يقدم فيلم Spencer الصادر مطلع نوفمبر 2021، دراما تاريخية تجسد مآسي حياة الأميرة الراحلة ديانا، مع تركيز لافت على الجانب النفسي من شخصيتها والظروف القاهرة التي عانت منها في إحدى أحرج مراحل سيرتها.

سيرة ذاتية

ويروي العمل السيرة الذاتية للأميرة ديانا، وجسدت دورها الممثلة كريستين ستيوارت، وتبدأ الأحداث في منطقة ساندرينجهام في إنجلترا أثناء احتفال العائلة المالكة بعيد الميلاد، لتقرر ديانا دون مقدمات إنهاء علاقتها الزوجية بالأمير تشارلز بعد زواج دام لأعوام.

وبدلا من توجه المخرج إلى أعمال سينمائية نموذجية تعتمد التكرار، اتخذ نهجا خاصا به لتدور الأحداث خلال 3 أيام مأساوية من حياة الراحلة.

ومع خلفية موسيقية كلاسيكية وكوادر واسعة وألوان باهتة، تنطلق أحداث الفيلم، لنشهد معاناة ديانا مع بيئتها المتسلطة، ويتضح ذلك منذ المَشاهد الأولى حين قادت السيارة وحدها متجهة إلى القصر الملكي لحضور الحفل ولكنها تضيع في الطرقات.

العائلة المالكة

وفي نزعة تمرد بادية وميل واضح للتمرد والخروج على الأعراف الخانقة، تظهر على ملامح البطلة وسلوكياتها أن تقاليد العائلة المالكة أثقلت كاهلها وسببت لها بؤسا عميقا، إذ أصبح الروتين اليومي أشبه بسجن أثيري.

وهنا يشير المخرج إلى أن الحياة داخل أضخم وأفخم القصور ربما تكون سجنا وبؤسا ولا تكاد تختلف عن حياة سجين محكوم بالمؤبد في زنزانته المنفردة.

ويعتمد الفيلم على البطولة الفردية، فالشخصية المحورية في العمل هي ديانا، وما حولها من ممثلين ليسوا سوى خلفية للحدث الرئيس، باستثناء تسليط الضوء على علاقتها الإنسانية المتميزة مع مساعدتها ماجي، القائمة على الاحترام المتبادل وصدق المشاعر، لتمثل صديقتها الوحيدة داخل جدران سجنها الفاخر.

وتغيب الخصوصية في حياة ديانا، إذ يتردد صدى أفعالها وأقوالها في جميع أرجاء القصر، فنشهد معاناتها في وضع قيود على آرائها وقناعاتها.

وركز المخرج على الوصف، مقدما تصورا مستفيضا لأسلوب الحياة في القصر الملكي، وتفاصيله اليومية، والأثاث والأزياء والمأكولات، ليضع المتلقي في الأجواء الحقيقية للأيام الثلاثة الفاصلة من حياة ديانا.

ويدخل الروتين في أصغر التفاصيل، فالالتزام بمواعيد الوجبات مقدس، ولا أعذار للتغاضي عنه، ولكل وجبة زيها الخاص المعد مسبقا، ليفرض على الأميرة المتمردة أسلوب حياة نمطيا لا تؤمن به وتمقته.

جانب نفسي

وتعيش ديانا ضمن أطر عائلية، وقائمة تطول من الممنوعات، في مكان يفتقر لأدنى مقومات الحرية في اختيار ملابسها وتسريحة شعرها.

وبحوار صغير يوحي بمدى تشتت الشخصية وضياعها تقول ديانا: ”المعذرة، أنا أبحث عن مكان ما، لأنني لا أملك أي فكرة عن مكاني“.

ويناقش الفيلم الرعب النفسي من القيود التي يفرضها المحيط الاجتماعي، والشعور الدائم باغتراب الفرد عن ذاته المبدعة الخلاقة، ما يولد إحساسا بالضياع والتشتت وعدم الانتماء.

واستعان الفيلم بسلسلة من الهلوسات لإحدى زوجات الملك هنري الثامن، المشابهة لحالة ديانا الصحية والعقلية، وربما كانت إضافة ناجحة تبرز مدى تطور مراحل الشخصية.

لمحة تاريخية

ولدت ديانا فرانسيس سبنسر في ستينيات القرن الماضي في إنجلترا، وتوفيت في حادث سيارة عام 1997، وعُرِف عنها أنها كانت تتمتع بالعفوية والتواضع والقبول الاجتماعي، وعطشها للحب الأصيل، وهو ما لم تحققه من زواجها بالأمير تشارلز.

أداء ناجح

وأما عن النجمة كريستين ستيوارت، فقد تألقت في تقديم دور مثالي، مع إضافة لمسة لافتة بشعرها الأشقر ولباسها الكلاسيكي، فضلا عن إتقانها للهجة الأميرة ديانا ومظهرها الحالم.

ويتضح جهدها المبذول في قمع شخصيتها الحقيقية لتتوافق مع تسلط العائلة المالكة وتكون الشخصية مقنعة بالنسبة للمُشاهد.

أصداء

وقال الناقد كونور لايت بودي، في معرض حديثه عن مشهد العشاء الملكي، إن ”مشهد التخيل الذي راود ديانا في العشاء وهي تأكل اللآلئ المعلقة بشكل خانق حول عنقها، سبب استياء الجمهور، وهي تضغط عليهم وكأنها ستكسر أسنانها، وهذا أحد العناصر السريالية التي استخدمها المخرج لخلق جو موازٍ للحالة العقلية لديانا“، وفقا لموقع ساين شات الإنجليزي.

وحقق العمل إيرادات تجاوزت مليوني دولار بعد وصوله لأكثر من 900 دار عرض سينمائية في الولايات المتحدة وحدها.

ورُشِح العمل لجوائز ومهرجانات عدة، منها مهرجان البندقية السينمائي، ومهرجان غنت السينمائي، وجائزة الأسد الذهبي.

وفازت كريستين ستيوارت في مهرجان بالم سبرينغز السينمائي الدولي بجائزة أفضل ممثلة عن فيلم سبنسر.

والعمل من إخراج بابلو لاراين، وسيناريو ستيفن نايت، وهو من إنتاج مشترك بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وتشيلي وألمانيا.

وشارك في بطولة الفيلم إلى جانب النجمة كريستين ستيوارت، كل من تيموثي سبال، وجاك نيلن، وفريدي سبري، وجاك فارثينج، وشون هاريس، وستيلا جونيت، وريتشارد سامل.