تُضفي الفعالية المرتفعة التي أعلنت عنها كوبا للقاح عبد الله محلي الصنع، آمالاً عريضة في هافانا، ليس فقط لجهة التخفيف من حدة الأزمة الصحية التي تعيشها الجزيرة الواقعة في منطقة الكاريبي بمدخل خليج المكسيك، إنما أيضاً للتخفيف من الأزمة الاقتصادية التي يعيشها ذلك البلد المُحاصر، والذي يعاني بشكل كبير من تبعات العقوبات الأمريكية المفروضة عليه، جنباً إلى جنب وتبعات الوباء، والتي أثرت على قطاع السياحة، الأكثر أهمية بالنسبة للاقتصاد الكوبي.
اللقاح الذي طوّرته كوبا أعلنت مجموعة «بيوكوبافارما» الدوائية الحكومية عن أن فعاليته وصلت إلى 92.28 بالمئة بعد ثلاث جرعات. ولا يزال في مرحلته النهائية من التجارب السريرية، ومن المتوقع -وفق المجموعة الحكومية- أن يحصل على ترخيص رسمي من السلطات نهاية الشهر الجاري أو مطلع الشهر المقبل. هذا إلى جانب لقاح «سوبيرانا 2» الذي يطوّره معهد فينلاي للّقاحات، والذي يؤمّن فعالية بنسبة 62 بالمئة بعد جرعتين.
تستهدف حكومة كوبا تلقيح 70 بالمئة من السكان البالغ عددهم 11.2 مليون نسمة بحلول أغسطس المقبل، على أن يتم تلقيح جميع السكان قبل نهاية العام.
تبعات اقتصادية
ورجّحت نيويورك تايمز، في تقرير لها قبيل أيام، أن «يعزّز معدل فعالية اللقاح المعلن عنه، الآمال في أن تساعد صادرات التكنولوجيا الحيوية في انتشال كوبا من أزمتها الاقتصادية»، لا سيما أن دولاً عديدة -من بينها المكسيك والأرجنتين وفيتنام وإيران- عبرت عن اهتمامها باللقاح الكوبي.
وذكرت الصحيفة نفسها أن أخبار اللقاح في هافانا نُظر إليها بوصفها «سبباً نادراً للاحتفال في جزيرة تضررت بسبب الوباء الذي دمَّرَ صناعة السياحة فيها، والعقوبات الاقتصادية المشدّدة التي تعود إلى عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والتي لم تخفّفها إدارة بايدن».
مورد مهم
كبير الباحثين في أمريكا اللاتينية بمركز تشاتام هاوس للتحليل في لندن، كريستوفر ساباتيني، يقول لـ «البيان»، إنه «بالتأكيد يعد تصدير الأدوية والخبرات الطبية (باعتبار أن الأول مرتبط غالباً بالأخير) مصدراً مهماً للعملة الصعبة بالنسبة للحكومة في كوبا». ويشير إلى أن «كوبا بحاجة ماسة إلى العملة الصعبة في هذه المرحلة» في إشارة إلى الضغوطات الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد الكوبي، والتي تفاقمت إثر تداعيات جائحة كورونا.
وطيلة فترة الوباء، رفضت كوبا -التي شهدت تنامياً في انتشار الفيروس- استيراد اللقاحات الأجنبية، بينما كانت تسعى جاهدة لتطوير بلدها، وهو أصغر بلد في العالم يقوم بذلك.
وتشهد كوبا حالياً «أسوأ توقعاتها الاقتصادية منذ نهاية الحرب الباردة، لذلك هناك أيضاً حافز اقتصادي مهم للقاح ناجح»، طبقاً لتحليل سابق نشرته «بي بي سي»، تناول تبعات الإغلاق على كوبا التي تعتمد أساساً على السياحة وتأثير لقاحي كوبا على الاقتصاد.
نجاح كوبي
الباحث في العلاقات الدولية وشؤون أمريكا اللاتينية، عطيف محمد، يقول لـ «البيان» إن «كوبا من البلدان المحاصرة اقتصادياً من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، رغم ذلك نجحت في تطوير مجموعة من اللقاحات، وعلى سبيل المثال لقاح مضاد لالتهاب السحايا الذي طورته خلال نهاية الثمانينات، وقامت بتصديره إلى دول أمريكا اللاتينية ودول إفريقية وبعض الدول من آسيا، هذا يدل على أن كوبا كانت تتميز بنظام صحي متين ومتطور.
ومنذ انتشار «كورونا» في شتى بقاع العالم انضمت كوبا إلى قافلة الدول المصنعة للقاحات. وبالتالي تكون كوبا «أول دول في منطقة أمريكا اللاتينية تصنع لقاحاً محلياً خاصاً بها، متقدمة على دول صاعدة بهذه المنطقة كالبرازيل والمكسيك والأرجنتين وتشيلي».
ويشير الباحث في شؤون أمريكا اللاتينية، إلى أنه «بناءً على ذلك يمكن لكوبا أن تكون لها مكانة في الساحة الدولية بفعل هذا اللقاح الذي طورته، لا سيما على المستوى الصحي، والدليل على ذلك أن بعض الدول في أمريكا اللاتينية طلبت اللقاح، مثل فنزويلا والأرجنتين والمكسيك، كما تم الاتفاق بين الحكومة الكوبية والفنزويلية على إنتاج لقاح عبد الله على أراضي هذه الأخيرة، بغية إسراع وتيرة عملية التلقيح فيها لمواجهة تداعيات هذه الجائحة».
قوقعة التيار
هذا يعني -في تقدير عطيف- أن «هذا اللقاح سيرجع على كوبا بالنفع على المستوى الاقتصادي، إن قامت بتصديره على المستوى العالمي وليس فقط في منطقة أمريكا اللاتينية، وبالأحرى إن خرجت هافانا من قوقعة التيار الاشتراكي فستعرف انفراجاً دبلوماسياً واقتصادياً، وسيزيد أملها في ربط علاقاتها السياسية والاقتصادية مع بلدان العالم وخاصة مع الولايات المتحدة.
وعززت جائحة كورونا من معاناة اقتصاد كوبا، إلى جانب تأثير العقوبات الأمريكية المفروضة والتي عانى منها الكوبيون بشكل مباشر. ومع انتشار الجائحة العام الماضي، تراجع الاقتصاد الكوبي بنسبة 11 بالمئة، وهو الأكبر من نوعه منذ نحو ثلاثة عقود. كما شهدت نقصاً في عديد من السلع الرئيسية.
لكن عطيف يلفت في الوقت ذاته إلى تحديات تواجه كوبا في ذلك الصدد، أبرزها «المنافسة الشرسة بين اللقاحات التي تم تطويرها من قبل القوى الكبرى»، إذ أصبحت القوة الناعمة بفعل هذه اللقاحات تغزو الدول النامية، فمثلاً نجد اللقاح الصيني «سينوفاك» مهيمناً في دول أمريكا اللاتينية الأكثر تضرراً بالجائحة (البرازيل وتشيلي والأوروغواي والسلفادور)، وهنا من الصعب على كوبا أن تواجه هذا التنافس بلقاحها الذي عرف إقبالاً فقط من بعض الدول التي لها نفس التوجه.
وتتبنى الحكومة الكوبية خطة إصلاحات لتصحيح مسار الاقتصاد، تضمنت الإعلان -في فبراير الماضي- عن السماح للقطاع الخاص بالاستثمار في غالبية القطاعات، وهو ما يعد تغيراً جذرياً لاقتصاد كوبا الذي تسيطر عليه الدولة.
حصار
وقبيل أيام قليلة، جددت الأمم المتحدة، دعوتها المتكررة على مدار 24 عاماً، للولايات المتحدة، بضرورة رفع الحصار الاقتصادي الذي تفرضه على هافانا منذ 29 عاماً. وهي المطالبة التي أيدتها 184 دولة، فيما أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأربعاء الماضي، أن واشنطن «ستواصل الالتزام بالتصويت ضد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعي لإنهاء الحظر الاقتصادي على كوبا».
وتقدر قيمة الخسائر التي تعرض لها الاقتصاد في كوبا بقيمة 20 مليار دولار ناجمة عن عقوبات فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وذلك بعد أن ألغى عديداً من السياسات الانفتاحية التي اتبعها سلفه باراك أوباما تجاه كوبا، وأعاد إدراج هافانا على قائمة الدول الراعية للإرهاب، فيما قدّرت وزارة الخارجية الكوبية -في العام 2018- إجمالي الأضرار التي تسبب عنها الحظر الأمريكي منذ 1962 على البلاد بقيمة 134.499 مليار دولار.
اللقاح الذي طوّرته كوبا أعلنت مجموعة «بيوكوبافارما» الدوائية الحكومية عن أن فعاليته وصلت إلى 92.28 بالمئة بعد ثلاث جرعات. ولا يزال في مرحلته النهائية من التجارب السريرية، ومن المتوقع -وفق المجموعة الحكومية- أن يحصل على ترخيص رسمي من السلطات نهاية الشهر الجاري أو مطلع الشهر المقبل. هذا إلى جانب لقاح «سوبيرانا 2» الذي يطوّره معهد فينلاي للّقاحات، والذي يؤمّن فعالية بنسبة 62 بالمئة بعد جرعتين.
تستهدف حكومة كوبا تلقيح 70 بالمئة من السكان البالغ عددهم 11.2 مليون نسمة بحلول أغسطس المقبل، على أن يتم تلقيح جميع السكان قبل نهاية العام.
تبعات اقتصادية
ورجّحت نيويورك تايمز، في تقرير لها قبيل أيام، أن «يعزّز معدل فعالية اللقاح المعلن عنه، الآمال في أن تساعد صادرات التكنولوجيا الحيوية في انتشال كوبا من أزمتها الاقتصادية»، لا سيما أن دولاً عديدة -من بينها المكسيك والأرجنتين وفيتنام وإيران- عبرت عن اهتمامها باللقاح الكوبي.
وذكرت الصحيفة نفسها أن أخبار اللقاح في هافانا نُظر إليها بوصفها «سبباً نادراً للاحتفال في جزيرة تضررت بسبب الوباء الذي دمَّرَ صناعة السياحة فيها، والعقوبات الاقتصادية المشدّدة التي تعود إلى عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والتي لم تخفّفها إدارة بايدن».
مورد مهم
كبير الباحثين في أمريكا اللاتينية بمركز تشاتام هاوس للتحليل في لندن، كريستوفر ساباتيني، يقول لـ «البيان»، إنه «بالتأكيد يعد تصدير الأدوية والخبرات الطبية (باعتبار أن الأول مرتبط غالباً بالأخير) مصدراً مهماً للعملة الصعبة بالنسبة للحكومة في كوبا». ويشير إلى أن «كوبا بحاجة ماسة إلى العملة الصعبة في هذه المرحلة» في إشارة إلى الضغوطات الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد الكوبي، والتي تفاقمت إثر تداعيات جائحة كورونا.
وطيلة فترة الوباء، رفضت كوبا -التي شهدت تنامياً في انتشار الفيروس- استيراد اللقاحات الأجنبية، بينما كانت تسعى جاهدة لتطوير بلدها، وهو أصغر بلد في العالم يقوم بذلك.
وتشهد كوبا حالياً «أسوأ توقعاتها الاقتصادية منذ نهاية الحرب الباردة، لذلك هناك أيضاً حافز اقتصادي مهم للقاح ناجح»، طبقاً لتحليل سابق نشرته «بي بي سي»، تناول تبعات الإغلاق على كوبا التي تعتمد أساساً على السياحة وتأثير لقاحي كوبا على الاقتصاد.
نجاح كوبي
الباحث في العلاقات الدولية وشؤون أمريكا اللاتينية، عطيف محمد، يقول لـ «البيان» إن «كوبا من البلدان المحاصرة اقتصادياً من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، رغم ذلك نجحت في تطوير مجموعة من اللقاحات، وعلى سبيل المثال لقاح مضاد لالتهاب السحايا الذي طورته خلال نهاية الثمانينات، وقامت بتصديره إلى دول أمريكا اللاتينية ودول إفريقية وبعض الدول من آسيا، هذا يدل على أن كوبا كانت تتميز بنظام صحي متين ومتطور.
ومنذ انتشار «كورونا» في شتى بقاع العالم انضمت كوبا إلى قافلة الدول المصنعة للقاحات. وبالتالي تكون كوبا «أول دول في منطقة أمريكا اللاتينية تصنع لقاحاً محلياً خاصاً بها، متقدمة على دول صاعدة بهذه المنطقة كالبرازيل والمكسيك والأرجنتين وتشيلي».
ويشير الباحث في شؤون أمريكا اللاتينية، إلى أنه «بناءً على ذلك يمكن لكوبا أن تكون لها مكانة في الساحة الدولية بفعل هذا اللقاح الذي طورته، لا سيما على المستوى الصحي، والدليل على ذلك أن بعض الدول في أمريكا اللاتينية طلبت اللقاح، مثل فنزويلا والأرجنتين والمكسيك، كما تم الاتفاق بين الحكومة الكوبية والفنزويلية على إنتاج لقاح عبد الله على أراضي هذه الأخيرة، بغية إسراع وتيرة عملية التلقيح فيها لمواجهة تداعيات هذه الجائحة».
قوقعة التيار
هذا يعني -في تقدير عطيف- أن «هذا اللقاح سيرجع على كوبا بالنفع على المستوى الاقتصادي، إن قامت بتصديره على المستوى العالمي وليس فقط في منطقة أمريكا اللاتينية، وبالأحرى إن خرجت هافانا من قوقعة التيار الاشتراكي فستعرف انفراجاً دبلوماسياً واقتصادياً، وسيزيد أملها في ربط علاقاتها السياسية والاقتصادية مع بلدان العالم وخاصة مع الولايات المتحدة.
وعززت جائحة كورونا من معاناة اقتصاد كوبا، إلى جانب تأثير العقوبات الأمريكية المفروضة والتي عانى منها الكوبيون بشكل مباشر. ومع انتشار الجائحة العام الماضي، تراجع الاقتصاد الكوبي بنسبة 11 بالمئة، وهو الأكبر من نوعه منذ نحو ثلاثة عقود. كما شهدت نقصاً في عديد من السلع الرئيسية.
لكن عطيف يلفت في الوقت ذاته إلى تحديات تواجه كوبا في ذلك الصدد، أبرزها «المنافسة الشرسة بين اللقاحات التي تم تطويرها من قبل القوى الكبرى»، إذ أصبحت القوة الناعمة بفعل هذه اللقاحات تغزو الدول النامية، فمثلاً نجد اللقاح الصيني «سينوفاك» مهيمناً في دول أمريكا اللاتينية الأكثر تضرراً بالجائحة (البرازيل وتشيلي والأوروغواي والسلفادور)، وهنا من الصعب على كوبا أن تواجه هذا التنافس بلقاحها الذي عرف إقبالاً فقط من بعض الدول التي لها نفس التوجه.
وتتبنى الحكومة الكوبية خطة إصلاحات لتصحيح مسار الاقتصاد، تضمنت الإعلان -في فبراير الماضي- عن السماح للقطاع الخاص بالاستثمار في غالبية القطاعات، وهو ما يعد تغيراً جذرياً لاقتصاد كوبا الذي تسيطر عليه الدولة.
حصار
وقبيل أيام قليلة، جددت الأمم المتحدة، دعوتها المتكررة على مدار 24 عاماً، للولايات المتحدة، بضرورة رفع الحصار الاقتصادي الذي تفرضه على هافانا منذ 29 عاماً. وهي المطالبة التي أيدتها 184 دولة، فيما أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأربعاء الماضي، أن واشنطن «ستواصل الالتزام بالتصويت ضد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعي لإنهاء الحظر الاقتصادي على كوبا».
وتقدر قيمة الخسائر التي تعرض لها الاقتصاد في كوبا بقيمة 20 مليار دولار ناجمة عن عقوبات فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وذلك بعد أن ألغى عديداً من السياسات الانفتاحية التي اتبعها سلفه باراك أوباما تجاه كوبا، وأعاد إدراج هافانا على قائمة الدول الراعية للإرهاب، فيما قدّرت وزارة الخارجية الكوبية -في العام 2018- إجمالي الأضرار التي تسبب عنها الحظر الأمريكي منذ 1962 على البلاد بقيمة 134.499 مليار دولار.