العربية.نت

لا شك أن الأزمة الاقتصادية هي أم الأزمات في لبنان، وقد أثرت بشكل ملحوظ على قطاعات عدة، أبرزها القطاع الصحي والدوائي، إذ يعاني العديد من اللبنانيين من عدم توفر عدد من الأدوية، مع تلويح المصرف المركزي بقرب رفع الدعم عنها. كما بات الحصول على بعض الأدوية يتطلب جولة على عدد من الصيدليات، إن وجدت، مع تكرر عبارات "مقطوع، خالص، في البديل...".

وفي وقت "تبخرت" عدد من الأدوية من الصيدليات، بعضها لأمراض مزمنة، ضجت مواقع التواصل في الأيام الماضية بصورة أثارت غضب وسخط اللبنانيين، حيث تفاجأوا بتداول صورة لأدوية مهربة من بلدهم إلى عاصمة الكونغو كينشاسا حيث لا يزال سعرها بالعملة الوطنية، والعجب أنها تباع بالدولار بسعر مضاعف حوالي 10 مرات، وفق صحيفة "النهار".

صور الفضيحة هذه نشرها أحد المغتربين في الكونغو عبر حسابه على "فيسبوك"، أرفقها بتعليق يصف وقاحة ما يحصل، قائلاً: "الأدوية المدعومة وصلت لعندنا على كينشاسا وبكل وقاحة تاركين سعر لبنان عليها 22000 ليرة وعم يبيعوها هون بـ20".

"الأمن ينفي"

وقد ترافق ذلك مع تداول خبر خلاف وقع بين جهاز أمن المطار وفصيلة تفتيشات المطار في قوى الأمن الداخلي حول عملية تهريب أدوية من قبل مسافرة من مطار رفيق الحريري إلى إفريقيا، قبل أن يصدر الجهازان الأمنيان توضيحاً نفيا خلاله الأمر، حيث أكدا أن الأدوية التي كانت في حوزة المسافرة للاستعمال الشخصي، وليست بهدف "التهريب".

كما أضاف جهاز أمن المطار أنه "منذ تاريخ بدء تفشي جائحة كورونا حتى اليوم، تم ضبط أكثر من 30 عملية تهريب مع أشخاص معظمهم غير لبنانيين عبر المطار"، مشدداً على حرصه في تطبيق القوانين ومنع التهريب من لبنان وإليه.

إلا أن ما حصل دفع عضو تكتل الجمهورية القوية، النائب وهبي قاطيشا، إلى طرح علامات استفهام حيث كتب على تويتر الجمعة: "ظهرت الأدوية المدعومة المهربة من بيروت إلى إفريقيا –كينشاسا، بعد مشادة بين جهازي أمن في المطار حول ضبطها. أين التحقيق؟ وما معنى الجرم المشهود؟".

%90 مهربة عبر المعابر

وعن الأدوية التي تم تصويرها في كينشاسا، علّق سفير لبنان في الكونغو هيثم إبراهيم في اتصال مع "النهار" قائلاً: "قبل أزمة كورونا وفقدان الأدوية في لبنان، كانت تصل إلى صيدليات كينشاسا أدوية من دول عدة، منها لبنان، كون هذه الدولة لا تصنع الأدوية".

إلى ذلك أضاف إبراهيم: "بما أن الظرف اليوم استثنائي في لبنان والأدوية مدعومة، تمت الإضاءة على الموضوع حيث انتشرت الصور، الجمعة، ما دفع السفارة اللبنانية بالتنسيق مع لجنة الجالية اللبنانية في كينشاسا إلى القيام ببعض التحريات عن الموضوع، حيث ظهر أن هذه الأدوية تصل إلى الكونغو ليس فقط عبر الأفراد، بل هناك بعض الشركات التي تأتي بأدوية مدعومة من لبنان من خلال شرائها من الصيدليات ومن الشركات الموزِّعة. كما أن 90%؜ منها يتم تهريبه عبر المعابر الحدودية اللبنانية"، مؤكداً: "سنتحرك باتجاه السلطات في الكونغو لمعرفة أنواع الأدوية التي وصلت وكمياتها".

من جهته، أوضح نقيب مستوردي الأدوية لـ"النهار"، أن "هذه الكميات، على ما يبدو، اشتراها عدد من الأشخاص من صيدليات متفرقة في لبنان، فقد تابعت الموضوع مع مستورد هذه الأدوية، الذي أكد لي أن لا صيدلية في لبنان اشترت أكثر من 70 علبة من هذه الفئة لشهر، وذلك خلال الشهرين الماضيين"، لافتاً إلى أن "الأمن في المطار ضبط سابقاً محاولات عديدة لتهريب الأدوية في الحقائب، وهذه حالة مماثلة لم تضبط".

وفي ما يتعلق بالحل، شدد على "أهمية دور القوى الأمنية في المطار التي عليها واجب تفتيش الحقائب، وقد تلقت مراسلة من وزارة الصحة تطالبهم بمنع أي مسافر من إخراج كمية أدوية تفوق حاجة شهر من العلاج".

يشار إلى أن لبنان يكابد أزمة اقتصادية ومالية عميقة تسببت في تضرر عملته وانتشار الفقر وارتفاع أسعار المواد الغذائية والأدوية وتزايد البطالة.