في الوقت الذي يبحث فيه الألماس عن التعافي من جائحة كورونا، طل الألماس الصناعي برأسه لاقتطاع حصة من كعكة السوق المتأزم.
بعد أن وصل إنتاج الألماس لذروته في عام 2017 إلى 152 مليون قيراط، بدأ الإنتاج في الانخفاض بنحو 5٪ سنويا، وتزايد الاتجاه السلبي إلى 20٪ بمقدار 28 مليون قيراط في عام 2020، بحسب تقرير أعدته مجموعة باين للاستشارات.
يأتي ذلك مع تقلص مبيعات الألماس الخام 33%، بعد أن انخفضت 18% على أساس سنوي في 2019، حسبما أفاد التقرير.
ووسط هذا التراجع، يتنامي الإقبال على الألماس الصناعي والمعروف بالألماس المرزوع في المختبرات.
تشير بيانات موقع الإحصاءات العالمي "statista" إلى أن هذا السوق لم يكن يتخطى 0.95 مليون قيراط في 2009، إلا أنه نما تدريجيا حتى سجل 2.5 مليون قيراط في 2015 وصولا إلى 6.2 مليون قيراط في 2020، ومن المتوقع أن يقفز إلى 19.2 مليون قيراط بحلول 2030.
ويقول وصفي واصف، رئيس الشعبة العامة للمجوهرات والمصوغات باتحاد الغرف التجارية المصري لـ"العين الإخبارية"، إن الأقبال على الألماس الطبيعي يتراجع عالميا بشدة نتيجة تفشي وباء كورونا، وإعادة المستهلكين النظر في طريق أنفاق مدخراتهم.
ويضيف وصفي أن سعر الألماس الطبيعي يلعب دورا في ذلك، فعلى سبيل المثال في مصر يبدأ سعر أقل قطعة من 50 ألف جنيه أي ما يزيد عن 3 آلاف دولار، هذا إلى جانب صعوبة استخدام كوسيلة للاستثمار نظرا لأنه يفقد الكثير من قيمته عند إعادة البيع، وتطور نظام القطع والصقل الذي يهبط بأسعار القطع القديمة.
هناك تفاوت كبير بين أسعار الأماس الطبيعي ونظيره الصناعي، بل أن التفاوت داخل كل فئة نفسها نتيجة عدة عوامل ترتبط بدرجة النقاء وطريقة تقطيع قطعة الألماس والشكل والوزن واللون.
بحسب موقع "naturallycolored" الذي يقدم بيانات إرشادية عن متوسط أسعار الألماس، فإن الطبيعي منه يبدأ سعره من 550 حتى 3845 دولارا لقطعة تزن نصف قيراط، ويرتفع السعر إلى 42.150 إلى 351.850 ألف دولار لقطعة يصل وزنها إلى 5 قيراط.
بينما يشير موقع " diamonds.pro " إلى أن الألماس الصناعي يتراوح متوسط السعر حول 1600 دولار لقطعة تزن 1 قيراط.
يعرف الألماس الصناعي باسم ألماس المزروع، ويتم صناعة بواسطته محاكاة العوامل الجيوليوجية التي تتسبب في إيجاد الألماس الطبيعي، مثل ارتفاع ضغط الدم والحرارة العالية وترسيب الكيميائي.
يصنع الألماس الصناعي في المختبرات عن طريق تعريض الكربون أو الفحم لظروف ودرجة حرارة وضغط معين مشابه لما يتعرض له الألماس الطبيعي من تغيرات تحت سطح الأرض.
بدأ البحث العلمي في صناعة الألماس عام 1940 في الولايات المتحدة وفي السويد، عبر استخدام ترسيب كيميائي للبخار، وقد تم الإبلاغ عن أول تصنيع للاستنساخ في كل أنحاء العالم عام 1953.
هناك عدة طرق لصناعة الألماس، منها 4 وسائل شهيرة، الأولى تفجير الألماس النانوي، حيث يتم تكوين حبوب الألماس ذات الحجم النانومتر الصغيرة التي يتم تفجيرها عن طريق المتفجرات التي تحتوي على الكربون.
ويتم التصنيع عبر الجرافيت باستخدام قوة الموجات فوق الصوتية العالية.
من أشهر الطرق ترسيب البخار الكيميائي الغني بالكربون، وهذه الطريقة تتميز بانخفاض كل من الضغط العالي ودرجة الحرارة، حيث يكون الألماس عبارة بودرة دقيقة تدخل في استخدام أدوات الحفر وتقطيع المعادن، ويمكن تحويلها إلى أقراص رقيقة تستخدم في أغراض صناعية وطبية أخرى.
أما الوسيلة الرابعة فهي طريقة الضغط العالي ودرجة الحرارة المرتفعة ، والتي تتميز بإنتاج كميات كبيرة من الماس بأحجام مختلفة، ويمكن إدخالها في صناعة الحلي والمجوهرات.
يعد الألماس الاصطناعي البديل الأمثل لنظيره الطبيعي، فهو نسخة مطابقة له ولكنه أرخص سعرا.
المظهر الرائع وصلابة حجر الألماس الاصطناعي وسعر المميز، أتاح للكثيرين الذين لا تسمح ميزانياتهم باقتناء الألماس الطبيعي، بالحصول على قطعة صناعية مميزة يصعب تفريقها عن الطبيعي.
ومع دخول الألماس الصناعي في مجال المجوهرات ومنافسته للطبيعي، أصبح يتمتع بشهادات اعتماد وتقييم من جهات مختصة يمكنها تحديد دقة كل ماسة صناعية، وفي مقدمتها شهادة المعهد الأمريكي للأحجار الكريمة "GIA".
يصعب التفريق بين الألماس الطبيعي والصناعي بمجرد النظر إليهما؛ لكونهما يتمتعان بنفس التركيب الكيميائي تقريبًا، وكثير من الصفات الفيزيائية.
مع ذلك هناك بعض التفاصيل التي يمكن التركيز عليها للتفرقة بين النوعين.
الأمر الأول يرتبط بالحجم، فعادة لا يوجد مجموعة متنوعة من أحجام الماس الطبيعي، حيث لا يزيد في الأغلب عن 1.5 قيراط.
وهناك نقطة ثانية تتعلق باللون، فالألماس الطبيعي يتميز بعدة ألوان أخرى بخلاف الأبيض، مثل الأصفر والأزرق والأخضر والأرجواني والوردي والبرتقالي والأحمر.
في حين أن الألماس الصناعي تقتصر ألوانة على الأبيص والأصفر والأزرق والوردي.
وبحسب موسوعة الأحجار والمعادن المصورة، فإن هناك عدة اختبارات معروفة تبين الفرق بينهما، منها اختبار التنفس؛ فبخار الماء لا يترسب على الألماس الطبيعي، بينما يعلق قليلا على الألماس الصناعي.
كما يمكنك اختبار شوائب الألماس بالعدسة المكبرة، فإذا لاحظت ظهور قطع كربونية أو خطوط بيضاء رفيعة، أو أي شكل آخر من أشكال الشوائب، فهذه الماسة صناعية.
ويوجد اختبار الطفو وهو مناسب للهواه، وأكثر فعالية للتمييز بين الألماس الصناعي والطبيعي.
يعتمد الاختبار على وضع قطعة الألماس في كوب من الماء، فإذ طفا فسيكون صناعي، بينما يظل الألماس الطبيعي في القاع.
تقول منصة ""Scientific American العلمية إن الهدف من تصنيع الألماس لم يكن استخدامه في الحلي أو منافسة الطبيعي، بل له أهداف تتعلق بتطبيقات صناعية.
تشير المنصة أنه من بين هذه الأهداف الصناعية الحصول على الطاقة، وبديل عن المواد المستخدمة في الصناعات البصرية والإلكترونية، والحد من استخدام الألماس الطبيعي في الصناعة.
وتضيف أن الألماس الصناعي استهدف تقليل الاعتماد على نظيره الطبيعي في الصناعة التي تستهلك 80% من الكمية المنتجة، بينما لا يدخل في صناعة المجوهرات سوى 20% فقط.
كما يتم طلاء رؤوس الحفر بالماس الصناعي للاستفادة من صلابته في حفر آبار البترول والأنفاق في الجبال الصلبة، وقطع وتشكيل الأحجار بالغة الصلابة.
فيما تتميز رصد موقع "N S Energy Business" أكبر البلاد إنتاجا للألماس الطبيعي في العالم، وفي مقدمتها روسيا التي تمتلك أكثر من 12 منجما، واستخرجت في عام 2018 نحو 43 مليون قيراط ماس.
أما بوتسوانا هي ثاني أكبر دول العالم في إنتاج الألماس، زبحسب الإحصاءات المتوافرة، قُدر إنتاج البلاد بنحو 23.2 مليون قيراط بقيمة بلغت 3.6 مليار دولار في 2013.
وتعد الكونغو الديمقراطية ثالث أكثر الدولة المنتجة للماس، حيث استخرجت في 2018 قرابة 16.4 مليون قيراط، ثم ارتفع إلى 19 مليون قيراط في 2019.
في حين أنتجت أستراليا 14 مليون قيراط من الألماس يأتي أغلبها من منجم أرجيل المملوك لشركة ريو تينتو، والذي يشهد استخراج حوالي 12 مليون قيراط من الماس سنويا.
فيما شهد إنتاج كندا قفزة جيدة، فبعد أن كانت تستخرج حوالي 10.6 مليون قيراط ماس في 2013 بقيمة 1.9 مليار دولار، ارتفع الإنتاج إلى 123 مليون قيراط بقيمة تناهز 2.7 مليار دولار في 2018.