في 16 سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت الحاكمة العامة لجزيرة باربادوس ساندرا ماسون، وهي ممثلة الملكة إليزابيث الثانية بالبلاد، أنها ستغادر الوظيفة قريبًا، قائلة: "حان الوقت لترك ماضينا الاستعماري بالخلف."

تصريحات أعادت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية تسليط الضوء عليها مذكرة بتصريجات ماسون أنه بحلول 30 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2021، في الذكرى الـ55 لاستقلال البلاد، ستنفصل باربادوس عن الملكة إليزابيث، وسيؤدي رئيس محلي القسم رئيسا للدولة، وبذلك، ستصبح باربادوس جمهورية.

ولم يكن الإعلان مفاجأة لأي شخص على الجزيرة الاستوائية، إذ أن النقاش بشأن التحول إلى جمهورية كان دائرًا لمدة حوالي 40 عامًا، لكن الوقت الذي اختارته الحكومة لتوديع المملكة كان مثار تعجب الكثيرين.

ويعتمد اقتصاد باربادوس، الجزيرة الواقعة شرق البحر الكاريبي ويعيش بها حوالي 280 ألف شخص، بشكل كبير على السياحة، وبالرغم من بعض الجهود الإبداعية، مثل ابتكار تأشيرة العمل عن بعد، كان عدد الزوار ضئيل جدًا خلال جائحة "كوفيد-19".

ومع اقتراب معدل البطالة في 2020 من 13%، قد لا يكون تحول البلاد إلى جمهورية أولوية للجميع، غير أن رئيسة الوزراء الشهيرة والمؤثرة ميا موتلي عاقدة العزم على إتمام الأمر.

ومع النقاشات الأخيرة بشأن العرق داخل العائلة الملكية البريطانية، وانتقال السلطة الوشيك بالتاج البريطاني، يتساءل البعض ما إن كان يمكن لباربادوس بدء تأثير الدومينو وتتحدى نفوذ بريطانيا، التي أضعفها الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن تحول باربادوس إلى جمهورية منفصلة عن التاج البريطاني، كانت مسألة تتوافق عليها الآراء في باربادوس، لكن لم يكن التوقيت الذي اختارته موتلي مرضيا للجميع.

وقال جاي هيويت، المفوض السامي لباربادوس في بريطانيا وعضو الحزب المعارض: "كان إلهاءً مناسبا عن كوفيد والأزمة الاقتصادية التي نعيشها"، لافتًا إلى اعتقاده بأن الجزيرة مستعدة للتحول، لكنها تحتاج أيضًا لمزيد من الوقت للتفكير في العملية وفعلها بالشكل الصحيح.

ولفتت المجلة الأمريكية إلى أن موتلي، التي تركزت حملتها على التحول إلى جمهورية، فازت باكتساح خلال انتخابات عام 2018 عندما فاز حزبها بجميع المقاعد الـ30 في مجلس النواب.

وتعتقد موتلي أن شعب باربادوس منحها تفويضا واضحا للانفصال عن النظام الملكي. ولفعل ذلك، ستحتاج إلى أغلبية الثلثين من الأصوات بكلا المجلسين. وبالنظر إلى أن الانفصال عن المملكة المتجدة حصل تاريخيًا على تأييد حزبي، من المرجح أن تحصل على الدعم الذي تحتاجه.

لكن طبقًا لـ"فورين بوليسي"، بالرغم من وضوح الوجهة، إلا أن المسار سيكون أقل وضوحا؛ إذ اختارت موتلي المضي قدما في الأمر دون استفتاء عام والتزمت الصمت نسبيًا بشأن العملية بعد الإعلان الذي تم في سبتمبر/أيلول عام 2020.

وفيما لم يرد مكتب موتلي على طلبات المجلة لإجراء مقابلة صحفية، قالت البعثة البريطانية في باربادوس خلال رسالة بريد إلكتروني إن "رغبة باربادوس في أن تصبح جمهورية هو مسألة تخص حكومة باربادوس وشعبها. وتجمع المملكة المتحدة علاقة دافئة وطويلة الأمد مع باربادوس وستواصل ذلك."

وحتى التطور الأخير كان النظام السياسي في الجزيرة يقوم على أن رأس الدولة هي الملكة إليزابيث الثانية ويمثلها الحاكم العام، ورئيس الوزراء وهي موتلي التي تم انتخابها كأول امرأة تتولى هذا المنصب في مايو/آيار عام 2018.

وأعاد فوزها حزب العمال إلى السلطة لأول مرة منذ عقد من الزمان، بعد أن ألحقت هزيمة ساحقة بحزب العمل الديمقراطي الحاكم (DLP) من خلال الفوز بجميع المقاعد في البرلمان، بحسب شبكة بي بي سي البريطانية.

وبحسب المصدر نفسه، فإن هذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها سياسيون في بربادوس عن نيتهم في أن تصبح بلادهم جمهورية.

فقد سبق وقال إيرول بارو، أول رئيس وزراء لباربادوس بعد حصولها على الاستقلال، إن البلاد يجب ألا تظل "تتسكع في المرحلة الاستعمارية".

كما أن بارو ليس هو الصوت الوحيد في باربادوس الذي يقترح التخلي عن النظام الملكي، فقد أوصت لجنة مراجعة الدستور في البلاد بتحويل باربادوس إلى جمهورية في عام 1998.

كما دافع، فريوندل ستيورات، رئيس الوزراء السابق عن موقف موتلي في "الانتقال من النظام الملكي إلى الجمهوري في المستقبل القريب جدا".

ولن تكون باربادوس أول مستعمرة بريطانية سابقة في منطقة البحر الكاريبي تصبح جمهورية، فقد اتخذت غيانا هذه الخطوة في عام 1970، بعد أقل من أربع سنوات من حصولها على الاستقلال عن بريطانيا، وحذت ترينيداد وتوباغو حذوها عام 1976، ودومينيكا عام 1978، بحسب بي بي سي.