العربية.نت

تحدى سعودي ما يعيشه أبناؤه الأربعة من ظلام منذ ولادتهم، ليحولهم من مكفوفين إلى مبدعين، حتى سطروا أروع قصص الإلهام في الجد والمثابرة للوصول إلى التميز.

"محمد العبد الهادي" استطاع أن يتجاوز هذا التحدي، بعد أن تقبل وجود أبناء وبنات لا يستطيعون الإبصار، حين إدراكه الكامل لظروف هؤلاء الأبناء، وسعيه الدائم إلى مساعدتهم على الحياة، في الوقت الذي دعاه للحديث عن قصصهم ومواقفهم اليومية التي وصفها بقوله: "حياتنا كأسرة فيها 4 مكفوفين منذ ولادتهم، وهي حياة طبيعية جداً وسعيدة إلى أبعد ما يتخيل البعض، والحمد لله الذي وهبهم نور البصيرة".

وفي حديثه مع "العربية.نت" قال: "الحمد لله على فضله، رزقني الله أكبر أبنائي وهي منيرة (كفيفة) ومن بعدها بالترتيب، عبدالهادي (كفيف)، ريم (مبصرة)، سلطان (كفيف)، عبدالله (كفيف)، خالد(مبصر)، ورزقهم الله جميعاً نور البصيرة بفضله".

وأضاف: "الكثير يسألني إن كانت هذه الحالات وراثة، فكانت إجابتي لهم ليست وراثة ولكن خصني الله ووالدتهم بهذا الفضل، حيث استقبلت خبر أول مولود بكل رضا، والحمد لله الذي عوضنا خيرا، فإدارة شؤونهم ليست بالسهولة التي يعتقد البعض، ولكن من يتوكل على الله سيسهل عليه كل أمر، كما أن تعليمهم ليس بالأمر السهل، خصوصاً أن طريقة برايل تمر بمراحل الأصعب فالأسهل، وهذا أمر يتطلب جهدا كبيرا، والحقيقة أن تلك المراحل الصعبة كانت والدتهم هي من تتابع، ولها الفضل بعد الله، فكانت تقضي 6 ساعات يومياً بين أبنائها لتعليمهم، على الرغم أنها لم تكن تعرف عن لغة برايل، لتواجه تحديا كبيرا لتتقن طريقة برايل من أجل تعليمهم، ونجحت في ذلك، وفي نفس الوقت كنا حريصين على دعمهم حتى يعتمدوا على أنفسهم وتعزيز ثقتهم في أنفسهم، لمواجهة المجتمع وأفراده، وتقبل ما يسمعون من كلمات (أنت ما تشوف) (أنت مسكين) وغيرها".

وتابع الحديث: "لا ننسَ أن مرحلة الست سنوات ما قبل التعليم، مرحلة تتطلب الكثير من الاهتمام لحمايته من الاصطدام، وتعزيز حاسة اللمس وتعريفه بالمحيط حوله، وجعله يلعب كما يلعب أقرانه، فابنتي (منيرة) تميزت بالكتابة والإلقاء، وقد أسلم على يدها 6 نساء، وهذا فضل عظيم، كما أنها حصلت على العديد من الشهادات، وحققت المركز الأول على مستوى المنطقة الشرقية في جائزة الشاب عبدالله بدر السويدان للتميز، في فرع السيرة النبوية، وتدرس الآن في السنة التحضيرية بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، كما وحصلت مؤخراً على شهادة معتمدة لتدريب المدربين، وابني (عبدالهادي) تميز بالإنشاد، و(ريم) تميزت بالرسم، و(سلطان) تميز بقراءة القرآن، وقد تم ترشيحه كنموذج متميز لحلقات تحفيظ القرآن بالمنطقة الشرقية، وشارك كذلك في مسابقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم، وجميع الأبناء في حلقات تحفيظ القرآن الكريم ويحفظون الكثير من كتاب الله بفضله.

وختم حديثه: "الحمد لله لم يكن لفقد بصرهم أي تأثير على حياة الأسرة، لأننا من اللحظة الأولى التي علمنا فيها بأن منيرة كفيفة، جلست مع والدتها جلسة مصارحة جادة، ووصلنا إلى أن الكل منا مسؤول عن نجاح الأسرة أو هدمها، والعيش في الظلام، والآن نعيش في سعادة وانسجام بين كل أفراد الأسرة".