قضاء ساعة أخرى في العمل المكتبي أو أخذ وقت مستقطع للنزهة.. أيهما أفضل برأيك؟

الإجابة قد تدهشك، فوفق دراسة نشرتها مجلة علم النفس الاجتماعي، عليك جعل النشاطات خلال وقت الفراغ من أولوياتك، لما لها من فوائد كثيرة على صحتك النفسية والعقلية، وحتى الإنتاجية.

واستندت الدراسة إلى خلاصة سلسلة من أبحاث في جامعات روتجرز وأوهايو وهارفارد، وفي إحدى التجارب، طلب الباحثون من 199 طالباً جامعياً تقييم مدى استمتاعهم بالعديد من الأنشطة الترفيهية ومدى اتفاقهم مع عبارات مثل «الوقت الذي يقضيه الطلاب في الأنشطة الترفيهية غالباً ما يكون وقتاً ضائعاً»، ثم قاموا بقياس مستويات السعادة والاكتئاب والقلق والتوتر لديهم.

وفي تجربة أخرى، سُئل 302 متطوع عن كيفية احتفالهم بعيد الهالوين ومدى استمتاعهم به، وأفاد الذين رأوا أن وقت الفراغ مضيعة للوقت بقلة استمتاعهم بالحفلات وأنشطة العطلات الأخرى، بل وزيادة توترهم.

ودلت النتائج أنه كلما رأى الأشخاص أن وقت الفراغ مضيعة للوقت قل استمتاعهم بالأنشطة الترفيهية، وانخفض مستوى ما يشعرون به من سعادة ورضا، وكانوا أكثر اكتئاباً وقلقاً وتوتراً.

وشرحت الباحثة، د. سيلين مالكوك: «نعيش في عالم يركز على رسائل تؤكد أهمية أن تكون منشغلاً ومنتجاً، وأن وقت الفراغ مضيعة، لكن نتائجنا تشير إلى أنك ستكون أكثر اكتئاباً وأقل سعادة إن لم تتمتع بوقت من المرح والترفيه، بغض النظر عما تكسبه من مال و تحققه من إنجاز. وهناك الكثير من الأبحاث التي تشير إلى أن الترفيه له فوائد كثيرة للصحة العقلية، وأنه يجعلنا أكثر إنتاجية وأقل توتراً. لذا، من الخطأ أن يعتقد البعض أن وقت الفراغ مضيعة للوقت، فقد ينتهي بهم الأمر إلى أن يصبحوا أكثر اكتئاباً وتوتراً».

قيمة الترفيه

وفي دراسة ثالثة، طُلب من طلاب الجامعات مشاهدة مقطع فيديو قصير ومضحك لقطط في منتصف تجربة علمية «مملة»، بعدما قرأوا أن الترفيه والراحة لوقت قصير من العوامل التي تزيد الإبداع والطاقة وتساعد على إدارة التوتر، إلا أن البعض لا يزال لم يستمتع بمقاطع الفيديو.

وأشار الباحثون إلى أن النتيجة تظهر بأنه ليس من السهل تغيير معتقدات الناس حول قيمة الترفيه.

وعلقت د. غابرييلا تونييتو الباحثة من كلية روتجرز للأعمال في نيويورك: «إذا كنت تنظر إلى وقت الفراغ على أنه إهدار للوقت ففكر في الطرق المثمرة التي يمكن أن تخدم بها الأنشطة الترفيهية الفردية أهدافك الطويلة المدى. بعبارة أخرى، اربط كل نشاط ترفيهي بشيء تريد تحقيقه. إذا كان من الممكن النظر الى أوقات الفراغ على أن لها نوعاً من الهدف الإنتاجي والفوائد الطويلة الأمد، فذلك يساعد الأشخاص الذين يعتقدون بأن وقت الفراغ هو هدر للوقت».

السعادة

يشعر الكثير بالفقر وعدم الرضا والقلق والحاجة إلى اكتساب مال أكثر، وربطت دراسات هذه المشاعر بزيادة التوتر والأرق وانخفاض الشعور بالعافية والرضا وعدم تخصيص وقت للرياضة واتباع اسلوب حياة غير صحي، ما بدوره سيرفع فرصة الإصابة بالسمنة والأمراض البدنية والنفسية.

وقد تحدى بحث جديد نشرته المجلة الوطنية الأكاديمية للعلوم مقولة أن «المال لا يشتري السعادة»، مبيناً بأن الأهم ليس كمية المال الذي لديك بل ما يتم صرفه عليه، حيث اكتشف فريق بحث مشترك من جامعة هارفرد وجامعة كولومبيا البريطانية الكندية أن الذين يستخدمون المال لشراء أمور توفر لهم الجهد والوقت يشعرون بدرجة أكبر من الرضا والسعادة مقارنة بمن يشترون الأشياء المادية.

زيادة المال قد تخفض السعادة

المفارقة أن دراسات وجدت أن معدل السعادة قد ينخفض مع ازدياد الأموال، حيث قارنت بين مستوى السعادة والرضا والمتعة الذي يشعر به عاملون يتقاضون رواتب عالية وآخرون يتقاضون رواتب قليلة، لتكتشف أن قليلي الدخل تظهر على ملامحهم علامات السعادة أكثر من غيرهم، وكان الأكثر دخلاً أكثر عرضة للإصابة بنوبات التوتر والاكتئاب واضطرابات النوم.

وعلق جيف لارسن بروفيسور علم النفس في جامعة روتردام: «الشعور بالسعادة له أثر إيجابي يزيد مستوى الصحة ويطيل الحياة بنفس تأثير الابتعاد عن التدخين، فقد أثبتت دراساتي أن السعداء أطول عمراً بمعدل سبع ونصف إلى عشر سنوات مقارنة بالتعساء أو المتوترين وغير الراضين. وبالمقارنة، التعاسة المزمنة تسبب آثاراً صحية ضارة على المدى الطويل، مثل أمراض القلب وضغط الدم والسكري والاضطرابات الهرمونية وضعف المناعة».

https://alqabas.com/article/5864639 :إقرأ المزيد