بلومبرغ
أعلن قراصنة إلكترونيون أنهم اخترقوا مجموعة ضخمة من بيانات كاميرات الأمن الخاصة بشركة "فيركادا"، وهي شركة ناشئة في وادي السيليكون بالولايات المتحدة، وتمكّنوا من الوصول إلى البث الحيّ لـ150 ألف كاميرا مراقبة، داخل مستشفيات، وشركات، وأقسام شرطة، وسجون، ومدارس.

وأفادت وكالة "بلومبرغ"، بأن الشركات التي اخترق المتسللون كاميراتها، تشمل "تيسلا" لصناعة السيارات، ومزوّد برامج المعلوماتية "كلاودفلير"، وتمكّنوا من مشاهدة تسجيلات مصوّرة من داخل عيادات صحية خاصة بالنساء، ومستشفيات نفسية، ومكاتب شركة "فيركادا" التي أعلن المتسللون اختراقهم أرشيف الفيديو الكامل لجميع عملائها.

يأتي تقرير الوكالة، بعدما رجّحت صحيفة "نيويورك تايمز" أن تتخذ إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، "إجراءات سرية ضد روسيا" في إطار فرض عقوبات اقتصادية على موسكو، رداً على هجمات إلكترونية ضخمة استهدفت الولايات المتحدة أواخر العام الماضي، واتُهمت موسكو بتنفيذها، من خلال زرع برنامج خبيث في شبكة تابعة لشركة البرمجيات في تكساس "سولار ويندز كورب".

وعلّق الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف على تقرير الصحيفة، قائلاً: "هذه معلومات مقلقة. ستكون هذه التدابير مجرد جريمة إلكترونية دولية"، وفق وكالة "رويترز".

وواجهت إدارة بايدن، هجوماً إلكترونياً جديداً استهدف شركة "مايكروسوفت"، التي حدّدت المتسللين بأنهم "مجموعة صينية تعمل برعاية الدولة".

"مناهضة الرأسمالية"

وأفادت "بلومبرغ" بأن كاميرا لشركة "فيركادا" في مستشفى "هاليفاكس هيلث" بفلوريدا، أظهرت ما بدا أنه 8 عاملين في المستشفى يعالجون رجلاً، فيما أظهر تسجيل مصوّر آخر، التُقط داخل مستودع لشركة "تيسلا" في مدينة شنغهاي الصينية، عمالاً على خط تجميع، وذكر المتسللون أنهم تمكّنوا من الوصول إلى 222 كاميرا في مصانع "تيسلا" ومستودعاتها.

ونقلت "بلومبرغ" عن تيلي كوتمان، وهو أحد المتسللين الذي زعم اختراق فرع "فيركادا" في سان ماتيو بكاليفورنيا، قوله إن متسللين دوليين نفذوا اختراق البيانات، موضحاً أنه يستهدف إظهار انتشار تقنية المراقبة بالفيديو، وسهولة اختراق هذه الأنظمة.

وادعى كوتمان سابقاً، قرصنته شركة "إنتل" للإلكترونيات، و"نيسان" لصناعة السيارات، مبرّراً ذلك بـ"كثير من الفضول، والنضال من أجل حرية المعلومات وضد الملكية الفكرية، وجرعة ضخمة من مناهضة الرأسمالية".

في المقابل، أعلن ناطق باسم "فيركادا" أن الشركة "عطّلت حسابات جميع المسؤولين الداخليين، لمنع أي وصول من دون إذن"، مضيفاً: "فريقنا للأمن الداخلي، وشركة للأمن الخارجي، يحققان في حجم هذه المشكلة ونطاقها، وأبلغنا الشرطة".

ونقلت "بلومبرغ" عن مصدر لم تسمه، قوله إن أبرز مسؤولي أمن المعلومات في "فيركادا"، وفريق الأمن الداخلي وشركة الأمن الخارجي، يجرون تحقيقاً بشأن ما حدث، موضحاً أن الشركة تعمل الآن لإبلاغ عملائها بالأمر، وإقامة خط دعم للردّ على استفساراتهم.

اختراق السجون

أما شركة "كلاودفلير" فتحدثت عن تنبيهها إلى أن "نظام الكاميرا الأمنية لفيركادا، الذي يراقب نقاط الدخول الرئيسة والشوارع الأساسية، في عدد محدود من مكاتب كلاودفلير، ربما تعرّض لاختراق".

وأشارت إلى "نصب الكاميرات في عدد ضئيل من المكاتب، التي أُغلقت رسمياً طيلة أشهر"، مشيرة إلى أنها عطّلت الكاميرات وفصلتها عن شبكات المكاتب.

ويُظهر تسجيل مصوّر، اطلعت عليه "بلومبرغ"، شرطيين في مركز بولاية ماساتشوستس، يستجوبون رجلاً مكبّل اليدين.

وأعلن المتسللون أنهم تمكّنوا أيضاً من الوصول إلى كاميرات الأمن في مدرسة ساندي هوك الابتدائية، في نيوتاون بولاية كونيتيكت، حيث قتل مسلح أكثر من 20 شخصاً في عام 2012.

كذلك اخترق المتسللون، 330 كاميرا أمنية داخل سجن مقاطعة ماديسون في هانتسفيل بولاية ألاباما، مشيرين إلى أنهم تمكّنوا من الوصول إلى بثّ مباشر وتسجيلات مصوّرة مؤرشفة، بما في ذلك تسجيلات صوتية أحياناً، لمقابلات بين شرطيين ومشبوهين جنائيين، بدقة عالية الوضوح.

وقال كوتمان، إن القراصنة تمكّنوا من الوصول للكاميرات بشكل "جذري"، ما يعني أن في إمكانهم استخدام الكاميرات لتنفيذ تعليماتهم البرمجية، والوصول إلى الشبكات الأكبر لعملاء "فيركادا"، والتسلل إلى الكاميرات واستخدامها كمنصة لتنفيذ عمليات قرصنة مستقبلية.

حجم "مراقبة" الأفراد

ووصفت "بلومبرغ" أساليب المتسللين بأنها "غير معقدة"، إذ تمكّنوا من الوصول إلى كاميرات "فيركادا" من خلال حساب "سوبر أدمن"، ما مكّنهم من الاطلاع على كاميرات جميع عملاء الشركة.

وقال كوتمان، إن القراصنة عثروا على اسم المستخدم وكلمة السر الخاصين بحساب مسؤول، كانا عُرضا على الإنترنت، وبعد اتصال "بلومبرغ" بشركة "فيركادا"، فشل المتسللون في الوصول إلى التسجيلات المصوّرة والأرشيفات، وفق كوتمان.

واعتبر كوتمان، أن الاختراق "يكشف مدى خضوعنا للمراقبة، وقلّة الاهتمام بتأمين المنصات المُستخدمة في هذا الصدد، والتي لا تستهدف سوى الربح". وتابع: "إنه أمر مرعب أن أرى الأشياء التي نعلم أنها تحدث، لكننا لم نتمكّن من رؤيتها أبداً".

وتبيع شركة "فيركادا"، التي أُسّست في عام 2016، كاميرات أمنية يمكن للعملاء الوصول إليها وإدارتها عبر الإنترنت، وفي يناير 2020، جمعت الشركة 80 مليون دولار، من خلال تمويل رأس المال الاستثماري، ما رفع قيمتها إلى 1.6 مليار دولار، وبين المستثمرين "سيكويا كابيتال"، وهي واحدة من أقدم الشركات في وادي السيليكون.

وفي أكتوبر 2020، طردت "فيركادا" 3 من موظفيها، بعدما أفادت تقارير بأنهم استخدموا كاميراتها لالتقاط صور لزميلات، داخل مكاتب الشركة، والتهكم عليهنّ.