المسافة شاسعة بين لحظتين فارقتين، كانت الأولى للطفلة جنات التميمي ذات السنوات الثلاث وهي تلعب أمام منزلها الكائن في منطقة التمايم الريفية بضاحية قصر بن غشير المحاذية لمطار طرابلس العالمي، عندما تم اختطافها في الـ15 من فبراير الجاري، والثانية عندما أعلن العثور مساء الاثنين، على جثتها داخل خزان خاص بالمياه في مزرعة أسرتها.

بكل البراءة وأحلام الطفولة كانت جنّات تلهو، لكنّ متربصين بها اختطفوها، واتصلوا بأسرتها مطالبين بمبلغ 100 ألف دينار (حوالي 22 ألف دولار)، وهو مبلغ عجزت الأسرة عن توفيره في الوقت المحدد، بسبب الظروف الصعبة التي تمر بها أغلب الأسر الليبية.

وأعلنت وزارة الداخلية انتشال جثة الطفلة المفقودة جنات رياض التميمي، وهي مفارقة للحياة بداخل خزان خاص بالمياه، وقامت بإحالتها إلى المستشفى لعرضها على الطبيب الشرعي لمعرفة سبب الوفاة وزمن حدوثها، واتخذت الإجراءات الأولية من قبل المركز المختص والنيابة العامة.

واهتزت طرابلس ومدن ليبية أخرى للحادثة، بينما شن ناشطون حملة واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتعاطف مع أسرة الطفلة جنّات، وللتشديد على ضرورة ملاحقة المتورطين في جريمة الاختطاف والتصفية والقبض عليهم وتسليط الأحكام القضائية عليهم، التي تناسب فداحة الجرم المرتكب.

وبحسب أوساط ليبية، فإن مثل هذه الجرائم ذات الصلة باغتيال الطفولة انتشرت على نطاق واسع في ليبيا خلال السنوات الأخيرة، وذلك نتيجة حالة الانفلات الأمني والإفلات من العقاب، وعادة ما ترتكبها شبكات متخصصة في الاختطاف بهدف الحصول على الفدى، ولكن بعض الجرائم يتورط فيها أقارب وجيران، وخاصة من الشباب المدمن على المخدرات وحبوب الهلوسة أو في إطار تصفية الحسابات الأسرية

ولعل قضية أولاد الشرشاري التي عرفت مقتل ثلاثة أشقاء من قبل خاطفيهم بمدينة صرمان، غربي طرابلس، تمثّل أبشع الجرائم التي استهدفت الطفولة الليبية خلال السنوات الماضية.

وفي مدينة سبها، عاصمة إقليم فزان، لا يزال مصير الطفل المختطف مصطفى البركولي مجهولاً، بعد اختطافه من أمام منزل أسرته بحي الجديد على يد 4 أشخاص، يرجح أنهم ينتمون إلى إحدى الميليشيات، إذ تم التعرف عليهم بالاسم، ولكن لم يعد الطفل، ولم يتم القبض على الجناة.