في واقعة مؤلمة تعيد طرح قضية معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة وأصحاب الهمم في العراق، خاصة من يعانون من مشكلات عقلية، في ظل انعدام الضمانات القانونية والبيئة الملائمة لحمايتهم ومعالجتهم والتعاطي الصحيح مع حالاتهم، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بقيام أسرة بالتخلي عن فتاة مريضة عقليا في مستشفى، بعد تعرضها لكسور.

وكشف رئيس خلية الإعلام الأمني ومدير دائرة العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية العراقية، اللواء سعد معن، تفاصيل حادثة ترك ذوي فتاة مريضة عقليا لها في المستشفى دون رعاية.

وأكد أن الشرطة المجتمعية العراقية في دائرة العلاقات والإعلام، تكفلت بمتابعة الحالة الصحية للفتاة، حسب بيان المسؤول الأمني العراقي.

وفي التفاصيل قال البيان: "أشرف (..) سعد معن، ومفرزة من الشعبة النسوية في الشرطة المجتمعية، على متابعة الحالة الصحية لإحدى الفتيات والمصابة بعوق ذهني، والتي تركها ذويها في المستشفى بعد تعرضها لحادث كسر في يدها وساقها".

وأضاف: "تمت المتابعة لحين اتخاذ الإجراء المناسب واستحصال الموافقات القضائية على إيداع الفتاة في دار الحنان لشديدي العوق، وتقديم الخدمات الطبية والإنسانية والإشراف على حالة الفتاة الصحية".

وللتعليق على هذه الواقعة المؤلمة، قالت عضوة منظمة حقوق المرأة العراقية، الناشطة سارة الحسني، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية": "هذه الفتاة واسمها آية، ليست أول مصابة بمشكلة عقلية تُرمى هكذا من قبل ذويها، حيث هناك العديد من هذه الحالات المماثلة، من الأطفال ومن النساء والرجال الذين تخلت عنهم أسرهم، وأصبحوا يفترشون الطرقات والأرصفة، أو يُتركون بإحدى المستشفيات".

وتابعت: "بذلك يبقون مجهولي المصير لا يعرف من هم أهاليهم، ويواصلون حياة الذل والمهانة وسط غياب المعالجات اللازمة، وفق طرق علمية صحيحة ومدروسة لحالاتهم".

وعن الأسباب التي تقف خلف تكرار مثل هذه الحوادث، قالت الناشطة الحقوقية: "هي متنوعة ومتشعبة، فإما أن الأهل لا يمتلكون أبسط مقومات الحياة لذا لم يتمكنوا من إعالة شخص معاق، يحتاج لرعاية خاصة ومصاريف أكثر، أو لا يجد من يرعاه ربما بعد وفاة والديه، فيعجز الأخوة عن تحمل المسؤولية، وهكذا تتعدد الأسباب وتبقى المأساة بلا حلول".

وانتقدت الحسني المعالجات الحكومية لهذه الظاهرة، بالقول: "الإجراءات التي اتخذتها الشرطة المجتمعية، هي الروتين المعتاد والمعتمد للتعاطي مع مثل هذه الحالات، فبعد الإعلان والبحث والعلاج، يودع المريض في دار رعاية لشديدي العوق، ليكمل باقي حياته البائسة".

وكانت صور الفتاة وهي ممدة على سرير المستشفى بعد ترك ذويها لها، قد شكلت صدمة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي في العراق، حيث أبدى معظم روادها، أسفهم من تجرد البعض من أبسط المشاعر الإنسانية، لدرجة إقدام عائلات على التخلي عن أحد أفرادها المرضى.

وانتقد كثيرون ضعف المعالجات القانونية والتنفيذية، لقضايا اجتماعية حيوية وملحة، كقضية التعاطي الإنساني والأخلاقي السليم مع أصحاب الهمم وذوي الاحتياجات".