مرة أخرى يتحوّل عمل جديد من إنتاجات "نتفليكس" الأصلية إلى ظاهرة عابرة للغة والثقافة، مع المسلسل الكوري "Squid Game" (لعبة الحبار)، الذي صرّح المدير التنفيذي لنتفليكس تيد ساراندوس، بأنه من المحتمل أن يكون أكثر أعمال نتفليكس الأصلية مشاهدةً على الإطلاق.
غير أن حجم المشاهدات العملاق الذي حصده المسلسل بحبكته المرتكزة على لُعبة بقاء وحشية، من المرجّح أن يكون متوقعاً، بناءً على أسس بحثية وبيانات استباقية، وفرتها الخوارزميات لمن قاموا بإعطاء الضوء الأخضر لإنتاج "لعبة الحبّار" داخل أروقة منصة البث التدفقي الأكثر شهرة.
البذلات الحمراء
منذ إتاحته على منصة نتفليكس في السابع عشر من سبتمبر الماضي، أحدث مسلسل "لعبة الحبار" حالة عالمية من الهوس عبر الإنترنت، فمستخدمو "تيك توك" يتعثرون على مدار الساعة في عشرات المقاطع المصوّرة لكيفية تصنيع حلوى العسل المستخدمة في إحدى الألعاب، أو خطوات تصنيع البذلة الحمراء بقناعها المميّز كرداء للهالوين.
وفي قلب موجة الهوس تلك، حرص العديد من مُتابعي المسلسل على الربط بينه وبين أكثر من عمل عالمي، من إنتاج نتفليكس أو غيرها، تشابهت حبكاتهم مع لعبة البقاء المميتة التي أثارت ضجة بحلقاتها التسع، وتعد سلسلة أفلام Hunger Games (مباريات الجوع) الأميركية، وكذلك سلسلة Saw (سو) المرعبة الشهيرة، وحلقات مسلسل Black Mirror (بلاك ميرور)، من إنتاج نتفليكس، وكذلك فيلم Circle (دائرة)، وغيرها.
وعلى الرغم من عدم ارتكاز حبكته على لعبة بقاء كالأعمال السابقة، يحلو للبعض الربط بشكل مباشر بين لعبة الحبار، وواحد من أكثر أعمال نتفليكس شعبية، وهو المسلسل الإسباني La Casa de Papel (البروفيسور)، المتوج بجائزة الإيمي عام 2018.
التشابهات بين البروفيسور ولعبة الحبار لا تتوقف عند الشعبية الواسعة والعابرة للثقافة؛ فالأول إسباني، والثاني كوري، وبعض الثيمات داخل المسلسلين قد تبدو للوهلة الأولى مكررة عن قصد، استثماراً لنجاح مضمون يستلهم ثيمة الأقنعة والأزياء المتشابهة، والبذلات الحمراء للجميع.
التشبيه من العملين وصل إلى حسابات نتفليكس ذاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أشارت أكثر من مرة إلى تشابه تيمة المسلسين، ولا سيما "البذلات الحمراء" التي تثير إعجاب الجميع، ما يشي بأن الأمر ليس محض مصادفة.
كنز البيانات
أكثر من مُجرد وصفة للحبكات الناجحة.. هو ما يستطيع تحليل بيانات المستخدمين وعادات المشاهدة تقديمه للقائمين على نتفليكس، كإحدى الميزات التنافسية للمنصة التي تستطيع رصد عادات مشاهدة نحو 210 ملايين شخص حول العالم، هم عدد المشتركين فيه، وفقاً لآخر إحصائية للمشتركين.
وتعتمد منصة نتفليكس، التي دُشنت عام 1997 كشركة لتأجير الأقراص المدمجة للأفلام، على البيانات وتحليلها إلى حد بعيد في قراراتها الإنتاجية والاستثمارية، وذلك عبر وحدة بحث تدعم نموذج الأعمال الخاص بها.
وتُعد الخوارزميات والتعلُم الآلي كلمة السر في تمدد قاعدة المشتركين في المنصة عبر السنوات، وبحسب الموقع الرسمي لوحدة البحث الخاصة بـ"نتفليكس"، فإن المنصة لديها باع طويل في توظيف البيانات لصُنع محرك توصيات راسخ، واختيار الأعمال الأصلية التي يجب إنتاجها، وبالطبع آليات الترويج ومواعيد العرض المناسبة، ما يجعل الشركة عملاق بيانات ينتمي إلى وادي السيليكون، فضلاً عن كونها كيان إنتاجي يطبق الأبجديات الهوليودية.
وترصد المنصة العديد من عادات المشاهدة كبيانات عبر خوارزمياتها، لعل من أبرزها كم بالمئة من المشتركين أكملوا العمل حتى نهايته، ولدى أي نقطة في العرض توقف المشتركون عن المشاهدة، وفي أي لحظة لجأوا للتسريع أو لإعادة اللقطات، فضلاً عن سمات المسلسلات ذات الشعبية كدرجات الألوان، ونبرة الأصوات، وحتى الديكورات، وأقصى مدة لساعات المشاهدة المتواصلة.
"بيت من ورق"
ولا تتوقف القرارات المدفوعة بالبيانات عند اتخاذ قرار بإنتاج عمل أصلي فحسب، ولكن تحديد الميزانية المناسبة له، وما إذا كانت هنالك جدوى من إنتاج موسم جديد منه ومواصلة الاستثمار فيه.
وتُعد تجربة إنتاج مسلسل House of Cards (بيت من ورق)، كأحد أوائل إنتاجات نتفليكس الأصلية، نموذجاً في توظيف البيانات في إعطاء الضوء الأخضر لإنتاج عمل أصلي والرهان عليه.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، تلاقت ثلاث سمات بيانية في "هاوس أوف كاردز"، قبيل إنتاجه، جعلت قرار الاستثمار فيه سهلاً، أولها حجم المشاهدات التي حصدها المخرج ديفيد فينشر بفيلمه The Social Network الشبكة الاجتماعية، وشعبية أعمال بطل المسلسل "كيفن سبايسي"، فضلاً عن نجاح النسخة البريطانية من المسلسل والتي أنتجت في التسعينيات.
الاعتماد على البيانات في إنتاج الدراما السياسية "هاوس أوف كاردز" أهدى نتفليكس بحلول عام 2013 ملايين المشتركين الجدد بالولايات المتحدة، فضلاً عن خارجها.
وبمرور الوقت أصبحت تلك الوصفة لاختيار الحبكات بمساعدة الخوارزميات أكثر رسوخاً، لا سيما مع تضاعف قاعدة المشتركين من 60 مليون مشترك حول العالم في 2012، إلى ما يزيد على مئتي مليون مشترك العام الجاري.
الحدس البشري
وفي حين يُعد مسلسل الكوري "لعبة الحبار" أحد ثلاثة أعمال من إنتاجات منصة نتفليكس العالمية غير الناطقة بالإنجليزية، وهي المسلسل الإسباني La Casa de Papel البروفيسور، والفرنسي Lupin لوبين، استطاعت حصد مشاهدات استثنائية بالنظر لأنها أعمال محلية، فإن مسؤولة المحتوى العالمي في نتفليكس بيلا بجاريا، آثرت في تصريحات صحافية أخيرة، أن تؤكد أن المنصة تنتصر للحدس البشري على الذكاء الآلي في اختيار تلك الأعمال.
وقالت بجاريا في تصريحات لمنصة "فورتشن"، أن "اختيار (لعبة الحبار) لم يعتمد على الخوارزميات، فنحن نعتمد على الأحكام والحدس البشري الذي لا بديل عنه".
ومثّلت بجاريا بمسلسل The Queen's Gambit مناورة الملكة، قائلة أنه لا توجد بيانات يمكن أن تخبر فريقها أن دراما عن لعب امرأة الشطرنج كانت شيئاً يريده المشتركون، ومع ذلك حققت نجاحاً كبيراً، ففازت بإحدى عشرة جائزة إيمي، وأصبحت من أشهر مسلسلات المنصة.
وبالرغم من أن البيانات التي قد ترصدها خوارزميات نتفليكس على مدار الأيام القادمة، قد توصي بإنتاج موسم جديد من "لعبة الحبار"، استبعد صانع المسلسل هوانج دونج كواك، ذلك مؤكداً أنه ينوي العمل على أفلام في الفترة المقبلة، كما أنه ليس لديه تصور واضح لموسم جديد.
وقال هوانج في تصريحات لموقع مجلة "فارايتي" إنه إذا اضطر إلى ذلك، فقد يلجأ للاعتماد على ورشة من الكُتاب لأن مجرد التفكير في الأمر مرهق.
غير أن حجم المشاهدات العملاق الذي حصده المسلسل بحبكته المرتكزة على لُعبة بقاء وحشية، من المرجّح أن يكون متوقعاً، بناءً على أسس بحثية وبيانات استباقية، وفرتها الخوارزميات لمن قاموا بإعطاء الضوء الأخضر لإنتاج "لعبة الحبّار" داخل أروقة منصة البث التدفقي الأكثر شهرة.
البذلات الحمراء
منذ إتاحته على منصة نتفليكس في السابع عشر من سبتمبر الماضي، أحدث مسلسل "لعبة الحبار" حالة عالمية من الهوس عبر الإنترنت، فمستخدمو "تيك توك" يتعثرون على مدار الساعة في عشرات المقاطع المصوّرة لكيفية تصنيع حلوى العسل المستخدمة في إحدى الألعاب، أو خطوات تصنيع البذلة الحمراء بقناعها المميّز كرداء للهالوين.
وفي قلب موجة الهوس تلك، حرص العديد من مُتابعي المسلسل على الربط بينه وبين أكثر من عمل عالمي، من إنتاج نتفليكس أو غيرها، تشابهت حبكاتهم مع لعبة البقاء المميتة التي أثارت ضجة بحلقاتها التسع، وتعد سلسلة أفلام Hunger Games (مباريات الجوع) الأميركية، وكذلك سلسلة Saw (سو) المرعبة الشهيرة، وحلقات مسلسل Black Mirror (بلاك ميرور)، من إنتاج نتفليكس، وكذلك فيلم Circle (دائرة)، وغيرها.
وعلى الرغم من عدم ارتكاز حبكته على لعبة بقاء كالأعمال السابقة، يحلو للبعض الربط بشكل مباشر بين لعبة الحبار، وواحد من أكثر أعمال نتفليكس شعبية، وهو المسلسل الإسباني La Casa de Papel (البروفيسور)، المتوج بجائزة الإيمي عام 2018.
التشابهات بين البروفيسور ولعبة الحبار لا تتوقف عند الشعبية الواسعة والعابرة للثقافة؛ فالأول إسباني، والثاني كوري، وبعض الثيمات داخل المسلسلين قد تبدو للوهلة الأولى مكررة عن قصد، استثماراً لنجاح مضمون يستلهم ثيمة الأقنعة والأزياء المتشابهة، والبذلات الحمراء للجميع.
التشبيه من العملين وصل إلى حسابات نتفليكس ذاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أشارت أكثر من مرة إلى تشابه تيمة المسلسين، ولا سيما "البذلات الحمراء" التي تثير إعجاب الجميع، ما يشي بأن الأمر ليس محض مصادفة.
كنز البيانات
أكثر من مُجرد وصفة للحبكات الناجحة.. هو ما يستطيع تحليل بيانات المستخدمين وعادات المشاهدة تقديمه للقائمين على نتفليكس، كإحدى الميزات التنافسية للمنصة التي تستطيع رصد عادات مشاهدة نحو 210 ملايين شخص حول العالم، هم عدد المشتركين فيه، وفقاً لآخر إحصائية للمشتركين.
وتعتمد منصة نتفليكس، التي دُشنت عام 1997 كشركة لتأجير الأقراص المدمجة للأفلام، على البيانات وتحليلها إلى حد بعيد في قراراتها الإنتاجية والاستثمارية، وذلك عبر وحدة بحث تدعم نموذج الأعمال الخاص بها.
وتُعد الخوارزميات والتعلُم الآلي كلمة السر في تمدد قاعدة المشتركين في المنصة عبر السنوات، وبحسب الموقع الرسمي لوحدة البحث الخاصة بـ"نتفليكس"، فإن المنصة لديها باع طويل في توظيف البيانات لصُنع محرك توصيات راسخ، واختيار الأعمال الأصلية التي يجب إنتاجها، وبالطبع آليات الترويج ومواعيد العرض المناسبة، ما يجعل الشركة عملاق بيانات ينتمي إلى وادي السيليكون، فضلاً عن كونها كيان إنتاجي يطبق الأبجديات الهوليودية.
وترصد المنصة العديد من عادات المشاهدة كبيانات عبر خوارزمياتها، لعل من أبرزها كم بالمئة من المشتركين أكملوا العمل حتى نهايته، ولدى أي نقطة في العرض توقف المشتركون عن المشاهدة، وفي أي لحظة لجأوا للتسريع أو لإعادة اللقطات، فضلاً عن سمات المسلسلات ذات الشعبية كدرجات الألوان، ونبرة الأصوات، وحتى الديكورات، وأقصى مدة لساعات المشاهدة المتواصلة.
"بيت من ورق"
ولا تتوقف القرارات المدفوعة بالبيانات عند اتخاذ قرار بإنتاج عمل أصلي فحسب، ولكن تحديد الميزانية المناسبة له، وما إذا كانت هنالك جدوى من إنتاج موسم جديد منه ومواصلة الاستثمار فيه.
وتُعد تجربة إنتاج مسلسل House of Cards (بيت من ورق)، كأحد أوائل إنتاجات نتفليكس الأصلية، نموذجاً في توظيف البيانات في إعطاء الضوء الأخضر لإنتاج عمل أصلي والرهان عليه.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، تلاقت ثلاث سمات بيانية في "هاوس أوف كاردز"، قبيل إنتاجه، جعلت قرار الاستثمار فيه سهلاً، أولها حجم المشاهدات التي حصدها المخرج ديفيد فينشر بفيلمه The Social Network الشبكة الاجتماعية، وشعبية أعمال بطل المسلسل "كيفن سبايسي"، فضلاً عن نجاح النسخة البريطانية من المسلسل والتي أنتجت في التسعينيات.
الاعتماد على البيانات في إنتاج الدراما السياسية "هاوس أوف كاردز" أهدى نتفليكس بحلول عام 2013 ملايين المشتركين الجدد بالولايات المتحدة، فضلاً عن خارجها.
وبمرور الوقت أصبحت تلك الوصفة لاختيار الحبكات بمساعدة الخوارزميات أكثر رسوخاً، لا سيما مع تضاعف قاعدة المشتركين من 60 مليون مشترك حول العالم في 2012، إلى ما يزيد على مئتي مليون مشترك العام الجاري.
الحدس البشري
وفي حين يُعد مسلسل الكوري "لعبة الحبار" أحد ثلاثة أعمال من إنتاجات منصة نتفليكس العالمية غير الناطقة بالإنجليزية، وهي المسلسل الإسباني La Casa de Papel البروفيسور، والفرنسي Lupin لوبين، استطاعت حصد مشاهدات استثنائية بالنظر لأنها أعمال محلية، فإن مسؤولة المحتوى العالمي في نتفليكس بيلا بجاريا، آثرت في تصريحات صحافية أخيرة، أن تؤكد أن المنصة تنتصر للحدس البشري على الذكاء الآلي في اختيار تلك الأعمال.
وقالت بجاريا في تصريحات لمنصة "فورتشن"، أن "اختيار (لعبة الحبار) لم يعتمد على الخوارزميات، فنحن نعتمد على الأحكام والحدس البشري الذي لا بديل عنه".
ومثّلت بجاريا بمسلسل The Queen's Gambit مناورة الملكة، قائلة أنه لا توجد بيانات يمكن أن تخبر فريقها أن دراما عن لعب امرأة الشطرنج كانت شيئاً يريده المشتركون، ومع ذلك حققت نجاحاً كبيراً، ففازت بإحدى عشرة جائزة إيمي، وأصبحت من أشهر مسلسلات المنصة.
وبالرغم من أن البيانات التي قد ترصدها خوارزميات نتفليكس على مدار الأيام القادمة، قد توصي بإنتاج موسم جديد من "لعبة الحبار"، استبعد صانع المسلسل هوانج دونج كواك، ذلك مؤكداً أنه ينوي العمل على أفلام في الفترة المقبلة، كما أنه ليس لديه تصور واضح لموسم جديد.
وقال هوانج في تصريحات لموقع مجلة "فارايتي" إنه إذا اضطر إلى ذلك، فقد يلجأ للاعتماد على ورشة من الكُتاب لأن مجرد التفكير في الأمر مرهق.