ما بين أواخر العام 1708 ومطلع العام 1709، عاشت أوروبا على وقع ويلات مجموعة من الكوارث الطبيعية التي هددت حياة البشر وتسببت في سقوط أعداد كبيرة من الموتى، حيث عاشت المنطقة على وقع ما عرف لدى المؤرخين بالشتاء الكبير، أو الصقيع العظيم، والذي صنف كأبرد فصل شتاء شهدته أوروبا على مدار 500 عام.
وإضافة لتأثيراتها الكارثية على السكان والاقتصاد، ساهمت حالة الطقس السيئة خلال تلك الفترة في تغيير موازين القوى بأوروبا حيث انهارت امبراطوريات لطالما أرعبت الجميع وصعدت أخرى لتتحول بشكل سريع لقوى إقليمية.
مع بداية العام 1709، سجلت مختلف مناطق أوروبا درجات حرارة منخفضة جدا مقارنة بالسنوات الماضية، فقد حدّث العالم الإنجليزي وليام ديرهام (William Derham) عن درجة حرارة استقرت عند 12 درجة تحت الصفر بمنطقة آبمنستر (Upminster) شرق لندن يوم 5 يناير وقد صنّفها الأخير حينها كأقل درجة حرارة سجّلها منذ بداية متابعته لحرارة الطقس سنة 1697.
وبالعديد من المدن الأخرى، كان الناس على موعد مع ظواهر غير مسبوقة حيث تشققت وتكسرت جذوع الأشجار من شدة البرد وتحطمت أجراس الكنائس عند قرعها.
في الأثناء، تجمدت المياه بأغلب أنهار أوروبا حيث أكدت مصادر تلك الفترة على تجمّد مياه نهر التيمز بلندن كما علقت السفن بموانئ وقنوات أمستردام لتتعطل بذلك حركة التجارة الهولندية لأشهر.
أيضا، تراكمت كميات هامة من الثلوج بوديان سويسرا والمدن الألمانية وحلت الذئاب بالقرى والمدن بحثا عن الطعام فالتقطت جثث المتوفين وسحبتها نحو الغابات القريبة لنهشها.
وبالشمال، أكد عدد من المؤرخين على تجمد أجزاء كبيرة من نهر البلطيق لأكثر من 4 أشهر وهو ما سمح للأهالي بالتنقل إما مشياً على الأقدام أو عن طريق الأحصنة بين الدنمارك والسويد والنرويج. وبالبحر الأدرياتيكي، حوصرت العديد من السفن بين الجليد واضطر أصحابها لمواجهة البرد القارس والجوع.
وبالبندقية، استخدم الأهالي الزلاجات بدل قوارب الغندول للتنقل بين بحيراتها وقنواتها المائية كما عزلت الثلوج الكثيفة مدنا كروما وفلورنسا لأشهر وقتلت الكثير من سكانها. أما بإسبانيا، فقد تجمد نهر إبرة كما أتلف الطقس البارد كميات كبيرة من أشجار ومحاصيل الزيتون.
وعلى الجانب السياسي، ساهم هذا الطقس السيئ لعام 1709 في إحداث تغييرات جذرية بأوروبا. ففي خضم الغزو السويدي لروسيا ما بين عامي 1708 و1709، جمد الطقس البارد وقتل أعداداً كبيرة من الجيش السويدي الذي اضطر لخوض معركة بولتافا، بأوكرانيا حالياً، في ظروف صعبة ليتلقى هزيمة قاسية على يد القوات الروسية بقيادة بطرس الأكبر ويجبر بذلك على التراجع والانسحاب.
وقد أسفرت هذه الحرب حينها عن فقدان إمبراطورية السويد لعظمتها وفقدانها لجانب هام من ممتلكاتها بالبلطيق، وفي المقابل برزت الإمبراطورية الروسية كقوة إقليمية صاعدة.
وبفرنسا، سادت المجاعة بالبلاد عقب إتلاف كميات كبيرة من المحاصيل الزراعية وقد أدى ذلك لوفاة نحو 600 ألف بسبب الجوع وانتشار الفوضى بالبلاد. أيضاً، أجلت حالة الطقس مطلع العام 1709 القتال بين الفرنسيين والبريطانيين في خضم حرب الخلافة الإسبانية، حيث استأنفت المعارك مع ارتفاع درجات الحرارة لتتلقى فرنسا المنهكة من المجاعة هزائم عديدة كانت أبرزها بمعركة مالبلاكيت (Malplaquet) خلال سبتمبر 1709.
ولم يكن هذا الشتاء القاسي سوى بداية معاناة سكان أوروبا. فخلال شهر أبريل 1709 ذابت الثلوج فشهدت المنطقة العديد من الفيضانات والأوبئة طيلة العام. وأواخر سنة 1708، شهدت روما انتشار جائحة أنفلونزا وقد أدى الطقس البارد لنشر الفيروس بمختلف أرجاء أوروبا متسببا في وفاة الكثيرين.
وقد اكتملت مأساة الأوروبيين بعدها بفضل العثمانيين حيث حل الطاعون بالقارة الأوروبية قادماً كعادته من الدولة العثمانية لينتشر بشكل سريع بالعديد من مدنها.
وخلال الفترة المعاصرة، احتار العلماء في تفسير أسباب شتاء عام 1709. فبينما تحدث البعض عن تراكم كميات كبيرة من الغبار والرماد بالغلاف الجوي بسبب ثوران العديد من البراكين، ربط آخرون بين الطقس السيئ وظاهرة Maunder Minimum "بين عامي 1645 و1715" والتي تراجعت خلالها كميات الطاقة المنبثقة من الشمس.
{{ article.visit_count }}
وإضافة لتأثيراتها الكارثية على السكان والاقتصاد، ساهمت حالة الطقس السيئة خلال تلك الفترة في تغيير موازين القوى بأوروبا حيث انهارت امبراطوريات لطالما أرعبت الجميع وصعدت أخرى لتتحول بشكل سريع لقوى إقليمية.
مع بداية العام 1709، سجلت مختلف مناطق أوروبا درجات حرارة منخفضة جدا مقارنة بالسنوات الماضية، فقد حدّث العالم الإنجليزي وليام ديرهام (William Derham) عن درجة حرارة استقرت عند 12 درجة تحت الصفر بمنطقة آبمنستر (Upminster) شرق لندن يوم 5 يناير وقد صنّفها الأخير حينها كأقل درجة حرارة سجّلها منذ بداية متابعته لحرارة الطقس سنة 1697.
وبالعديد من المدن الأخرى، كان الناس على موعد مع ظواهر غير مسبوقة حيث تشققت وتكسرت جذوع الأشجار من شدة البرد وتحطمت أجراس الكنائس عند قرعها.
في الأثناء، تجمدت المياه بأغلب أنهار أوروبا حيث أكدت مصادر تلك الفترة على تجمّد مياه نهر التيمز بلندن كما علقت السفن بموانئ وقنوات أمستردام لتتعطل بذلك حركة التجارة الهولندية لأشهر.
أيضا، تراكمت كميات هامة من الثلوج بوديان سويسرا والمدن الألمانية وحلت الذئاب بالقرى والمدن بحثا عن الطعام فالتقطت جثث المتوفين وسحبتها نحو الغابات القريبة لنهشها.
وبالشمال، أكد عدد من المؤرخين على تجمد أجزاء كبيرة من نهر البلطيق لأكثر من 4 أشهر وهو ما سمح للأهالي بالتنقل إما مشياً على الأقدام أو عن طريق الأحصنة بين الدنمارك والسويد والنرويج. وبالبحر الأدرياتيكي، حوصرت العديد من السفن بين الجليد واضطر أصحابها لمواجهة البرد القارس والجوع.
وبالبندقية، استخدم الأهالي الزلاجات بدل قوارب الغندول للتنقل بين بحيراتها وقنواتها المائية كما عزلت الثلوج الكثيفة مدنا كروما وفلورنسا لأشهر وقتلت الكثير من سكانها. أما بإسبانيا، فقد تجمد نهر إبرة كما أتلف الطقس البارد كميات كبيرة من أشجار ومحاصيل الزيتون.
وعلى الجانب السياسي، ساهم هذا الطقس السيئ لعام 1709 في إحداث تغييرات جذرية بأوروبا. ففي خضم الغزو السويدي لروسيا ما بين عامي 1708 و1709، جمد الطقس البارد وقتل أعداداً كبيرة من الجيش السويدي الذي اضطر لخوض معركة بولتافا، بأوكرانيا حالياً، في ظروف صعبة ليتلقى هزيمة قاسية على يد القوات الروسية بقيادة بطرس الأكبر ويجبر بذلك على التراجع والانسحاب.
وقد أسفرت هذه الحرب حينها عن فقدان إمبراطورية السويد لعظمتها وفقدانها لجانب هام من ممتلكاتها بالبلطيق، وفي المقابل برزت الإمبراطورية الروسية كقوة إقليمية صاعدة.
وبفرنسا، سادت المجاعة بالبلاد عقب إتلاف كميات كبيرة من المحاصيل الزراعية وقد أدى ذلك لوفاة نحو 600 ألف بسبب الجوع وانتشار الفوضى بالبلاد. أيضاً، أجلت حالة الطقس مطلع العام 1709 القتال بين الفرنسيين والبريطانيين في خضم حرب الخلافة الإسبانية، حيث استأنفت المعارك مع ارتفاع درجات الحرارة لتتلقى فرنسا المنهكة من المجاعة هزائم عديدة كانت أبرزها بمعركة مالبلاكيت (Malplaquet) خلال سبتمبر 1709.
ولم يكن هذا الشتاء القاسي سوى بداية معاناة سكان أوروبا. فخلال شهر أبريل 1709 ذابت الثلوج فشهدت المنطقة العديد من الفيضانات والأوبئة طيلة العام. وأواخر سنة 1708، شهدت روما انتشار جائحة أنفلونزا وقد أدى الطقس البارد لنشر الفيروس بمختلف أرجاء أوروبا متسببا في وفاة الكثيرين.
وقد اكتملت مأساة الأوروبيين بعدها بفضل العثمانيين حيث حل الطاعون بالقارة الأوروبية قادماً كعادته من الدولة العثمانية لينتشر بشكل سريع بالعديد من مدنها.
وخلال الفترة المعاصرة، احتار العلماء في تفسير أسباب شتاء عام 1709. فبينما تحدث البعض عن تراكم كميات كبيرة من الغبار والرماد بالغلاف الجوي بسبب ثوران العديد من البراكين، ربط آخرون بين الطقس السيئ وظاهرة Maunder Minimum "بين عامي 1645 و1715" والتي تراجعت خلالها كميات الطاقة المنبثقة من الشمس.