سكاي نيوز عربية

أحدثت الحرب السورية، تأثيرات عميقة وسط المجتمع، فلم تصب الناس بالشظايا والرصاص فقط، بل أثرت على صحتهم النفسية، وبات عدد متزايد من الناس يقدمون على الانتحار، في خضم أزمة اقتصادية واجتماعية وخانقة يتعذرُ معها تأمين لقمة العيش.

وأدى تردي الوضع الاقتصادي في سوريا إلى ارتفاع معدلات الجرائم والقتل والانتحار بعد تدهور الحالة النفسية وتردي الوضع المعيشي للمواطنين، بمختلف فئاتهم العمرية.

وقبل أسبوعين، ألقت سيدة في العقد السادس من العمر بنفسها من بناء مرتفع قيد الإنشاء قبل في مدينة مصياف، في الريف الغربي لمدينة حماه.

وعزت وسائل إعلام محلية سبب انتحارها لانتظارها الطويل في طابور الصرف الآلي لقبض راتبها التقاعدي الذي لا يتعدى 46 ألف سوري، أي نحو 13 دولار.

وأوردت المصادر أن الراحلة فقدت أولادها في الحرب، ولم تستطع أن تحصل على النقود رغم اضطرارها للانتظار وقتا طويلا.

وشهدت المدينة ذاتها حادثتي انتحار أخريين؛ الأولى في أواخر الشهر الماضي لشاب يافع يبلغ من العمر 17 عاماً وجد مشنوقاً في حديقة بيته، فيما انتحر الآخر بسبب عدم قدرته على إطعام عائلته، بحسب ما ذكرته مصادر محلية لموقع "سكاي نيوز عربية".

وذكرت المصادر أن معظم أسباب الانتحار التي ارتفعت منذ العام الماضي بشكل مرعب ترجع لمشاكل نفسية ناجمة عن الاكتئاب وسوء الأوضاع المعيشية.

وأفادت تقارير صحفية أن شهر مارس شهد حالات انتحار أخرى في عدة مدن متفرقة من سوريا، فبجرعة غاز انتحر شاب ينحدر من بلدة جلاس بإدلب يسمى نوري محي الدين وهو متزوج ولديه أطفال ويعاني من عمى في إحدى عينيه ومن ظروف مادية صعبة.

والمنتحر الآخر رسام من مدينة دمشق يدعى حسين شمص، 18 عاماً، ترك رسالة انتحار مؤثرة لأهله وأشار إلى الظروف التي تمر بها البلاد.

وتقول آمال أم زهير كما سمت نفسها لـ"سكاي نيوز عربية" من دمشق، إن غالبية الأسر تعجز عن تأمين متطلبات الحياة من الطعام والشراب ومصاريف الدراسة التي تكسر الظهر وتكاليف العلاج، لا سيما في المستشفيات الخاصة، وانتشار البطالة وتدني الرواتب التي لا تكفي لشراء كيلوغرامين من اللحم، فهذه الظروف السيئة تعد أبرز الاسباب التي تدفع بالأشخاص إلى الإقدام على الانتحار لأنه أفضل من الحياة البائسة بالنسبة إليهم.

وفي حديثها لـ"سكاي نيوز عربية"، أشارت الناشطة الاجتماعية، افين محمود، إلى الفقر والتفكك العائلي والتنمر والبطالة والعنف والفلتان الأمني والضغوط النفسية الكبيرة التي يعيشها المواطن السوري، فيستسلم لليأس والإحباط، وعندئذ، تكون النهاية حالات قتل أو انتحار.

وأضافت "الإحصاءات تشير إلى أن نسبة انتحار النساء هي الأعلى، والتي ارتفعت بشكل كبير مع انتشار جائحة كورونا وفرض الحجر الصحي، حيث ازداد تعنيف النساء وتفاقمت مشاكل الاسر وانتهت بعضها بنهاية مأساوية ".

رئيس الطبابة الشرعية في سوريا، الدكتور زاهر حجو، نبه في وقت سابق، إلى ارتفاع نسبة الانتحار، مشيرا إلى تسجيل 116 حالة انتحار خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2020.

وأشار زاهر حجو، المدير العام لهيئة الطب الشرعي للبلاد، أن كل يومين من شهر يوليو الماضي، شهد حالة انتحار وأن 70 في المئة منها حصلت شمال غربي سوريا.

ويتطلب الحد من ظاهرة الانتحار بحسب أرام حسن، الأخصائي النفسي ومدير مركز "كوتيم" للصحة النفسية بهولندا، نشر ثقافة الوعي العلمي والاجتماعي وزيادتها لاسيما في المدارس والعناية ببناء شخصية الطلاب في مرحلة المراهقة وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين.

وتابع تصريحه لـ"سكاي نيوز عربية" بالقول إنه يتوجب على المنظمات الإنسانية، لا سيما المعنية بشؤون المرأة والطفولة، تكثيفها عقد ندوات حوارية واطلاق حملات توعية حتى داخل المخيمات، والتنسيق مع مراكز نفسية لمعالجة الحالات المرضية، وتوعية الأسر بضرورة مراقبة أبنائهم ومتابعة صحتهم النفسية.