سكاي نيوز عربية

لم يعد مستغربا في الأوساط العلمية أن تكشف دراسة جديدة أن مصابيح الشوارع ذات اللون الأزرق تساهم في تقليل نسبة الجريمة في المدن.

وليس الأمر يتوقف هناك، فأظهرت دراسة أخرى بأن الطلاب الذين حصلوا على الرقم الأحمر قبل إجراء الاختبار، سجلوا درجات أقل بعشرين بالمئة من الطلاب الذين حصلوا على الرقمين الأخضر والأسود.

بينما تُظهر دراسة ثالثة أن الأشخاص الذين يعملون في المكاتب الخضراء، يتمتعون بقدر عالي من الرضا الوظيفي.

هذه الطفرة الكبيرة في الأبحاث التي تتناول تأثير الألوان والعلاج بالضوء، تترافق مع الانتشار المتزايد للأطياف الضوئية المرئية، ودمجها في العلاجات الطبية التكميلية.

العلاج بالألوان على مرّ العصور

لم يكن العلاج بالألوان وليد الصدفة، فهو موجود منذ آلاف السنين عند المصريين القدامى، الذين استخدموا أشعة الشمس والألوان للشفاء، وكذلك الصينيين والإغريق الذين استعملوا الأحجار والأصباغ في ملاجئ علاجية ملونة.

مسار العلاج بالألوان تطور أكثر على يد الفيلسوف والطبيب البارز ابن سينا عام 980 بعد الميلاد، وفقًا لموسوعة ستانفورد للفلسفة، حيث ربط ابن سينا الألوان بدرجات حرارة الجسم والظروف المادية، وكان أول من لاحظ أن الشخص الذي ينزف، يجب ألا ينظر إلى اللون الأحمر، وبدلاً عن ذلك يجب أن يتعرض للون الأزرق لتوقيف النزيف.

دراسات أخرى قاطعة شقت طريقها في القرن التاسع عشر، بفضل العالم إدوين بابيت الذي طور مجموعة من البروتوكولات، بما في ذلك استخدام الترددات الزرقاء والبنفسجية للعوامل المهدئة، والتردد البرتقالي كمنشط، والأصفر كمليّن.

ثم حصل الطبيب الدنماركي نيلز ريبيرج فينسن على جائزة نوبل للطب عام 1903 لاستخدامه الضوء الأبيض في علاج أمراض الدماغ.

لاحقا اقترح الهندي دينشا غاديالي موسوعة القياس الطيفي في العلاج بالألوان، لأكثر من 300 مرض.

ما هو العلاج بالألوان؟ وماهي فوائده؟

العلاج بالألوان هو نطاق ضيق في طيف الطاقة الكهرومغناطيسية الكونية، التي تتألف من الأحمر والأخضر والأزرق ومشتقاتها مجتمعة، مما ينتج الألوان التي ندركها بصريا وحسيا، الواقعة بين نطاقات الأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء.

هذه الألوان المرئية بطول موجي معين وذبذبات فريدة، عند دمجها مع الضوء وتسليطها بشكل انتقائي على الأعضاء أو الأنظمة المعطلة في جسم الإنسان، توفر طاقة الشفاء اللازمة التي يحتاجها الجسم. فالألوان طاقة مشعّة تولّد نبضات كهربائية وتيارات مغناطيسية، تكون منشطةً للعمليات الكيميائية والهرمونية في جسم الإنسان أو تكون مهدئة لها لموازنة النظام بأكمله.

ويقسم العلماء الألوان إلى نوعين رئيسين:

الألوان الموجبة: تمتاز بتفاعلها الحمضي وإشعاعاتها المنشطة؛ كالأحمر والبرتقالي والأصفر والأسود.

الألوان السالبة: تمتاز بتفاعلها القلوي، حيث تكون إشعاعاتها باردة ومهدئة كالأزرق والأخضر..

وعن فوائد هذا العلاج تؤكد أستاذة طب التخدير في جامعة ديوك بادما غولور، أن استخدام العلاج بالألوان مفيد لمجموعة متنوعة من الأمراض الجسدية والعقلية، ولتخفيف الاضطرابات العاطفية مثل الاكتئاب.

وقد حققت التجارب السريرية التي أجرتها غولور حول استخدام الضوء الأخضر لتسكين الألم نتائج إيجابية عالية مع المرضى الذين كانوا يعانون من آلام حادة أو مزمنة كالمصابين بالسرطان أو الذين يعانون من الصداع النصفي، بعدما تعرضوا للضوء الأخضر إما بالجلوس في غرفة خضراء أو ارتداء نظارات بالضوء الأخضر. وقد شعروا بتهدئة الألم رغم تقليل استخدام مسكنات الألم والمواد الأفيونية.

كذلك يعتبر اللون الأخضر من الألوان التي تعمل على تحسين الأداء ومهارات التعلم، حيث تنصح كيت لي من جامعة ملبورن المتعلمين والموظفين وأرباب العمل بالتواجد في بيئة غنية بالألوان التالية:

الأخضر: يعزز الشعور بالراحة والهدوء، ويحسن الكفاءة والتركيز والوضوح على المدى الطويل.

البرتقالي: يحسن المزاج والأداء العصبي ويعزز الراحة ويزيد من إمداد الدماغ بالأكسجين، مما يحفز النشاط العقلي والاستعداد "لإنجاز المهام".

الأزرق: مريح ومهدئ لكنه يناسب أكثر أصحاب العمل الفكري كالمبرمجين والأكاديميين، فهم يكونون أكثر إنتاجية في بيئة زرقاء.