مهاجر نيوز يمنح اللجوء الكنسي لطالبي اللجوء المرفوضين والمهددين بالترحيل إلى بلاد تسود فيها ظروف معيشة غير إنسانية أو تهديد بالتعذيب أو الموت. ويتمكن اللاجئون من الحصول على الدعم والمشورة ومأوى مؤقت لدى حصولهم على هذا النوع من اللجوء.يشترط من أجل وقف عملية الترحيل، أن يمكث المهاجر 18 شهرًا في رعاية الكنيسة حتى انتهاء المهلة المحددة لنقله إلى دولة أخرى عضو في الاتحاد الأوروبي. وكانت الكنيسة في ألمانيا قد وصلت إلى اتفاقية مع "المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين" سنة 2015، تلتزم بموجبها السلطات الحكومية بالتساهل مع بعض حالات اللجوء الكنسي وعدم التدخل في الفترة التي يكون فيها طلب الترحيل تحت إعادة التقييم والفحص.إلا أن معدل قبول طلبات اللجوء الكنسي في ألمانيا عرف انخفاضا كبيرا في السنوات القليلة الماضية، وهو ما دفع الراهبة البندكتية الأم ميتشتيلد ثورمر، إلى الوقوف غير ما مرة أمام قرارات ترحيل في حق لاجئين طلبوا مساعدتها، وهي اليوم في مواجهة مع القانون، وتم تغريمها مرتين وتهديدها بالسجن بتهمة "المساعدة والتحريض على إقامة غير مصرح بها" لطالب لجوء، مما جذب الانتباه لها داخل ألمانيا وخارجها.إصرار على المساعدةوتصر الراهبة الألمانية في حديث خاص مع مهاجر نيوز على أنها لم ترتكب أي خطأ، معتبرة أن "اللجوء الكنسي"، وهو اتفاق أبرم مع الدولة يسمح للكنيسة بتوفير ملاذ لعدد صغير جدًا من طالبي اللجوء المهددين بالترحيل.وشددت الراهبة في حديثها على أن الأشخاص الثلاثين الذين استقبلتهم على مر السنين، كانوا أشخاصا في حاجة ماسة للمساعدة، لجوؤوا للكنيسة لأن وضعهم كان ميئوسًا منه. فقد تلقوا إشعارات تفيد أنه سيتم ترحيلهم إلى إيطاليا أو رومانيا أو بلغاريا أو بولندا.وعرفت الأم ميتشتيلد ثورمر الحالات الصعبة التي تستقبل بعضها، على أنها الحالات التي لا يستطيع فيها الشخص العودة إلى بلده بسبب الاضطهاد أو بسبب الحرب. وأعطت نموذجا بـ "امرأة قُتلت صديقتها في جبهة الصراع في أوكرانيا، وهي طبيبة جميلة للغاية، قمت بمساعدتها وهي الآن تعمل الآن ممرضة في مستشفى بالقرب من نورنبرغ". مشيرة إلى أن ألمانيا بحاجة إلى كل ممرضة يمكن جلبها للعمل بالبلد خاصة في الوقت الحالي.وتحدثت الراهبة ميتشتيلد عن "حالات بعض النساء هنا قادمات من إريتريا، تركن أطفالهن لدى الجدات وقدمن إلى ألمانيا لطلب اللجوء، على أمل العودة لبلدهن من أجل جلب الأطفال لمكان آمن". موضحة أن "هذه الحالات بالنسبة لي، حالات صعبة للغاية، فليس من الهين على أم ترك أطفالها والمجيء وحيدة في محاولة منها توفير حياة أفضل في ألمانيا".وتحدثث الراهبة الألمانية، عن حالات أخرى كان من المقرر ترحيلها إلى إيطاليا، لكن إيطاليا حسبها "غير قادرة بتاتاً على التعامل مع اللاجئين. هناك يمكنهم الحصول على أكل، لكن وضع الإقامة مروع، فالشابات يضطررن إلى النوم تحت الجسور ودائما ما يتعرضن للاغتصاب الفردي والجماعي"، حسب قولها.حياة الدير.. مأوى ورعاية إنسانية"يحصلون على غرفة ولا يُسمح لهم بمغادرة مباني الدير، لا يمكنهم الذهاب في نزهة أو ركوب الدراجة لأن مصادفة الشرطة لهم، تعني إعادتهم إلى مراكز ما قبل الترحيل". هكذا تلخص الراهبة ثورمر تجربة لاجئي الكنيسة، لكنها تؤكد أنهم "على الأقل يقطنون مكاناً هادئاً نسبيًا، ويحصلون على رفقة تؤنس وحدتهم، كما أنهم يتعلمون اللغة، لدرجة أن بعضهم تمكنوا من اجتياز اختبار اللغة الألمانية خلال فترة تواجدهم هنا".وتطرقت الراهبة ميتشتيلد ثورمر في حديثها لمهاجر نيوز، لـ "أشخاص وصلوا إلى الدير في حالة صعبة للغاية، منهم من لم يتمكن من النوم بسبب الكوابيس التي تلاحقهم، بسبب تعرضهم للاغتصاب أو لأنهم شهدوا مشاهد حرب مروعة أو كانوا على متن مراكب غرق فيها غيرهم من المهاجرين". وهو ما تصفه المتحدثة بالأمر المروع .وفي ردها على سؤال يتعلق بتلقيهم لرعاية نفسية، أوضحت الأم ميتشتيلد ثورمر أن "هذا غير ممكن بسبب مشكلة اللغة. كان لدينا طبيب هنا لفترة من الوقت، لكنه وجد مشكلة في التواصل معهم، وهم لم يتمكنوا من التعبير عما يشعرون به بسبب حاجز اللغة" مبرزة أنهم "احتاجوا أكثر إلى تخفيف الآلام الناتجة عن عدم تحمل الطعام أو آلام المعدة الناتجة عن القلق".وأضافت المتحدثة "بالنسبة لي كان الشيء الأكثر أهمية دائمًا هو أن يشعروا أننا نتعاطف معهم، نريد مساعدتهم، وأنه يمكنهم الوثوق بنا، لمساعدتهم على نيل الفرصة هنا للبدء من جديد".وأبرزت الأم ميتشتيلد ثورمرأن ما تقوم به قانوني "أنا أقوم بعمل تمت مناقشته والاتفاق عليه بين الدولة والكنيسة، فأنا مدركة أنه لا يمكننا قبول سوى حالات الصعبة، ويجب الإبلاغ عنها يوم وصولها كل من المكتب الكاثوليكي في بافاريا ومؤتمر الأساقفة الكاثوليك ومكتب الأجانب، وإلا فسيتم اعتبارهم هاربين، ونحن ملتزمين بكل هذا".وعبرت المتحدثة عن قناعتها بوجوب تقديم المساعدة لهؤلاء اللاجئين، موضحة أن "هناك فرق كبير بين ما تدرسه في المدرسة عن حقوق الإنسان أو حقوق المرأة وبين ما تعايشه إلى جانب هذه الحالات في الواقع". قائلة "أنظر في عينيها وأرى الندوب الناتجة عن التعذيب أو الخوف والقلق واليأس، فلا يكون أمامي خيار سوى تقديم المساعدة".