العربية.نت
بُعيد رحيل المرجع الديني العراقي السيد محمد سعيد الحكيم في 3 سبتمبر الجاري، قام نجلهُ السيد رياض الحكيم بتسليمِ ختمِ والده وختمِ المكتبِ لعمهِ السيد محمد تقي الحكيم، الذي انتشر له فيديو مصور وهو يقوم بعملية إتلافِ وكسرِ الختمين أمام حشدٍ من الناس، ليكونوا شهوداً على ذلك.. فما السبب الذي دفع العائلة إلى هذا العمل؟
موثوقية الأختام
عادةً ما يَمهرُ المرجع الديني فتاواه وبياناته بختمهِ الخاص، أو ختم المكتب الرسمي التابع له، وذلك توثيقاً لما يصدر عنه، حيث إن الفتاوى لأهميتها الشرعية، يعمدُ "مكتب استفتاءات" المرجع على وسمها، كي يعرفَ المؤمنون أنها صحيحة وليست مزورة.
حتى هذه الأختام تستخدمُ بشكل حذرٍ، رغم وجود تفويض مقنن من الفقيه لوكلائه أو مديري مكتبه المخصصين باستخدامها، في الموارد المحددة لها فقط، دون تجاوز صلاحياتهم الممنوحة لهم، وفق الأعراف المعمول بها. إلا أن الثقة الكبرى تكون عندما توسمُ البيانات أو الفتاوى أو الوكالاتُ بالختم المباشر للفقيه ذاته، ثم تليها أختام بقية المكاتب.
انتهاء مرحلة!
كسرُ ختمِ المرجع الديني هو إشارة إلى أن هذا الفقيه قد توفي، وأن لا فتاوى أو بيانات أو وكالات ستصدر باسمه مستقبلاً، وأن مرحلة التصدي للمرجعية والفُتيا قد انتهت وأغلق بابها.
الهدف من هذا العمل، منع حدوث أي تلاعب في البيانات والفتاوى، وكي لا يتم سرقة الختم أو استخدامه من بعض العابثين أو المنتفعين لأهداف شخصية أو اقتصادية أو سياسية.
آية الله السيد محمد سعيد الحكيم، تم كسرُ ختمه "قُبيل الانتهاء من دفنه"، كما صرح بذلك نجله السيد رياض الحكيم، الذي قال في فيديو تم تداوله إن "أي شخص يجد رسالة مختومة بختم المرجع يتعامل معها باحترام، ويحاول أن ينفذ مضمون تلك الرسالة، والختمُ يمثلُ توثيقاً للمضمون"، ولذا "الختمُ يجب أن يكون بيد صاحبه فقط"، مبيناً أنه إبانَ حياة المرجع الحكيم، كان ختمه الخاص لديه، ولم يكن أي شخص يستلم الختم منه، حتى أبناؤه!".
عندما يتوفى المرجع الديني، ماذا سيكون مصير ختمه؟ يجيب آية الله رياض الحكيم، بقوله "ربما يتعرض الختمُ لاستغلالٍ غير مناسب، ولذا، حتى تبقى ثقة الناس بالمرجع الراحلِ وبالمرجعية، عندما يتوفى المرجعُ يتمُ إتلافُ ختمه".
السيد رياض الحكيم، سردَ قصة عن المرجع الديني الراحل السيد محسن الحكيم، الذي كان لديه بشكل استثنائي الختم الخاص بالسيد محمد سعيد الحبوبي، وعندما توفيَ الأخير، جَمعَ الحكيمُ الناسَ وأراهمُ الختمَ وقام بكسرهِ أمامهم.
السيد رياض الحكيم، أوضح أنه تم وقفُ العمل بالأختام الموجودة في المكاتب التابعة لمرجعية السيد الحكيم في خارج العراق، في أفغانستان وسوريا وباكستان ولبنان وسواها، حيث ستُجمع هذه الأختام ويتمُ إتلافها جميعها.
المكاتبُ والمؤسسات
مكاتبُ الإفتاء سواء داخل العراق أو خارجها، يتم العمل على إغلاقها، كما أن الوكلاء تسقطُ وكالاتهمُ بموتِ المرجع، فيما يرجِعونَ للفقيه الحي الذي قد يُمضي وكالاتهم أو يقننها أو يحجبها.
المؤسسات الخيرية والثقافية والخدمية، التي عملت مرجعية الراحل الحكيم على إدارتها ويستفيد منها آلافٌ حول العالم، ستكون لها وضعيتها الخاصة، وفقاً لـ"الوقفية" التي أُقِفت على أساسها. حيث جرت العادة أن تدار هذه المؤسسات إما بناء على نوعية "الوقف"، أو ترجع في شؤونها إلى المرجع الأعلى للمسلمين الشيعة لتكون تحت نظره ورعايته ورقابته، لأنها ليست إرثاً عائلياً.
مصدرٌ نجفيٌ تحدثت معه "العربية.نت"، قال إن "عائلة الراحل السيد محمد سعيد الحكيم، شرعت في الاستعداد لإجراءات إغلاق مكاتب الاستفتاءات، وذلك وفقَ سيرة الأعلام؛ وأن ذلك دليل على تدين وورع العائلة".
شخصية خليجيةٌ على معرفة بالمرجع الراحل وذويه، فَضَلت عدم ذكر اسمها، قالت لـ"العربية.نت"، إن "لدى المرجع الحكيم مجموعة أبناء ورثوا عن أبيهم العلم والورع والتقوى"، مبيناً أنهم "يمتازون بالعفافِ والكفاف، وأكبر شاهدٍ على ذلك هو إتلافهم لختمِ والدهم، وختم المكتب، وتهميشِ باقي المكاتب التابعة لسماحة السيد في بقية البلدان".
المقلدون والأتباع!
جرت العادة في الحوزات العلمية، أن المرجعية لا تنتقلُ بالوراثة حتى لو كانت العائلة ذات مكانة علمية، وحتى لو كان الفقيه الراحل لديه أبناء على درجة من العلم أو الاجتهاد.
عدمُ تصدي أي من أبناء المرجع الديني للفُتيا بُعيد والده مباشرة، عرفٌ معمولٌ به في حوزتي "النجف" و"قم"؛ ولذا على الأرجح الأقوى أن لا يتصدى للفُتيا أحدٌ - في الوقت الحالي - من أبناء المرجع السيد محمد سعيد الحكيم، وأن يُتركَ لمقلديه حرية اختيار المرجع الذي يعتقدون أنه "الأعلم" أو من يرون أنه "مبرئٌ لذمتهم أمام الله"، فيما يعتقدُ مراقبونَ أن كثيراً من مقلدي الراحل آية الله الحكيم، سيرجعون إلى آية الله السيد علي السيستاني، الذي اعتبر أنه برحيل المرجع الحيكم "خسرت الحوزة العلمية في النجف أحد أعلامها وفقهائها البارزين".
{{ article.visit_count }}
بُعيد رحيل المرجع الديني العراقي السيد محمد سعيد الحكيم في 3 سبتمبر الجاري، قام نجلهُ السيد رياض الحكيم بتسليمِ ختمِ والده وختمِ المكتبِ لعمهِ السيد محمد تقي الحكيم، الذي انتشر له فيديو مصور وهو يقوم بعملية إتلافِ وكسرِ الختمين أمام حشدٍ من الناس، ليكونوا شهوداً على ذلك.. فما السبب الذي دفع العائلة إلى هذا العمل؟
موثوقية الأختام
عادةً ما يَمهرُ المرجع الديني فتاواه وبياناته بختمهِ الخاص، أو ختم المكتب الرسمي التابع له، وذلك توثيقاً لما يصدر عنه، حيث إن الفتاوى لأهميتها الشرعية، يعمدُ "مكتب استفتاءات" المرجع على وسمها، كي يعرفَ المؤمنون أنها صحيحة وليست مزورة.
حتى هذه الأختام تستخدمُ بشكل حذرٍ، رغم وجود تفويض مقنن من الفقيه لوكلائه أو مديري مكتبه المخصصين باستخدامها، في الموارد المحددة لها فقط، دون تجاوز صلاحياتهم الممنوحة لهم، وفق الأعراف المعمول بها. إلا أن الثقة الكبرى تكون عندما توسمُ البيانات أو الفتاوى أو الوكالاتُ بالختم المباشر للفقيه ذاته، ثم تليها أختام بقية المكاتب.
انتهاء مرحلة!
كسرُ ختمِ المرجع الديني هو إشارة إلى أن هذا الفقيه قد توفي، وأن لا فتاوى أو بيانات أو وكالات ستصدر باسمه مستقبلاً، وأن مرحلة التصدي للمرجعية والفُتيا قد انتهت وأغلق بابها.
الهدف من هذا العمل، منع حدوث أي تلاعب في البيانات والفتاوى، وكي لا يتم سرقة الختم أو استخدامه من بعض العابثين أو المنتفعين لأهداف شخصية أو اقتصادية أو سياسية.
آية الله السيد محمد سعيد الحكيم، تم كسرُ ختمه "قُبيل الانتهاء من دفنه"، كما صرح بذلك نجله السيد رياض الحكيم، الذي قال في فيديو تم تداوله إن "أي شخص يجد رسالة مختومة بختم المرجع يتعامل معها باحترام، ويحاول أن ينفذ مضمون تلك الرسالة، والختمُ يمثلُ توثيقاً للمضمون"، ولذا "الختمُ يجب أن يكون بيد صاحبه فقط"، مبيناً أنه إبانَ حياة المرجع الحكيم، كان ختمه الخاص لديه، ولم يكن أي شخص يستلم الختم منه، حتى أبناؤه!".
عندما يتوفى المرجع الديني، ماذا سيكون مصير ختمه؟ يجيب آية الله رياض الحكيم، بقوله "ربما يتعرض الختمُ لاستغلالٍ غير مناسب، ولذا، حتى تبقى ثقة الناس بالمرجع الراحلِ وبالمرجعية، عندما يتوفى المرجعُ يتمُ إتلافُ ختمه".
السيد رياض الحكيم، سردَ قصة عن المرجع الديني الراحل السيد محسن الحكيم، الذي كان لديه بشكل استثنائي الختم الخاص بالسيد محمد سعيد الحبوبي، وعندما توفيَ الأخير، جَمعَ الحكيمُ الناسَ وأراهمُ الختمَ وقام بكسرهِ أمامهم.
السيد رياض الحكيم، أوضح أنه تم وقفُ العمل بالأختام الموجودة في المكاتب التابعة لمرجعية السيد الحكيم في خارج العراق، في أفغانستان وسوريا وباكستان ولبنان وسواها، حيث ستُجمع هذه الأختام ويتمُ إتلافها جميعها.
المكاتبُ والمؤسسات
مكاتبُ الإفتاء سواء داخل العراق أو خارجها، يتم العمل على إغلاقها، كما أن الوكلاء تسقطُ وكالاتهمُ بموتِ المرجع، فيما يرجِعونَ للفقيه الحي الذي قد يُمضي وكالاتهم أو يقننها أو يحجبها.
المؤسسات الخيرية والثقافية والخدمية، التي عملت مرجعية الراحل الحكيم على إدارتها ويستفيد منها آلافٌ حول العالم، ستكون لها وضعيتها الخاصة، وفقاً لـ"الوقفية" التي أُقِفت على أساسها. حيث جرت العادة أن تدار هذه المؤسسات إما بناء على نوعية "الوقف"، أو ترجع في شؤونها إلى المرجع الأعلى للمسلمين الشيعة لتكون تحت نظره ورعايته ورقابته، لأنها ليست إرثاً عائلياً.
مصدرٌ نجفيٌ تحدثت معه "العربية.نت"، قال إن "عائلة الراحل السيد محمد سعيد الحكيم، شرعت في الاستعداد لإجراءات إغلاق مكاتب الاستفتاءات، وذلك وفقَ سيرة الأعلام؛ وأن ذلك دليل على تدين وورع العائلة".
شخصية خليجيةٌ على معرفة بالمرجع الراحل وذويه، فَضَلت عدم ذكر اسمها، قالت لـ"العربية.نت"، إن "لدى المرجع الحكيم مجموعة أبناء ورثوا عن أبيهم العلم والورع والتقوى"، مبيناً أنهم "يمتازون بالعفافِ والكفاف، وأكبر شاهدٍ على ذلك هو إتلافهم لختمِ والدهم، وختم المكتب، وتهميشِ باقي المكاتب التابعة لسماحة السيد في بقية البلدان".
المقلدون والأتباع!
جرت العادة في الحوزات العلمية، أن المرجعية لا تنتقلُ بالوراثة حتى لو كانت العائلة ذات مكانة علمية، وحتى لو كان الفقيه الراحل لديه أبناء على درجة من العلم أو الاجتهاد.
عدمُ تصدي أي من أبناء المرجع الديني للفُتيا بُعيد والده مباشرة، عرفٌ معمولٌ به في حوزتي "النجف" و"قم"؛ ولذا على الأرجح الأقوى أن لا يتصدى للفُتيا أحدٌ - في الوقت الحالي - من أبناء المرجع السيد محمد سعيد الحكيم، وأن يُتركَ لمقلديه حرية اختيار المرجع الذي يعتقدون أنه "الأعلم" أو من يرون أنه "مبرئٌ لذمتهم أمام الله"، فيما يعتقدُ مراقبونَ أن كثيراً من مقلدي الراحل آية الله الحكيم، سيرجعون إلى آية الله السيد علي السيستاني، الذي اعتبر أنه برحيل المرجع الحيكم "خسرت الحوزة العلمية في النجف أحد أعلامها وفقهائها البارزين".