سي ان ان

يحتفل "الفيروزيون" أو كما يحلو لعشاق الفنّانة اللبنانية الكبيرة فيروز على امتداد العالم العربي تسمية أنفسهم، بعيد ميلادها الـ 85، وأشعلوا "تويتر" حباً، بتغريداتهم تحت وسم "عيد الدني"، احتفاءاً بمولد السيدة، التي أفاضت الدفء على صباحاتهم، وكانت، ومازالت شريكة ذكرياتهم، بحلوها، ومرّها.

وأكثر ما استعادوه، اقتباساً من أغنياتها بهذه المناسبة؛ "من يومها صار القمر أكبر"، و" سألونا وين كنتو .؟ وليش ماكبرتو انتو .! بنقلون نسينا.."، و"كل سنة بحبك أكتر من سنة.."

وعلى الحساب الرسمي لفيروز على "تويتر"، هنّأتها ابنتها ريما الرحباني بعيد ميلادها، قائلةَ: "معقولة الحُب يضَلْ بهَالحُبْ!!... منّي ومن زياد وليال وهلي وأبي.. لأمّي ووَطَني كل الحُبْ... عَ كل هالحُب وعَ الضِحكة من قلبِك!... يخليلنا قلبِك.."

ولطالما اعتبرت "السيدة فيروز"، رمزاً لوحدة لبنان، الذي أنشدت حبها له بـ "شماله وجنوبه وسهله وجبله"، "جبلاً للغيم للأزرق"، و "وطناً للحرية"، لم تنحز يوماً لأي من أفرقائه السياسيين، وطالما نأت بنفسها عن حروبهم، لتكون سفيرة اللبنانيين إلى النجوم، حملت صوتهم وحنينهم لوطنٍ مشتهى، وجمعت شملهم لأجيال على امتداد أصقاع الأرض، حتى آخر صلاة أطلقتها بمناسبة عيد الفصح الفائت وسط قيود التباعد الاجتماعي التي فرضتها أزمة كورونا.

فيروز لم تفارق لبنان في محنته خلال فترة الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، كما لم تحيي حفلاً واحداً على أرض وطنها طيلة تلك السنوات الدامية، في إشارة واضحةٍ منها لعدم الانحياز لأي طرف، بينما بقي صوتها يبعث الأمل على جانبي جبهات القتال، إلى أن لمت شمل اللبنانيين، وداوت جراحهم، في حفلٍ أحيته بساحة الشهداء وسط بيروت، بعد انتهاء الحرب سنة 1994، وأحيت أحدث حفلاتها بلبنان سنة 2011.

اسمها الحقيقي نهاد حداد، من مواليد تشرين الثاني/ نوفمبر 1935، اكتشف موهبتها المؤلف الموسيقي محمد فليفل في أربعينيات القرن الماضي، حينما كان يبحث عن أصواتٍ جميلة يضهما لكورس الإذاعة اللبنانية، ومنحها المغني والملحن حليم الرومي المدير الموسيقي للإذاعة آنذاك اسمها الفني "فيروز"، الاسم الذي أصبح أيقونة للغناء في لبنان والعالم العربي، بوصفها نجمة وشريكة أعظم الأعمال الموسيقية والمسرحية للأخوين رحباني (الراحلين زوجها عاصي، وشقيقه منصور).

صوتٌ لم يخفت بريقه، أو أثره في وجدان اللبنانيين أو العرب، منذ خمسينيات القرن الماضي، غنى للحب والإنسانية، والحنين، والأوطان، بكلمات أهم الشعراء، وألحان مؤلفين موسيقيين مرموقين، وصولاً إلى تجربتها الموسيقية شديدة الخصوصية، مع ابنها المؤلف الموسيقي زياد الرحباني.

وفي ذكرى مئوية "لبنان الكبير"، زارها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في منزلها، أواخر شهر آب/ أغسطس الفائت، وقلدها أرفع وسامٍ في فرنسا: "جوقة الشرف" من رتبة فارس.

وهذه ليست المرة الأولى التي تتقلد فيها "السيدة فيروز" أوسمة فرنسية رفيعة، حيث قلدها الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران وسام "قائد الفنون والآداب" أحد أرفع الأوسمة الأوربية، أواخر ثمانينيات القرن الماضي، كما قلدها الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك وسام "جوقة الشرف" من رتبة فارس أواخر التسعينيات، وهو الوسام ذاته الذي قلدها إياه الرئيس إيمانويل ماكرون، وشعاره "الشرف والوطنية"، وأول ما أسسه قائد فرنسا التاريخي نابليون بونابارت مطلع القرن التاسع عشر.

كما حازت "جارة القمر" خلال تاريخها، وسام الشرف اللبناني من رتبة فارس، ومنحها إياه الرئيس اللبناني الراحل كميل شمعون، كما قلدها الرئيس اللبناني الراحل فؤاد شهاب وسام الاستحقاق، ووسام الأرز أرفع وسامٍ لبناني، وكذلك الرئيس اللبناني الراحل سليمان فرنجية قام بتقليدها وسام "جوقة الشرف".

وكرمت الأردن "السيدة فيروز" بـ 3 أوسمة؛ "ميدالية الكرامة" ووسام "النهضة" الأردني من الملك الراحل الحسين بن طلال، ومنحها أيضاً "ميدالية الشرف" الذهبية، وأعلى وسام يمنح من المملكة الأردنية الهاشمية.

وقلدها الرئيس السوري الراحل نور الدين أتاسي، وسام "الاستحقاق" من الدرجة الأولى، في ستينيات القرن الماضي.