العالمان فون ديكاستيلو وستورلي من العثور على فصيلة دم أخرى رابعة أشير إليها لاحقا بـ AB. أيضا، حدّث لاندشتاينر من خلال أبحاثه عن وجود ما يعرف بالأجسام المضادة بالبلازما والمستضدات بخلايا الدم الحمراء مؤكدا على اختلافها من فصيل دم لآخر ومنبها لوقوفها وراء عملية التراص.
بفضل أبحاثه حول فصائل الدم التي ساهمت في ظهور عمليات نقل الدم من شخص لآخر، حصل كارل لاندشتاينر على جائزة نوبل في مجال الطب لعام 1930.
ساهمت عمليات نقل الدم التي أصبحت ممكنة بفضل كارل لاندشتاينر في إنقاذ أعداد هائلة من الأرواح البشرية. إلى ذلك، لم تتوقف إسهامات هذا الطبيب النمساوي عند هذا الحد. فخلال العام 1908، تمكّن كارل لاندشتاينر رفقة زميله ومواطنه إروين بوبر (Erwin Popper) من عزل الفيروس المسبب لشلل الأطفال وأثبتوا خصائصه المعدية.
{{ article.visit_count }}
طيلة القرون المنقضية، أجرى العديد من العلماء أبحاثا حول عمليات نقل الدم من إنسان لآخر. فخلال القرن السابع عشر، نقد الطبيب الإنجليزي وليام هارفي ما توصل إليه كل من أرسطو وجالينوس عقب أبحاث أجراها حول الدورة الدموية. وأثناء نفس الفترة، تمكّن مواطنه الطبيب ريتشارد لوار من إجراء عملية نقل دم ناجحة لكلب كما شهد العام 1667 تجربة فريدة من نوعها نقل خلالها العالم الفرنسي جان باتيست دينيس كمية ضئيلة من دم خروف لإنسان شاحب الوجه.
وعلى الرغم من نجاح تجربته الأولى، لقيت تجارب نقل الدم الأخيرة لجان باتيست دينيس فشلا ذريعا حيث فارق المرضى الحياة وتدخلت السلطات لمنع مثل هذه العمليات بكل فرنسا وإنجلترا. وطيلة القرون التالية، انتظر العالم قدوم الطبيب النمساوي كارل لاندشتاينر (Karl Landsteiner) لفهم عملية نقل الدم من إنسان لآخر حيث أجرى الأخير أبحاثا حول العلاقة بين بلازما الدم والكريات الحمراء لأشخاص مختلفين أفضت لاكتشاف مذهل حصل على إثره على جائزة نوبل للطب.
ولد كارل لاندشتاينر يوم 14 حزيران/يونيو 1868 بمدينة بايدن باي فين الواقعة على بعد 25 كلم جنوبي العاصمة النمساوية فيينا لعائلة يهودية. وفي السادسة من عمره، خسر كارل والده الذي عمل صحافيا بجريدة Die Presse حيث فارق الأخير الحياة عن عمر يناهز 56 سنة، وبسبب ذلك أصبح كارل مقربا من والدته واحتفظ بصورتها معلقة بمنزله طيلة حياته.
لوحة زيتية تجسد الطبيب الإنجليزي ويليام هارفي لوحة زيتية تجسد الطبيب الإنجليزي ويليام هارفي
التحق كارل لاندشتاينر بكلية الطب بفيينا وأنهى دراسته بها عام 1891 واتجه بعدها لدراسة الكيمياء فتتلمذ على يد عدد من كبار العلماء كالكيميائيين الألمانيين إميل فيشر (Emil Fischer) ويوجين بامبيرغر (Eugen Bamberger). ومع عودته لفيينا، واصل كارل لاندشتاينر دراسته بمستشفى العاصمة النمساوية وعمل بداية من سنة 1896 كمساعد لعالم البكتيريولوجيا ماكس فون غروبر (Max von Gruber) كما حصل على رتبة مساعد بجامعة فيينا خلال العام التالي. عمل كارل لاندشتاينر طيلة سنوات على دراسة مناعة الإنسان ودور الأجسام المضادة وأجرى العديد من الأبحاث حول الفيروسات لكن أبرز أعماله جاءت مطلع القرن العشرين.
سنة 1900، لاحظ كارل لاندشتاينر حصول تراص (Agglutination) عند خلط دم شخصين مختلفين مع بعضهما واكتشف خلال العام التالي دور مصل الدم بهذه الظاهرة. وبفضل ذلك، وضع كارل لاندشتاينر حدا للنظرية القديمة السائدة التي حدّثت عن تشابه وتطابق دم جميع البشر.
وانطلاقا من جملة من الأبحاث المخبرية خلط أساسا من خلالها أنواعا مختلفة من الدماء بأنابيب تجارب، قدّم كارل لاندشتاينر أول تقسيم لفئات الدم والذي عرف بنظام ABO فتحدّث عن فصيلة دم A وفصيلة دم B وفصيلة دم أخرى أطلق عليها مبدئيا C وعرفت لاحقا بـ O.
وخلال السنوات التالية، تمكّن العالمان فون ديكاستيلو وستورلي من العثور على فصيلة دم أخرى رابعة أشير إليها لاحقا بـ AB. أيضا، حدّث لاندشتاينر من خلال أبحاثه عن وجود ما يعرف بالأجسام المضادة بالبلازما والمستضدات بخلايا الدم الحمراء مؤكدا على اختلافها من فصيل دم لآخر ومنبها لوقوفها وراء عملية التراص.
بفضل أبحاثه حول فصائل الدم التي ساهمت في ظهور عمليات نقل الدم من شخص لآخر، حصل كارل لاندشتاينر على جائزة نوبل في مجال الطب لعام 1930.
ساهمت عمليات نقل الدم التي أصبحت ممكنة بفضل كارل لاندشتاينر في إنقاذ أعداد هائلة من الأرواح البشرية. إلى ذلك، لم تتوقف إسهامات هذا الطبيب النمساوي عند هذا الحد. فخلال العام 1908، تمكّن كارل لاندشتاينر رفقة زميله ومواطنه إروين بوبر (Erwin Popper) من عزل الفيروس المسبب لشلل الأطفال وأثبتوا خصائصه المعدية.