مروان حاتم + صحيفة «طريق الشعب» العراقية
تزامنا مع ذكرى مرور أربع سنوات على إعلان تحرير العراق من تنظيم “داعش” الارهابي، لا يزال ملف النازحين عصيا على الحل؛ إذ أن عشرات المخيمات في كردستان العراق وغربه، لم ترفع للآن، بينما ملّ قاطنوها العيش بهذه الطريقة.

وتبرر الجهات المعنية بقاء تلك الخيام واقفة على أعمدتها، لأسباب عديدة منها: الاوضاع الامنية غير المستقرة في مناطقهم الاصلية، أو عدم وجود أموال كافية لاعادتهم، أو تأهيل منازلهم والبنى التحتية في مدنهم، فضلا عن أزمة “الثارات العشائرية” التي بقي بعضها بلا تسوية حتى الان.

واضطر ملايين العراقيين للنزوح وترك منازلهم في محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين والأنبار وديالى وأطراف بغداد وأجزاء من محافظة بابل، بعد منتصف عام 2014 عقب توسع سيطرة ارهابيي تنظيم داعش، على مناطق واسعة ومختلفة من البلاد.

وتقول الأمم المتحدة: إن ما لا يقل عن 5.5 مليون عراقي اضطروا للنزوح إثر المعارك مع تنظيم داعش، لجأ بعضهم إلى دول الجوار مثل تركيا أو دول الاتحاد الأوروبي. وبحسب منظمة الـ un فان عدد النازحين في إقليم كردستان 210 ألف نازح.

ماسآة النازحين.. اكثر من 6 اعوام ونازحو الانبار يسكنون العراء. #تقرير_قتادة_عادل #تصوير_عمر_شهاب #قناة_1newu

Posted by قتادة عادل on Friday, December 17, 2021


وحينما يتجول المار في مخيمات النزوح شمال ووسط وغرب العراق، وكأنه يمر على أقوام من العصور الوسطى، حيث الأراضي جرداء والشمس حارقة والخيام متهرئة، وبينها هنا وهناك أطفال تمزقت أسمالهم البالية وعلت وجوههم صفرة الجوع وغبرة الرمال المحيطة بهم.

بضع خزانات للمياه لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، أشواك وأدغال حول المخيمات في النهار وذئاب وضوار في الليل، كل شيء هناك بدائي، من مخيمات السكن إلى أواني المياه والطعام الذي قد لا يزيد عن بعض الخبز اليابس وشيء من التمر إن وجد، ومواقد نيران لا يزيد حطبها عن بعض أشواك أو أدغال متيبسة.

لا يعرف النازحون في أغلب المخيمات التكنولوجيا الحديثة من اتصالات وكهرباء وإنترنت، ولا يعلمون ما يجري خارج مخيماتهم سوى ما يسمعونه ممن يزورهم من الناشطين وبعض المنظمات الإنسانية المحلية.

وبدلاً من قضاء فترة المساء بمشاهدة التلفاز كما يفعل سكان المدن، فهم يقضون ليلهم في الحراسة خشية اقتراب الكلاب البرية أو الذئاب من أسرهم، حيث يسلي الرجال وقتهم في الحراسة بأحاديث وقصص بعد أن يجمعوا شيئاً من الحشائش أو الأشواك اليابسة لإشعال النار التي يؤنسهم ضوؤها في ظلام الليل الحالك.

بينما تقضي النساء الليل في محاولات تنويم الصغار الذين يأكلهم الجوع والمرض ببطء.

وبالنسبة للنازحين في المحافظات الغربية، فانها لا يختلف كثيرا عن وضع أقرانهم في مناطق الاقليم، فهم يقاسون المعاناة ذاتها، ويحلمون في العودة.

وفي هذا الصدد، توضح الناشطة المجتمعية كوثر المحمدي، رئيسة مؤسسة سقيا، في حديث لـ”طريق الشعب” قائلة: ان “النازحين موجودون في الانبار بصورة عشوائية؛ حيث ان هذه المخيمات أغلقت رسميا، لكن الى اليوم هي تؤوي بعض النازحين، الذين لا يستطيعون العودة الى مناطقهم، مثل جرف الصخر والعويسات”، مشيرة الى انهم “يسكنون بمنطقة بزيبز، وهو مخيم جدا كبير، واغلق منذ سنتين وتحول الى عشوائية”.

ومفردة “عشوائية” بحسب الناشطة، “تطلق على المخيمات التي اغلقتها الحكومة رسميا، لكن لا يزال هناك نازحون يسكنون فيها. وهذه مصنفة ضمن البرامج الخدمية لمنظمات المجتمع المدني.

خدمات معدومة

وتكمل المحمدي أن مخيمي العامرية والسياحية، مغلقان لكنهما يؤويان 75 اسرة، وعدد نازحيهما يصل من 200 الى 300 فرد.

وتشير الى وجود مدرسة ومركز صحي بالقرب من هؤلاء النازحين، لكنهما بلا خدمات، واصفة حديث الوزارة عن إعادة النازحين مجرد “دعاية اعلامية”، معتبرة أن “كل ما فعلته الحكومة هو اغلاق المخيمات، لكن مصير النازحين يبقى مجهولا”.

وتبين المحمدي ان “أهالي الانبار أعطوا للنازحين أراضي في مناطق صحراوية يسكنون فيها مؤقتا حتى يتحسن الوضع”، مخمنة ان عدد النازحين الموجودين في الانبار يصل تقريبا الى 2500 نازح.

وتختتم المحمدي حديثها بأن “الامراض تواصل الانتشار في المخيمات، بينما مناعة النازحين أصبحت ضعيفة جدا. هناك مصابون بالسرطان وبأمراض عديدة وفطريات لدى النساء والاطفال”.

ويبقى السؤال الأهم هل سيتمكن هولاء النازحون الفقراء إلى مدنهم وبلداتهم في 2022؟!