على أطراف مقاطعة جبلية جنوب غرب الصين، وضعت اللمسات النهائية مؤخراً على مبنى أبيض يبلغ طوله ربع ميل، مع القليل من النوافذ، وجدار طويل يحيط به من جميع الأطراف. ليست هناك أي إشارة عن الغاية منه، باستثناء علمي شركة "أبل" الأميركية، ودولة الصين اللذين يرفرفان جنباً إلى جنب على واجهته.
داخل المبنى تستعد "أبل" لتخزين البيانات الشخصية لعملائها الصينيين على خوادم حاسوبية تديرها شركة صينية مملوكة للدولة، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
وتشير الصحيفة إلى أنه على الرغم من تأكيد الرئيس التنفيذي لشركة "أبل"، تيم كوك، أن "البيانات آمنة"، فإن الشركة الأميركية تخلت إلى حد كبير في مركزي البيانات التابعين لها بمدينة غوييانغ ومنطقة منغوليا الداخلية عن سيطرتها، لصالح الحكومة الصينية.
وقالت الصحيفة إن موظفي الدولة الصينيين يديرون بشكل مباشر أجهزة الحاسب في المركزين، لافتة إلى أن "أبل" تخلت عن تقنيات التشفير التي تستخدمها في المراكز الأخرى، نظراً لرفض الحكومة الصينية هذه التقنيات.
وأشارت إلى أن المفاتيح الرقمية التي تقود إلى المعلومات الموجودة على أجهزة الكمبيوتر مخزَّنة في مراكز البيانات نفسها التي صممت في الأساس من أجل تأمينها.
وثائق داخلية
وقالت الصحيفة إن وثائق داخلية لـ"أبل"، ومقابلات مع 17 موظفاً حالياً وسابقاً في الشركة، و 4 خبراء أمنيين، و 4 دعاوى قضائية تم تقديمها مؤخراً في الولايات المتحدة، أتاحت اطلاعاً نادراً على التنازلات التي قدَّمها الرئيس التنفيذي لشركة "أبل" من أجل العمل في الصين.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الوثائق والمقابلات والدعاوى تقدم نظرة داخلية موسعة حول الكيفية التي استسلمت بها "أبل" أمام المطالب المتصاعدة للسلطات الصينية.
صينيون يحملون جهاز آيفون برو ماكس 11 في أحد متاجر آبل بالعاصمة بكين 20 سبتمبر 2019 - REUTERS
صينيون يحملون جهاز آيفون برو ماكس 11 في أحد متاجر آبل بالعاصمة بكين 20 سبتمبر 2019 - REUTERS
قبل عقدين من الزمان، قاد تيم كوك، رئيس العمليات في "أبل" حينذاك، دخول الشركة إلى الصين، في خطوة أسهمت في جعل "أبل" الشركة الأعلى قيمة في العالم، كما جعلت كوك الوريث المباشر لستيف جوبز.
تجمع "أبل" الآن وتركِّب معظم منتجاتها تقريباً في الصين، كما تحقق 20% من عوائدها من الأقاليم الصينية، لكن تماماً كما اكتشف كوك، كيف يجعل الصين تعمل من أجل "أبل"، كذلك فإن بكين تُسخِّر الآن، بحسب نيويورك تايمز، "أبل" للعمل من أجل الحكومة الصينية.
وقالت الصحيفة إنه على الرغم من أن كوك يتحدث غالباً عن التزام "أبل" تجاه الحقوق المدنية والخصوصية، فإن شركته خاطرت ببيانات عملائها الصينيين في سبيل الامتثال للأنظمة الصينية، وساعدت في الرقابة الحكومية على النسخة الصينية من متجر تطبيقاتها "آب ستور".
"عنصر في آلة الرقابة الصينية"
وكشفت مقابلات مع موظفين حاليين وسابقين في "أبل" أنه مع زيادة الرئيس الصيني شي جين بينغ، من مطالبه للشركات الغربية، قاوم كوك هذه المطالب في العديد من المناسبات، لكنه في النهاية وافق على خطط لتخزين بيانات العملاء على "سيرفرات" (خوادم) صينية، وفرض رقابة قوية على التطبيقات.
وقال مدير آسيا في منظمة العفو الدولية، نيكولاس بيكلين، إن "(أبل) أصبحت عنصراً في ماكينة الرقابة التي تقدم نسخة من الإنترنت تسيطر عليها الحكومة".
وأضاف: "إذا نظرت إلى سلوك الحكومة الصينية، فإنك لن ترى أي مقاومة من (أبل) لا تاريخ في الدفاع عن المبادئ التي تدعي الشركة أنها ملتزمة بها".
وفي الوقت الذي تبنت فيه إدارتا الرئيسين الأميركيين السابق دونالد ترمب، والحالي جو بايدن، موقفاً متشدداً تجاه بكين، فإن تودُّد "أبل" للحكومة الصينية، يظهر بحسب الصحيفة، نوعاً من القطيعة بين السياسيين في واشنطن والشركات الأميركية الأكثر ثراء.
ووفقاً لـ"نيويورك تايمز"، يرتبط كوك بعلاقة افتتان بالصين، إذ أجرى عدة زيارات إلى البلاد تشبه تلك التي يجريها المسؤولون الحكوميون، التقى خلالها كبار القادة. وأثناء إحدى هذه الرحلات في 2019 زار كوك المدينة المحرَّمة والتقى شركات ناشئة، ثم استخدم منصة التواصل الاجتماعي الصينية "سينا ويبو" للكتابة حول الرحلة.
حظر التطبيقات
واستناداً إلى مقابلات ووثائق قضائية، قالت الصحيفة إن "(أبل) بنت خلف الكواليس بيروقراطية أصبحت أداة قوية في عمليات الرقابة الصينية الواسعة"، لافتة إلى أن الشركة "تراقب على نحو استباقي متجر تطبيقاتها الصيني، معتمدة في ذلك على البرمجيات والموظفين لحظر التطبيقات التي يخشى مديرو (أبل) أن توقعهم في مشكلات مع المسؤولين الصينيين، ووضع علامات عليها".
وخلص تحليل للصحيفة إلى أن عشرات الآلاف من التطبيقات اختفت من متجر تطبيقات "أبل" الصيني خلال الأعوام القليلة الماضية، بما في ذلك تطبيقات لوسائل إعلام أجنبية، وتطبيقات التراسل المشفرة. كما حظرت الشركة، بحسب الصحيفة، أدوات خاصة تستعمل في تنظيم الاحتجاجات الموالية للديمقراطية، وتفادي قيود الإنترنت، إضافة إلى تطبيقات عن الدالاي لاما.
ووفقاً لخبير أمني، ومهندس في "أبل"، فإن تنازلات الشركة في مراكز البيانات التابعة لها، "أفقدتها تقريباً القدرة على منع الحكومة الصينية من النفاذ إلى البريد الإلكتروني، والصور، والوثائق، وجهات الاتصال، والمواقع لملايين المقيمين في الصين".
"وفق القوانين الصينية"
وقالت الشركة في بيان إنها "اتبعت القوانين في الصين، وإنها فعلت كل ما بوسعها لإبقاء بيانات العملاء آمنة" مشددة على أنها "لم تعرض للخطر أبداً أمْنَ المستخدمين أو بياناتهم، سواءً في الصين أو في أي مكان آخر من الأماكن التي تعمل فيها".
وأكد متحدث باسم "أبل" أن الشركة "لا تزال تسيطر على المفاتيح التي تحمي بيانات عملائها الصينيين، وأنها تستخدم تقنياتها التشفيرية الأكثر تطوراً في الصين"، لافتاً إلى أن هذه التقنيات أكثر تقدماً من تلك التي تستخدمها الشركة في البلدان الأخرى.
وقالت الشركة إنها أزالت بعض التطبيقات فقط امتثالاً للقوانين الصينية، مشيرة إلى أن "هذه القرارات ليست سهلة دائماً، وربما لا نتفق مع القوانين التي دفعتنا إليها، لكن تظل أولويتنا ماثلة في خلق التجربة الأمثل للمستخدم، من دون انتهاك القواعد التي من الواجب علينا اتباعها".
ورفض الرئيس التنفيذي للشركة، تيم كوك، الخروج في مقابلة من أجل هذا التقرير.
وكان كوك أشار في ظهور علني إلى أنه في الوقت الذي يختلف فيه غالباً مع القوانين الصينية، إلا أنه يعتقد أن العالم يبدو في وضع أفضل مع وجود "أبل" في الصين.
"لا خطط بديلة"
في عام 2014 وظفت أبل دوغ غوثري، وهو عميد سابق لكلية إدارة الأعمال في "جامعة جورج واشنطن"، لقيادة الشركة في الصين، الدولة التي أمضى عقوداً يدرس فيها.
ومن أوائل المشاريع البحثية التي عمل عليها غوثري، سلسلة الإمدادات الصينية لـ"أبل" التي تشمل ملايين العمال، وآلاف المصانع، ومئات الموردين. وخلص غوثري إلى أنه لا توجد دولة أخرى غير الصين قادرة على تقديم هذا المستوى من المهارات البشرية والبنية التحتية اللازمة والمساعدات الحكومية.
نموذج الأعمال الذي تريده الشركة، والذي أدى لتحقيقها 55 مليار دولار سنوياً، موجود في الصين فقط، لكنه أدَّى كما يقول غوثري إلى اقتران "أبل" ببكين في ما يشبه "الزواج".
بدورها، بدأت السلطات الصينية تمرير القوانين التي تمنحها نفوذاً أكبر على "أبل"، وقال غوثري إنه يعتقد أن الرئيس الصيني سيبدأ قريباً في طلب التنازلات، فهو يدرك أن الشركة ليس لديها بديل.
وأضاف، بحسب "نيويورك تايمز": "بالنسبة للسلطات الصينية، لم تعد المسألة متعلقة بحجم الأموال التي تصرفها في البلد، وإنما ما الذي ستقدمه في المقابل".
وفي 2016 أقرت الصين قانوناً يقضي بأنَّ "جميع المعلومات الشخصية والبيانات المهمة التي جمعت في الصين يجب أن تحفظ في الصين"، وهو القانون الذي كان سيئاً بالنسبة لـ"أبل" التي بنت سمعتها على تأمين بيانات العملاء، وسبق لمديرها التنفيذي تيم كوك أنْ رفض طلباً من "إف بي آي" بالمساعدة في اختراق جهاز "آيفون" لمتهم بالتورط في مقتل 14 شخصاً في سان برناردينو بولاية كاليفورنيا.
البوابة الذهبية
لكن الصين الآن لديها مطالب أوسع، بحسب "نيويورك تايمز"، مرتبطة بشكل خاص بخدمة "آي كلاود" لتخزين البيانات، إذ اعتادت الشركة تخزين معظم بيانات عملائها الصينيين على هذه الخدمة خارج البلاد. وحذَّر فريقُ "أبل" في الصين كوك من أن بكين قد تغلق "آي كلاود" في البلاد، إذا لم تمتثل الشركة لقانون الأمن الإلكتروني الجديد.
ووفقاً للصحيفة، فقد وافق كوك على نقل البيانات الشخصية للعملاء الصينين إلى خوادم شركة صينية تملكها الدولة، وهو ما أفضى إلى مشروع يعرف داخل أبل بـ"البوابة الذهبية"، تشفر "أبل" بموجبه البيانات الخاصة في خدمة "آي كلاود" التابعة لها، لكن في ما يتعلق بغالبية المعلومات فإن "أبل" تملك المفاتيح الرقمية لفك التشفير.
وأصبح موقع هذه المفاتيح محل خلاف بين الشركة والصين، فـ"أبل" تريدها في الولايات المتحدة، والمسؤولون الصينيون يريدونها في بكين، وفقاً لما كشفه شخصان مطلعان على المداولات بهذا الخصوص.
ومع بدء سريان قانون الأمن الإلكتروني في يونيو 2017، اتفقت الشركة والصين مبدئياً على إبقاء مكان هذه المفاتيح مبهماً، في خطوة متعمَّدة وفقاً لأحد المصادر.
داخل المبنى تستعد "أبل" لتخزين البيانات الشخصية لعملائها الصينيين على خوادم حاسوبية تديرها شركة صينية مملوكة للدولة، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
وتشير الصحيفة إلى أنه على الرغم من تأكيد الرئيس التنفيذي لشركة "أبل"، تيم كوك، أن "البيانات آمنة"، فإن الشركة الأميركية تخلت إلى حد كبير في مركزي البيانات التابعين لها بمدينة غوييانغ ومنطقة منغوليا الداخلية عن سيطرتها، لصالح الحكومة الصينية.
وقالت الصحيفة إن موظفي الدولة الصينيين يديرون بشكل مباشر أجهزة الحاسب في المركزين، لافتة إلى أن "أبل" تخلت عن تقنيات التشفير التي تستخدمها في المراكز الأخرى، نظراً لرفض الحكومة الصينية هذه التقنيات.
وأشارت إلى أن المفاتيح الرقمية التي تقود إلى المعلومات الموجودة على أجهزة الكمبيوتر مخزَّنة في مراكز البيانات نفسها التي صممت في الأساس من أجل تأمينها.
وثائق داخلية
وقالت الصحيفة إن وثائق داخلية لـ"أبل"، ومقابلات مع 17 موظفاً حالياً وسابقاً في الشركة، و 4 خبراء أمنيين، و 4 دعاوى قضائية تم تقديمها مؤخراً في الولايات المتحدة، أتاحت اطلاعاً نادراً على التنازلات التي قدَّمها الرئيس التنفيذي لشركة "أبل" من أجل العمل في الصين.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الوثائق والمقابلات والدعاوى تقدم نظرة داخلية موسعة حول الكيفية التي استسلمت بها "أبل" أمام المطالب المتصاعدة للسلطات الصينية.
صينيون يحملون جهاز آيفون برو ماكس 11 في أحد متاجر آبل بالعاصمة بكين 20 سبتمبر 2019 - REUTERS
صينيون يحملون جهاز آيفون برو ماكس 11 في أحد متاجر آبل بالعاصمة بكين 20 سبتمبر 2019 - REUTERS
قبل عقدين من الزمان، قاد تيم كوك، رئيس العمليات في "أبل" حينذاك، دخول الشركة إلى الصين، في خطوة أسهمت في جعل "أبل" الشركة الأعلى قيمة في العالم، كما جعلت كوك الوريث المباشر لستيف جوبز.
تجمع "أبل" الآن وتركِّب معظم منتجاتها تقريباً في الصين، كما تحقق 20% من عوائدها من الأقاليم الصينية، لكن تماماً كما اكتشف كوك، كيف يجعل الصين تعمل من أجل "أبل"، كذلك فإن بكين تُسخِّر الآن، بحسب نيويورك تايمز، "أبل" للعمل من أجل الحكومة الصينية.
وقالت الصحيفة إنه على الرغم من أن كوك يتحدث غالباً عن التزام "أبل" تجاه الحقوق المدنية والخصوصية، فإن شركته خاطرت ببيانات عملائها الصينيين في سبيل الامتثال للأنظمة الصينية، وساعدت في الرقابة الحكومية على النسخة الصينية من متجر تطبيقاتها "آب ستور".
"عنصر في آلة الرقابة الصينية"
وكشفت مقابلات مع موظفين حاليين وسابقين في "أبل" أنه مع زيادة الرئيس الصيني شي جين بينغ، من مطالبه للشركات الغربية، قاوم كوك هذه المطالب في العديد من المناسبات، لكنه في النهاية وافق على خطط لتخزين بيانات العملاء على "سيرفرات" (خوادم) صينية، وفرض رقابة قوية على التطبيقات.
وقال مدير آسيا في منظمة العفو الدولية، نيكولاس بيكلين، إن "(أبل) أصبحت عنصراً في ماكينة الرقابة التي تقدم نسخة من الإنترنت تسيطر عليها الحكومة".
وأضاف: "إذا نظرت إلى سلوك الحكومة الصينية، فإنك لن ترى أي مقاومة من (أبل) لا تاريخ في الدفاع عن المبادئ التي تدعي الشركة أنها ملتزمة بها".
وفي الوقت الذي تبنت فيه إدارتا الرئيسين الأميركيين السابق دونالد ترمب، والحالي جو بايدن، موقفاً متشدداً تجاه بكين، فإن تودُّد "أبل" للحكومة الصينية، يظهر بحسب الصحيفة، نوعاً من القطيعة بين السياسيين في واشنطن والشركات الأميركية الأكثر ثراء.
ووفقاً لـ"نيويورك تايمز"، يرتبط كوك بعلاقة افتتان بالصين، إذ أجرى عدة زيارات إلى البلاد تشبه تلك التي يجريها المسؤولون الحكوميون، التقى خلالها كبار القادة. وأثناء إحدى هذه الرحلات في 2019 زار كوك المدينة المحرَّمة والتقى شركات ناشئة، ثم استخدم منصة التواصل الاجتماعي الصينية "سينا ويبو" للكتابة حول الرحلة.
حظر التطبيقات
واستناداً إلى مقابلات ووثائق قضائية، قالت الصحيفة إن "(أبل) بنت خلف الكواليس بيروقراطية أصبحت أداة قوية في عمليات الرقابة الصينية الواسعة"، لافتة إلى أن الشركة "تراقب على نحو استباقي متجر تطبيقاتها الصيني، معتمدة في ذلك على البرمجيات والموظفين لحظر التطبيقات التي يخشى مديرو (أبل) أن توقعهم في مشكلات مع المسؤولين الصينيين، ووضع علامات عليها".
وخلص تحليل للصحيفة إلى أن عشرات الآلاف من التطبيقات اختفت من متجر تطبيقات "أبل" الصيني خلال الأعوام القليلة الماضية، بما في ذلك تطبيقات لوسائل إعلام أجنبية، وتطبيقات التراسل المشفرة. كما حظرت الشركة، بحسب الصحيفة، أدوات خاصة تستعمل في تنظيم الاحتجاجات الموالية للديمقراطية، وتفادي قيود الإنترنت، إضافة إلى تطبيقات عن الدالاي لاما.
ووفقاً لخبير أمني، ومهندس في "أبل"، فإن تنازلات الشركة في مراكز البيانات التابعة لها، "أفقدتها تقريباً القدرة على منع الحكومة الصينية من النفاذ إلى البريد الإلكتروني، والصور، والوثائق، وجهات الاتصال، والمواقع لملايين المقيمين في الصين".
"وفق القوانين الصينية"
وقالت الشركة في بيان إنها "اتبعت القوانين في الصين، وإنها فعلت كل ما بوسعها لإبقاء بيانات العملاء آمنة" مشددة على أنها "لم تعرض للخطر أبداً أمْنَ المستخدمين أو بياناتهم، سواءً في الصين أو في أي مكان آخر من الأماكن التي تعمل فيها".
وأكد متحدث باسم "أبل" أن الشركة "لا تزال تسيطر على المفاتيح التي تحمي بيانات عملائها الصينيين، وأنها تستخدم تقنياتها التشفيرية الأكثر تطوراً في الصين"، لافتاً إلى أن هذه التقنيات أكثر تقدماً من تلك التي تستخدمها الشركة في البلدان الأخرى.
وقالت الشركة إنها أزالت بعض التطبيقات فقط امتثالاً للقوانين الصينية، مشيرة إلى أن "هذه القرارات ليست سهلة دائماً، وربما لا نتفق مع القوانين التي دفعتنا إليها، لكن تظل أولويتنا ماثلة في خلق التجربة الأمثل للمستخدم، من دون انتهاك القواعد التي من الواجب علينا اتباعها".
ورفض الرئيس التنفيذي للشركة، تيم كوك، الخروج في مقابلة من أجل هذا التقرير.
وكان كوك أشار في ظهور علني إلى أنه في الوقت الذي يختلف فيه غالباً مع القوانين الصينية، إلا أنه يعتقد أن العالم يبدو في وضع أفضل مع وجود "أبل" في الصين.
"لا خطط بديلة"
في عام 2014 وظفت أبل دوغ غوثري، وهو عميد سابق لكلية إدارة الأعمال في "جامعة جورج واشنطن"، لقيادة الشركة في الصين، الدولة التي أمضى عقوداً يدرس فيها.
ومن أوائل المشاريع البحثية التي عمل عليها غوثري، سلسلة الإمدادات الصينية لـ"أبل" التي تشمل ملايين العمال، وآلاف المصانع، ومئات الموردين. وخلص غوثري إلى أنه لا توجد دولة أخرى غير الصين قادرة على تقديم هذا المستوى من المهارات البشرية والبنية التحتية اللازمة والمساعدات الحكومية.
نموذج الأعمال الذي تريده الشركة، والذي أدى لتحقيقها 55 مليار دولار سنوياً، موجود في الصين فقط، لكنه أدَّى كما يقول غوثري إلى اقتران "أبل" ببكين في ما يشبه "الزواج".
بدورها، بدأت السلطات الصينية تمرير القوانين التي تمنحها نفوذاً أكبر على "أبل"، وقال غوثري إنه يعتقد أن الرئيس الصيني سيبدأ قريباً في طلب التنازلات، فهو يدرك أن الشركة ليس لديها بديل.
وأضاف، بحسب "نيويورك تايمز": "بالنسبة للسلطات الصينية، لم تعد المسألة متعلقة بحجم الأموال التي تصرفها في البلد، وإنما ما الذي ستقدمه في المقابل".
وفي 2016 أقرت الصين قانوناً يقضي بأنَّ "جميع المعلومات الشخصية والبيانات المهمة التي جمعت في الصين يجب أن تحفظ في الصين"، وهو القانون الذي كان سيئاً بالنسبة لـ"أبل" التي بنت سمعتها على تأمين بيانات العملاء، وسبق لمديرها التنفيذي تيم كوك أنْ رفض طلباً من "إف بي آي" بالمساعدة في اختراق جهاز "آيفون" لمتهم بالتورط في مقتل 14 شخصاً في سان برناردينو بولاية كاليفورنيا.
البوابة الذهبية
لكن الصين الآن لديها مطالب أوسع، بحسب "نيويورك تايمز"، مرتبطة بشكل خاص بخدمة "آي كلاود" لتخزين البيانات، إذ اعتادت الشركة تخزين معظم بيانات عملائها الصينيين على هذه الخدمة خارج البلاد. وحذَّر فريقُ "أبل" في الصين كوك من أن بكين قد تغلق "آي كلاود" في البلاد، إذا لم تمتثل الشركة لقانون الأمن الإلكتروني الجديد.
ووفقاً للصحيفة، فقد وافق كوك على نقل البيانات الشخصية للعملاء الصينين إلى خوادم شركة صينية تملكها الدولة، وهو ما أفضى إلى مشروع يعرف داخل أبل بـ"البوابة الذهبية"، تشفر "أبل" بموجبه البيانات الخاصة في خدمة "آي كلاود" التابعة لها، لكن في ما يتعلق بغالبية المعلومات فإن "أبل" تملك المفاتيح الرقمية لفك التشفير.
وأصبح موقع هذه المفاتيح محل خلاف بين الشركة والصين، فـ"أبل" تريدها في الولايات المتحدة، والمسؤولون الصينيون يريدونها في بكين، وفقاً لما كشفه شخصان مطلعان على المداولات بهذا الخصوص.
ومع بدء سريان قانون الأمن الإلكتروني في يونيو 2017، اتفقت الشركة والصين مبدئياً على إبقاء مكان هذه المفاتيح مبهماً، في خطوة متعمَّدة وفقاً لأحد المصادر.