طارق مصباح

الكل سيذهب إلى الله بعد وفاته، لكن السعيد من ذهب إلى الله في حياته! فإذا كان غناك بالله وفقرك لله وحبك في الله وعملك لله وإقبالك على الله وخوفك من الله فإبشر ثم أبشر بحسن لقاء الله. متى ما عقلنا أننا في هذه الحياة أنت في تجارة مع الله.. مع من بيده خزائن السموات والأرض فكيف يخسر من تاجر مع الله؟!

قال نبي الله إبراهيم عليه السلام: "إني ذاهب إلى ربي سيهدين"، لما ذهب به عليه السلام قومه ليطرح في النار قال: "إني ذاهب إلى ربي" فلما طرح في النار قال: حسبي الله ونعم الوكيل فقال الله تعالى: "يا نار كوني بردا وسلاما". وقوله (سَيَهْدِينِ) تعني: "سيثبتني على الهدى الذي أبصرته، ويعيننى عليه". إذن فإنه أراد بها أنه ذاهب إلى العزلة والهجرة إلى الله بالعمل والعبادة طلباً للهداية بالقلب والنية.

يستفاد من هذا الموقف، أن من ذهب إلى الله في حياته وهاجر إليه بروحه وأنس به واستعان به وأبصر حياته به وحده، فقد حظي بالمعونة والكفاية والحماية والحياة الجميلة، ومن عاش جنة الدنيا هذه فقد ضمن بإذن الله جنة الآخرة.

يقول ابن قيم رحمه الله: "وهي هجرة تتضمن (من) و (إلى) فيهاجر بقلبه من محبة غير الله إلى محبته، ومن عبودية غيره إلى عبوديته، ومن خوف غيره ورجائه والتوكل عليه إلى خوف الله ورجائه والتوكل عليه، ومن دعاء غيره وسؤاله والخضوع له والذل والاستكانة له إلى دعائه وسؤاله والخضوع له والذل له والاستكانة له، وهذا بعينه معنى الفرار إليه قال تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} ، والتوحيد المطلوب من العبد هو الفرار من الله إليه".