العين الإخبارية:
كان يوما مرعبا لطلاب إحدى المدارس الثانوية في محافظة إب، وسط اليمن، وذلك إثر زيارة أحد قادة مليشيات الحوثي المسؤولة عن التجنيد.
كانت الزيارة بهدف دفع طلاب المدرسة الثانوية للالتحاق بجبهات القتال، لكن تجاهل الطلاب دعوات القيادي الحوثي وعدم رغبتهم بالتجاوب معه دفعه لاستدعاء دوريات أمنية لاعتقالهم، بل وتجنيدهم بالقوة.
يقول ناظم نصر، وهو أحد الطلاب لـ"العين الإخبارية": "كان يوما مخيفا بالنسبة لنا إذا أن طلب التجنيد أصبح مرادفا لكلمة الموت، لقد استحضرنا مواكب التشييع مع الكلمات التي كان المشرف الحوثي يسردها، وتأكد لنا أنها مصيدة لهلاكنا.
تمكنا من الفرار عبر الباحة الخلفية الواسعة للمدرسة يضيف نصر، وغادرناها إلى منازلنا، لكن الخطوة الأخرى بالنسبة لنا والتي اتخذناها لاحقا دون تنسيق مسبق، هي مغادرة مدينتنا.
ويرى نصر أن البقاء في المنازل كان ينطوي على مخاطر، إذ ستتبع مليشيات الحوثي تلك الخطوة بخطوة أخرى وهي مداهمة منازل الطلاب لاعتقالهم وهو ما حدث بالفعل لاحقا.
ترك مقاعد الدراسة
أجبرت حملات التجنيد الحوثية آلاف الطلاب اليمنيين على ترك مقاعد الدراسة والانتقال إلى المحافظات المحررة.
أمين راجح طالب آخر ورفيق نصر في المدرسة ذاتها ، يقول لـ"العين الإخبارية": تبحث مليشيات الحوثي عن أطفال بين الـ14 والـ18 من العمر، ممن يصدقون رواياتها بأنها تقاتل أمريكا وإسرائيل في مأرب، باعتقادي لم يعد أحد يصدق ما يقوله المشرفين الحوثيين باستثناء أن دعواتهم تجلب الموت لأبناء القبائل، فيما ينعم أبنائهم بسبل الراحة.
يضيف: "في كثير من الأوقات تنتابني مشاعر الندم على مغادرة المدرسة، لكن في النهاية أرى أن ما قمت به كان الأفضل من أن أفقد حياتي، إذ كنت بين خيارين لا ثالث لهما، إما الالتحاق بجبهات الحوثي مع ما ينطوي ذلك من خسارة للحياة، أو أغادر محافظتي وأخسر مستقبلي الدراسي".
يمضي راجح حديثه لـ"العين الإخبارية": "بالطبع يعد خسارة المستقبل الدراسي أقل الضرر من خسارة الحياة، ولهذا أنا هنا لأعمل وأنفق على أسرتي جزءا مما أربحه شهريا فيما أنفق ما يتبقى منها على المصاريف الشخصية وتكوين مستقبل آخر بعيدا عن طريق التعليم".
يعتقد راجح أن الحديث مع نفسه حول الخيار الثاني يتكرر باستمرار لتخفيف مشاعر الندم التي تنتابه يوميا: "الشعور بتدمير مستقبلك على ذلك النحو لتصبح عامل لبيع الخضروات هو شعور له وقع كبير على النفس، إنه شعور بالصدمة المتكررة حينما تتذكر أنك فقدت مستقبلك وأصبحت بدون أمل".
حسب الطالب ناظم نصر، الذي كان يعمل في أحد أسواق بيع القات في مدينة الخوخة الواقعة جنوب الحديدة اليمنية، فإن العشرات من أقرانه يعملون في مهن عدة ويلتقيهم يوميا على سبيل التذكير بالمحنة الجماعية التي واجهونها.
يقول إنه لقاء لتذكر الأيام الجميلة التي كنا نذهب خلالها سويا إلى المدرسة، نتذكر كل شيء فيها من قبيل أنها أفضل الأيام التي عشناها واجمل الذكريات، لكننا أمام الخديعة الحوثية كان ينبغي لنا أن نكون هنا لا تحت التراب.