تنصيبٌ غير معتاد سيشهده البيت الأبيض في 20 يناير المقبل. لا مظاهر رفاهية، لا موكب عملاقاً، ولا حشود هائلة. حتى وسيلة نقل الرئيس العتيد جو بايدن ستكون متواضعة: قطارٌ قديمٌ قِدَم حياته السياسية.
ووفقاً لموقع "أكسيوس"، تتحدث أوساط الرئيس الأميركي المنتخَب، عن تخليه عن الاستعراض المعهود للوصول إلى حفل التنصيب على متن طائرة تابعة للقوات الجوية؛ سيستقل قطاراً عمومياً، هو نفسه الذي نقله من وإلى ولايته ديلاوير لمدة 36 عاماً كعضو في مجلس الشيوخ.
وبحسب الموقع، سيعكس هذا الاختيار صورة "جو أمتراك" التي رافقته طوال مسيرته المهنية.
قصة "جو أمتراك"
من منزله في ديلاوير إلى مكتبه في واشنطن صباحاً، فالاتجاه المعاكس ليلاً، رحلةٌ تستغرق نحو 90 دقيقة، فُرضت على بايدن بعد وفاة زوجته وابنته في حادث سير مأساوي عام 1972، قبل شهر من بدء مهامه في الكونغرس. وشكّلت الرحلة سبيله الوحيد ليكون إلى جانب ابنيه بو وهانتر، بل حتى ليكون سيناتوراً، وفق قوله.
وكتب بايدن عام 2010 في مقال لمجلة "آرايف" بعنوان "لماذا تحتاج أميركا القطارات؟": "بدأتُ قطع مسافة 110 أميال بعد فترة وجيزة من أدائي اليمين كعضو في مجلس الشيوخ. كانت الطريقة الوحيدة المتاحة لأكون سيناتوراً. كان عليّ أن أكون قادراً على العودة إلى المنزل لقضاء الأمسيات مع ولديّ، بعدما فقدنا والدتهما وأختهما في حادث سيارة قبل شهر".
وبحسب تقدير إحدى صحف "الكابيتول هيل"، استقل بايدن 7 آلاف رحلة في قطار "أمتراك" (المؤسسة الوطنية لركاب السكك الحديد) مجموعها أكثر من مليوني ميل، بما يعادل 4 سنوات من عمره البالغ 78 عاماً، حتى بات لقبه "جو أمتراك".
رحلة محفوفة بالذكريات
في مقاله، يتذكر بايدن تلك الرحلات اليومية الصباحية: "دخلتُ في روتين. من ويلمنغتون إلى بالتيمور (مسافة 105 كيلومترات)، كنتُ أقرأ الصحف وأجري مكالمات هاتفية. في بالتيمور، كنتُ أبدأ التحضير لجلسات الاستماع.. وبحلول وقت وصولي إلى العاصمة (56 كيلومتراً من بالتيمور إلى واشنطن)، كنتُ مستعداً للقفز مباشرة (إلى مهامي الوظيفية)".
وخلال المسار، كان بايدن يعاين هموم الناس، ويراقبهم ليتلمّس مشكلاتهم ويندفع في العمل لحلّها. لكن علاقته مع القطار تخطت إطار العمل، وأصبحت ارتباطاً عاطفياً ذا بُعد عائلي.
ويسرد بايدن في المقال عندما خططت ابنته من زواجه الثاني، لحفلة بمناسبة عيد ميلاده، في ليلة صادفت مع تصويت لمجلس الشيوخ: "كان السيناتور بوب دول زعيم الغالبية في ذلك الوقت.. أخبرتُه بضرورة التوجه إلى المنزل من أجل ابنتي، ما يعني حاجة اللحاق بقطار الساعة 5:54 مساء".
ويضيف: "أرجأ السيناتور التصويت حتى الساعة 9 مساءً. صعدتُ إلى القطار. وفي ويلمنغتون، كانت ابنتي تقف على الرصيف. أنشدتْ وزوجتي أغنية الميلاد، أطفأتُ الشمعة، أخذتُ قطعة حلوى، فتحتُ هديتها، قبّلتُها، والتحقتُ بقطار الساعة 7:23 مساءً مجدداً للعودة إلى واشنطن، وتمكنت من الوصول في تمام الساعة 9 مساءً"، موعد التصويت.
ليست مجرد رحلة
بالنسبة إلى بايدن، زوّده "أمتراك" بأكثر من مجرد وسيلة نقل إلى واشنطن، بل منحه "مزيداً من الوقت مع العائلة"، وعرّفه بـ"مجتمع من المهنيين المتفانين الذين شاركوني الأحداث المهمة في حياتي، وسمحوا لي بمشاركة أحداثهم المهمة. وزوّدني بأمر آخر، هو فهم واحترام دور السفر بالقطار في مجتمعنا واقتصادنا".
ويتجاوز دعمُ بايدن للتنقل بالقطار الارتباطَ العاطفي إلى المنفعة الاقتصادية والبيئية، إذ يقول: "مع التأخير في مطاراتنا والازدحام على طرقاتنا، وأسعار الوقود المتقلبة، وزيادة الوعي البيئي، والحاجة إلى روابط النقل بين المجتمعات النامية، أصبح السفر بالقطار أكثر أهمية لأميركا من أي وقت مضى".
ولهذه الغاية، يعتبر بايدن أن "دعم شركة أمتراك يجب أن يكون قوياً، لأنها وسيلة لا غنى عنها لنقلنا جميعاً إلى القرن الـ21 الأكثر نظافة واخضراراً".
والمعروف عن الرئيس المنتخب "تعاطفه" مع البيئة، خصوصاً مع عزمه على إعادة الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس للمناخ بمجرد أدائه اليمين الدستورية، بعدما انسحبت منها تحت إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب.
ولم يقتصر ارتياد بايدن للقطار على مرحلة شغوره مجلس الشيوخ، إذ رصدته صحيفة "نيويورك تايمز" في عام 2008، أي بعد اختياره لمنصب نائب الرئيس باراك أوباما، يستقل القطار في رحلة هادئة، سرعان ما تحوّلت إلى صخب خلال الحديث مع الصحافيين.
ورُصد أيضاً بعد انتخابات عام 2016، أي بعد تنحيه عن البيت الأبيض، يغادر العاصمة متجهاً إلى ديلاوير في القطار، وشوهد على متنه العام الماضي، بعد ساعات قليلة من إعلان ترشحه لمنصب الرئيس.
تفاؤل قطاع النقل
علاقة بايدن بـ"أمتراك" الذي انطلق عام 1971، أي قبل سنة واحدة من فوزه بمقعد سيناتور، منحت جمعية السكك الحديد الأميركية، تفاؤلاً بإمكان التعويل على الرئيس المنتخب لتطوير هذا القطاع، المتضرر، بسبب اعتكاف الركاب عن التنقل الجماعي في ظل وباء كورونا.
وتعتبر "أمتراك"، وفق رئيسها توني كوسشيا، أن "لدينا الكثير من الأسباب للتفاؤل حول سبب كون الإدارة المقبلة (برئاسة بايدن)، شريكاً رائعاً لأمتراك ولجمهور المسافرين. من الواضح أن الرئيس المنتخب هو شخص على دراية كبيرة بشركة أمتراك، وبالتأثير الذي يمكن أن تحدثه لناحية نوعية الحياة والتمكين الاقتصادي".
ويرتكز هذا الأمل أيضاً على ماضي بايدن بـتقديم بمبلغ 37.7 مليون دولار، لتجديد محطة "أمتراك" في ويلمغتون، التي شكرته بطريقة خاصة: أصبحت "محطة جوزيف آر بايدن جونيور للسكك الحديد".
{{ article.visit_count }}
ووفقاً لموقع "أكسيوس"، تتحدث أوساط الرئيس الأميركي المنتخَب، عن تخليه عن الاستعراض المعهود للوصول إلى حفل التنصيب على متن طائرة تابعة للقوات الجوية؛ سيستقل قطاراً عمومياً، هو نفسه الذي نقله من وإلى ولايته ديلاوير لمدة 36 عاماً كعضو في مجلس الشيوخ.
وبحسب الموقع، سيعكس هذا الاختيار صورة "جو أمتراك" التي رافقته طوال مسيرته المهنية.
قصة "جو أمتراك"
من منزله في ديلاوير إلى مكتبه في واشنطن صباحاً، فالاتجاه المعاكس ليلاً، رحلةٌ تستغرق نحو 90 دقيقة، فُرضت على بايدن بعد وفاة زوجته وابنته في حادث سير مأساوي عام 1972، قبل شهر من بدء مهامه في الكونغرس. وشكّلت الرحلة سبيله الوحيد ليكون إلى جانب ابنيه بو وهانتر، بل حتى ليكون سيناتوراً، وفق قوله.
وكتب بايدن عام 2010 في مقال لمجلة "آرايف" بعنوان "لماذا تحتاج أميركا القطارات؟": "بدأتُ قطع مسافة 110 أميال بعد فترة وجيزة من أدائي اليمين كعضو في مجلس الشيوخ. كانت الطريقة الوحيدة المتاحة لأكون سيناتوراً. كان عليّ أن أكون قادراً على العودة إلى المنزل لقضاء الأمسيات مع ولديّ، بعدما فقدنا والدتهما وأختهما في حادث سيارة قبل شهر".
وبحسب تقدير إحدى صحف "الكابيتول هيل"، استقل بايدن 7 آلاف رحلة في قطار "أمتراك" (المؤسسة الوطنية لركاب السكك الحديد) مجموعها أكثر من مليوني ميل، بما يعادل 4 سنوات من عمره البالغ 78 عاماً، حتى بات لقبه "جو أمتراك".
رحلة محفوفة بالذكريات
في مقاله، يتذكر بايدن تلك الرحلات اليومية الصباحية: "دخلتُ في روتين. من ويلمنغتون إلى بالتيمور (مسافة 105 كيلومترات)، كنتُ أقرأ الصحف وأجري مكالمات هاتفية. في بالتيمور، كنتُ أبدأ التحضير لجلسات الاستماع.. وبحلول وقت وصولي إلى العاصمة (56 كيلومتراً من بالتيمور إلى واشنطن)، كنتُ مستعداً للقفز مباشرة (إلى مهامي الوظيفية)".
وخلال المسار، كان بايدن يعاين هموم الناس، ويراقبهم ليتلمّس مشكلاتهم ويندفع في العمل لحلّها. لكن علاقته مع القطار تخطت إطار العمل، وأصبحت ارتباطاً عاطفياً ذا بُعد عائلي.
ويسرد بايدن في المقال عندما خططت ابنته من زواجه الثاني، لحفلة بمناسبة عيد ميلاده، في ليلة صادفت مع تصويت لمجلس الشيوخ: "كان السيناتور بوب دول زعيم الغالبية في ذلك الوقت.. أخبرتُه بضرورة التوجه إلى المنزل من أجل ابنتي، ما يعني حاجة اللحاق بقطار الساعة 5:54 مساء".
ويضيف: "أرجأ السيناتور التصويت حتى الساعة 9 مساءً. صعدتُ إلى القطار. وفي ويلمنغتون، كانت ابنتي تقف على الرصيف. أنشدتْ وزوجتي أغنية الميلاد، أطفأتُ الشمعة، أخذتُ قطعة حلوى، فتحتُ هديتها، قبّلتُها، والتحقتُ بقطار الساعة 7:23 مساءً مجدداً للعودة إلى واشنطن، وتمكنت من الوصول في تمام الساعة 9 مساءً"، موعد التصويت.
ليست مجرد رحلة
بالنسبة إلى بايدن، زوّده "أمتراك" بأكثر من مجرد وسيلة نقل إلى واشنطن، بل منحه "مزيداً من الوقت مع العائلة"، وعرّفه بـ"مجتمع من المهنيين المتفانين الذين شاركوني الأحداث المهمة في حياتي، وسمحوا لي بمشاركة أحداثهم المهمة. وزوّدني بأمر آخر، هو فهم واحترام دور السفر بالقطار في مجتمعنا واقتصادنا".
ويتجاوز دعمُ بايدن للتنقل بالقطار الارتباطَ العاطفي إلى المنفعة الاقتصادية والبيئية، إذ يقول: "مع التأخير في مطاراتنا والازدحام على طرقاتنا، وأسعار الوقود المتقلبة، وزيادة الوعي البيئي، والحاجة إلى روابط النقل بين المجتمعات النامية، أصبح السفر بالقطار أكثر أهمية لأميركا من أي وقت مضى".
ولهذه الغاية، يعتبر بايدن أن "دعم شركة أمتراك يجب أن يكون قوياً، لأنها وسيلة لا غنى عنها لنقلنا جميعاً إلى القرن الـ21 الأكثر نظافة واخضراراً".
والمعروف عن الرئيس المنتخب "تعاطفه" مع البيئة، خصوصاً مع عزمه على إعادة الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس للمناخ بمجرد أدائه اليمين الدستورية، بعدما انسحبت منها تحت إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب.
ولم يقتصر ارتياد بايدن للقطار على مرحلة شغوره مجلس الشيوخ، إذ رصدته صحيفة "نيويورك تايمز" في عام 2008، أي بعد اختياره لمنصب نائب الرئيس باراك أوباما، يستقل القطار في رحلة هادئة، سرعان ما تحوّلت إلى صخب خلال الحديث مع الصحافيين.
ورُصد أيضاً بعد انتخابات عام 2016، أي بعد تنحيه عن البيت الأبيض، يغادر العاصمة متجهاً إلى ديلاوير في القطار، وشوهد على متنه العام الماضي، بعد ساعات قليلة من إعلان ترشحه لمنصب الرئيس.
تفاؤل قطاع النقل
علاقة بايدن بـ"أمتراك" الذي انطلق عام 1971، أي قبل سنة واحدة من فوزه بمقعد سيناتور، منحت جمعية السكك الحديد الأميركية، تفاؤلاً بإمكان التعويل على الرئيس المنتخب لتطوير هذا القطاع، المتضرر، بسبب اعتكاف الركاب عن التنقل الجماعي في ظل وباء كورونا.
وتعتبر "أمتراك"، وفق رئيسها توني كوسشيا، أن "لدينا الكثير من الأسباب للتفاؤل حول سبب كون الإدارة المقبلة (برئاسة بايدن)، شريكاً رائعاً لأمتراك ولجمهور المسافرين. من الواضح أن الرئيس المنتخب هو شخص على دراية كبيرة بشركة أمتراك، وبالتأثير الذي يمكن أن تحدثه لناحية نوعية الحياة والتمكين الاقتصادي".
ويرتكز هذا الأمل أيضاً على ماضي بايدن بـتقديم بمبلغ 37.7 مليون دولار، لتجديد محطة "أمتراك" في ويلمغتون، التي شكرته بطريقة خاصة: أصبحت "محطة جوزيف آر بايدن جونيور للسكك الحديد".