إرم نيوز يشاهد الزوار الجدد لمهرجان الإبل المقام في السعودية حاليًا، سوقًا تجاريًا يضم سلسلة مطاعم ومقاهٍ ومتاجر متنوعة في شارع الدهناء الذي استمد اسمه من الصحراء الواسعة التي هجرها العرب قديمًا لصعوبة الحياة فيها، وباتت اليوم مكانًا مزدحمًا بعشاق الإبل والتراث والماضي.وتعد صحراء الدهناء من أكبر صحارى شبه الجزيرة العربية وأشهرها، وكانت قبائل العرب تعبرها بحثاً عن الكلأ لمواشيها، لا سيما الإبل، أشهر حيوانات الصحراء، لكنها لا تجد مبتغاها هناك دائماً مع قلة هطول الأمطار، لتبقى حاضرةً في قصائدهم وهم يصفون طريق البحث عن مكان لحط الرحال.لكن المشهد تغير تماماً في السنوات الست الماضية، ليصل لأفضل حال هذا العام، حيث يجذب شارع الدهناء زوار النسخة السادسة من مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل، الذي يقام وسط صحراء الدهناء في منطقة تسمى الصياهد، وتبعد نحو 90 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من مدينة الرياض.ويبدأ شارع الدهناء من عند البوابة الرئيسية لمقر المهرجان، حيث تصطف على جانبيه مطاعم تقدم وجبات شعبية وأخرى غربية بينها الهمبرغر، بينما تتنوع مشروبات المقاهي أيضًا بين الشاي والقهوة التقليدية ومشروبات غربية ساخنة وباردة ليس بينها الخمور المحظورة في المملكة بالطبع.وبينما تكون الإبل هي مقصد الزوار، حيث تتوافر مدرجات تتسع لآلاف الحضور الذين جاؤوا لرؤية قطعان تسمى ”المنقيات“، في إشارة لكونها منتقاة لجمالها وتنافس في مسابقات المزايين، يشد الشارع الطويل ومقاهيه ومطاعمه ومتاجره الزوار الذين يمضون وقتاً ليس بالقليل قبل أن يواصلوا مسيرهم نحو مكان تواجد الإبل.وتحاكي الحركة التجارية في شارع الدهناء، عبق الماضي، حيث يتواجد سوق شعبي يباع في متاجره الحطب والفحم والمناقل والدلال والأباريق التراثية والأواني المنزلية ذات الطابع التراثي المستوحى من بيئة الصحراء، إضافة لمنتجات المواشي مثل السمن البري، والملابس الشتوية المصنعة من الفرو، وكذلك المنسوجات المصنوعة من القش.ويمكن لزوار المهرجان الاستراحة في مخيمات مخصصة للإيجار في شارع الدهناء، حيث يساعد الجو الشتوي المعتدل في هذا الوقت من العام، على البقاء طوال ساعات النهار وحتى المبيت في الصياهد.ويبدو مقر المهرجان بالطائرات المسيرة التي تحلق في المكان لغرض التصوير، حيث يحظى المهرجان باهتمام وتغطية إعلامية كبيرة، كما لو أنه نقطة صغيرة وسط صحراء رملية ليس لها نهاية، بينما يظهر شارع الدهناء وهو يشق تلك الصحراء.ويقول المشرفون على المهرجان إنهم يخططون لزراعة المنطقة بأشجار تناسب البيئة الجافة والحارة، بحيث يتحول المكان إلى ما يشبه الواحة التي ستزيد الأضواء والمباني من جمالها.وفي أحد جوانب شارع الدهناء، يلفت باص طويل حولته مالكته لمقهى متنقل وجذاب، أنظار الزوار الذين يجلسون لتناول مشروبات متنوعة تقدمها الشابة السعودية سارة في أول تجربة لها مع المهرجان.وتقول سارة إن تجربتها مع المهرجان ناجحة، حيث يقبل الزبائن على مقهاها، فالحضور النسائي في المهرجان بات أمراً معتاداً، بما في ذلك مشاركة مالكات للإبل في منافسات المهرجان.والحياة مزدحمة في هذه البقعة من الصحراء حتى ساعات متأخرة من الليل، بينما توجد وزارة الداخلية عبر مقر لها وعدد كبير من رجال الأمن بجانب مؤسسات حكومية أخرى حضرت الحدث البارز الذي ينشغل فيه كثير من مواطني المملكة.ويقول محللون ومتخصصون في عالم الإبل والمهرجان، إن عدد جمهور الإبل الذين يحضرون للصياهد هذا العام سيتراوح بين مليون ومليوني شخص من الجنسين، حيث تم تطوير النسخة الحالية من خلال رفع قيمة جوائزها إلى 250 مليون ريال (نحو 67 مليون دولار).ومع تزايد الاهتمام الرسمي والشعبي بعالم الإبل ومنافساتها في المملكة، تكتسب صحراء الدهناء، لا سيما منطقة الصياهد، وشارع الدهناء فيها، مزيداً من الشهرة والتطور لتدب الحياة في قلب الصحراء وتتحقق أمنية قديمة لقبائل العرب لخصوها في المقولة الشهيرة ”إذا أخصبت الدهناء أخصب العرب“، في إشارة لمساحتها الواسعة وقدرتها على استيعابهم ومواشيهم في مواسم هطول الأمطار المتباعدة.