منذ حوالي 900 عام، وصل هذا الرحالة المسلم لتتحوّل جزر المالديف كلّها إلى الإسلام. ولكن وراء اعتناقهم الإسلام قصة مثيرة.
الصورة الذهنية لدى أغلبنا عن جزر المالديف أنّها جزرٌ جميلةٌ هادئةٌ نائية، تمثِّل مكاناً جميلاً لقضاءِ وقتٍ ممتع متنقلاً بين جزيرةٍ وأخرى، لكن ربما لا يعلم بعضنا أنّ الغالبية المطلقة من سكان هذه الجزر هم مسلمون. وإذا عرفت هذه المعلومة فهل تعلم عزيزي القارئ قصّة دخول الإسلام المالديف؟
إنّها قصة مثيرة، وجميلة في الوقت نفسه، بدأت مع الرحالة المغربي أبو بركات البربري. وفي هذا التقرير سنأخذك في رحلةٍ عبر التاريخ، بالتحديد قرابة القرن الحادي عشر الميلادي.
دخول الإسلام المالديف
يذكر الأديب والمؤرخ المصري محمود شاكر في كتابه التاريخ الإسلامي، أنّ الإسلام قد بدأ يدخل جزر المالديف عام 85 هجرياً، أي في القرن السابع الميلادي. وقد دخل على يد التجار المسلمين الذين وصلوا تلك المناطق في عهد الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان.
الإسلام
لكنّ الإسلام لم ينتشر هناك بهذه الطريقة، فتأثير التجار كان بسيطاً، فلم يتجاوز تأثيرهم بضعة أشخاص يدخلون الإسلام في هذا الوقت أو ذاك، ولكنّ التأثير الكبير جاء من خلال رحّالة مسلم، من المغرب -ويقال من الصومال- إلى تلك البلاد، ولهذا قصةٌ أخرى يقصّها علينا الرحالة المغربي ابن بطوطة في كتابه "تحفة النظّار في غرائب الأمصار".
ابن بطوطة في المالديف
سافر ابن بطوطة إلى كلّ دول الشرق، مبتدئاً من موطنه مدينة طنجة في المغرب وصولاً إلى الهند التي كانت آنذاك تحت إمرة السلطان المسلم محمد بن تغلق شاه. عمل ابن بطوطة قاضياً لدى السلطان، وعاش عدّة سنوات هناك، لكنّه شعر بالقلق لأنّ السلطان كان دائم التقلُّب سريع الغضب، فخاف أن يقع له سوء إن هو بقي في خدمته.
وفي عام 1341 اختاره السلطان ليكون مبعوثاً له إلى سلطان المغول في الصين، فانطلق في رحلته هرباً من قلقه وخوفه من السلطان. أثناء رحلته تعرّض ابن بطوطة للاختطاف، وسُلب منه كلّ ما كان يملكه، ولم يتركه المختطفون إلا بسرواله!
ولاحقاً دبّر ابن بطوطة نفسه وسافر إلى جنوب المحيط الهندي، ليصل إلى جزر المالديف. ويقصّ لنا قصّة دخول الإسلام لهذه الجزر الجميلة. وقد أقام فيها ابن بطوطة سنةً قبل أن يكمل رحلته إلى الصين.
أبو بركات البربري.. الشيخ الذي تغلّب على "العفريت"
عندما وصل ابن بطوطة إلى جزر المالديف كانت تحكمها سلطانة تدعى خديجة. وفي أحد أيام وجوده هناك وجد نفسه وسط ما يشبه المهرجان. فالناس مجتمعون ناحية الساحل يلهجون بالتهليل والتكبير، والأطفال على رؤوسهم مصاحف، والنساء يضربن على الأواني النحاس.
استغرب ابن بطوطة وسألهم عن حالهم هذا وسببه، فطلبوا منه أن ينظر للبحر، وعندما نظر وجد مثل المركب الكبير، فقالوا له: هذا العفريت، وعادته أن يظهرة مرةً في الشهر. فإذا فعلنا ما رأيت منّا الآن انصرف عنّا ولم يضرّنا، وهكذا اجتذبوا فضول الرحالة فنقّب عن الأمر حتّى حكاه له "الثقات"، وفق ما يخبرنا في رحلاته.
أبو بركات البربري
وهكذا ذهب ابن بطوطة وسأل بعض الفقهاء والقضاة فأجابوه بالقصّة. ففي الزمان البعيد كان يظهر لأهل هذه الجزر عفريتٌ من البحر في موعد محدد كل شهر، وعندما يظهر يأخذون إحدى البنات العذراوات ويزينونها ويضعونها في بيت الأصنام المُقام على الساحل، ويتركونها هناك ليلة، فإذا جاء الصباح وجدوها ميتة.
وهكذا كان السكان يرتِّبون قرعة كلّ شهر، فمن جاءت عليه القرعة من السكان وجب عليه تقديم ابنته العذراء لهذا العفريت. وبعد سنين طويلة وصلهم هذا الرحالة المسلم أبو بركات البربري.
عندما وصل أبو بركات وجدهم على تلك الحال، وكان يعيش في دار امرأةٍ عجوز في إحدى الجزر، وفي أحد الأيام وجدها قد جمعت أقاربها وأخذوا يبكون بكاءً شديداً، وحين سألهم عرف أنّ القرعة وقعت على العجوز، وهكذا يجب عليها التضحية بابنتها الوحيدة، وهنا قرَّر أبو بركات البربري أن يُنقِذَ الفتاة، فأخبر العجوز أنّه سوف يدخل بديلاً عن ابنتها.
وهكذا خاص أبو بركات البربري تلك المغامرة، دخل بيت الأصنام وبدأ تلاوة القرآن، وعندما ظهر له العفريت وسمع القرآن عاد إلى البحر مباشرةً، وفي صباح اليوم التالي عندما وصلت العجوز وأهلها وجدوا أبو بركات حياً كما هو دون أن يمسه شيء.
وهكذا وصل أبو بركات البربري إلى ملكهم، وكان اسمه شَنُورازة، فسمع منهم القصة، ثمّ عرض عليه أبو بركات الإسلام فقرر اختبار أبي بركات، وقال له: أقم عندنا حتّى الشهر القادم، فإن فعلت نفس الشيء مع العفريت أسلمت.
وهكذا، لم يمضِ الشهر إلا وكان الملك قد أسلم هو وأسرته جميعاً، وفي الموعد التالي للعفريت دخل أبو بركات البربري إلى المعبد فلم يأتِ العفريت، وهكذا أرسل ملك الجزيرة إلى بقية الجزر الأخرى ليسلموا معه ومع أهل جزيرته، وهكذا أسلم السكان، وعاشوا على مذهب الإمام مالك كما كان أبو بركات البربري. وبنوا مسجداً باسمه.
قد تبدو القصة أسطورية، نعم، ربما هي كذلك، ويبدو أنّ طقس العفريت كانت طقساً أسطورياً ورثه السكان عن أجدادهم، ويبدو أنّ أبو بركات البربري لم يفعل شيئاً سوى مواجهة هذه الأسطورة، وبسبب موقفه هذا أصبح سكان المالديف مسلمين حتّى الآن.
الصورة الذهنية لدى أغلبنا عن جزر المالديف أنّها جزرٌ جميلةٌ هادئةٌ نائية، تمثِّل مكاناً جميلاً لقضاءِ وقتٍ ممتع متنقلاً بين جزيرةٍ وأخرى، لكن ربما لا يعلم بعضنا أنّ الغالبية المطلقة من سكان هذه الجزر هم مسلمون. وإذا عرفت هذه المعلومة فهل تعلم عزيزي القارئ قصّة دخول الإسلام المالديف؟
إنّها قصة مثيرة، وجميلة في الوقت نفسه، بدأت مع الرحالة المغربي أبو بركات البربري. وفي هذا التقرير سنأخذك في رحلةٍ عبر التاريخ، بالتحديد قرابة القرن الحادي عشر الميلادي.
دخول الإسلام المالديف
يذكر الأديب والمؤرخ المصري محمود شاكر في كتابه التاريخ الإسلامي، أنّ الإسلام قد بدأ يدخل جزر المالديف عام 85 هجرياً، أي في القرن السابع الميلادي. وقد دخل على يد التجار المسلمين الذين وصلوا تلك المناطق في عهد الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان.
الإسلام
لكنّ الإسلام لم ينتشر هناك بهذه الطريقة، فتأثير التجار كان بسيطاً، فلم يتجاوز تأثيرهم بضعة أشخاص يدخلون الإسلام في هذا الوقت أو ذاك، ولكنّ التأثير الكبير جاء من خلال رحّالة مسلم، من المغرب -ويقال من الصومال- إلى تلك البلاد، ولهذا قصةٌ أخرى يقصّها علينا الرحالة المغربي ابن بطوطة في كتابه "تحفة النظّار في غرائب الأمصار".
ابن بطوطة في المالديف
سافر ابن بطوطة إلى كلّ دول الشرق، مبتدئاً من موطنه مدينة طنجة في المغرب وصولاً إلى الهند التي كانت آنذاك تحت إمرة السلطان المسلم محمد بن تغلق شاه. عمل ابن بطوطة قاضياً لدى السلطان، وعاش عدّة سنوات هناك، لكنّه شعر بالقلق لأنّ السلطان كان دائم التقلُّب سريع الغضب، فخاف أن يقع له سوء إن هو بقي في خدمته.
وفي عام 1341 اختاره السلطان ليكون مبعوثاً له إلى سلطان المغول في الصين، فانطلق في رحلته هرباً من قلقه وخوفه من السلطان. أثناء رحلته تعرّض ابن بطوطة للاختطاف، وسُلب منه كلّ ما كان يملكه، ولم يتركه المختطفون إلا بسرواله!
ولاحقاً دبّر ابن بطوطة نفسه وسافر إلى جنوب المحيط الهندي، ليصل إلى جزر المالديف. ويقصّ لنا قصّة دخول الإسلام لهذه الجزر الجميلة. وقد أقام فيها ابن بطوطة سنةً قبل أن يكمل رحلته إلى الصين.
أبو بركات البربري.. الشيخ الذي تغلّب على "العفريت"
عندما وصل ابن بطوطة إلى جزر المالديف كانت تحكمها سلطانة تدعى خديجة. وفي أحد أيام وجوده هناك وجد نفسه وسط ما يشبه المهرجان. فالناس مجتمعون ناحية الساحل يلهجون بالتهليل والتكبير، والأطفال على رؤوسهم مصاحف، والنساء يضربن على الأواني النحاس.
استغرب ابن بطوطة وسألهم عن حالهم هذا وسببه، فطلبوا منه أن ينظر للبحر، وعندما نظر وجد مثل المركب الكبير، فقالوا له: هذا العفريت، وعادته أن يظهرة مرةً في الشهر. فإذا فعلنا ما رأيت منّا الآن انصرف عنّا ولم يضرّنا، وهكذا اجتذبوا فضول الرحالة فنقّب عن الأمر حتّى حكاه له "الثقات"، وفق ما يخبرنا في رحلاته.
أبو بركات البربري
وهكذا ذهب ابن بطوطة وسأل بعض الفقهاء والقضاة فأجابوه بالقصّة. ففي الزمان البعيد كان يظهر لأهل هذه الجزر عفريتٌ من البحر في موعد محدد كل شهر، وعندما يظهر يأخذون إحدى البنات العذراوات ويزينونها ويضعونها في بيت الأصنام المُقام على الساحل، ويتركونها هناك ليلة، فإذا جاء الصباح وجدوها ميتة.
وهكذا كان السكان يرتِّبون قرعة كلّ شهر، فمن جاءت عليه القرعة من السكان وجب عليه تقديم ابنته العذراء لهذا العفريت. وبعد سنين طويلة وصلهم هذا الرحالة المسلم أبو بركات البربري.
عندما وصل أبو بركات وجدهم على تلك الحال، وكان يعيش في دار امرأةٍ عجوز في إحدى الجزر، وفي أحد الأيام وجدها قد جمعت أقاربها وأخذوا يبكون بكاءً شديداً، وحين سألهم عرف أنّ القرعة وقعت على العجوز، وهكذا يجب عليها التضحية بابنتها الوحيدة، وهنا قرَّر أبو بركات البربري أن يُنقِذَ الفتاة، فأخبر العجوز أنّه سوف يدخل بديلاً عن ابنتها.
وهكذا خاص أبو بركات البربري تلك المغامرة، دخل بيت الأصنام وبدأ تلاوة القرآن، وعندما ظهر له العفريت وسمع القرآن عاد إلى البحر مباشرةً، وفي صباح اليوم التالي عندما وصلت العجوز وأهلها وجدوا أبو بركات حياً كما هو دون أن يمسه شيء.
وهكذا وصل أبو بركات البربري إلى ملكهم، وكان اسمه شَنُورازة، فسمع منهم القصة، ثمّ عرض عليه أبو بركات الإسلام فقرر اختبار أبي بركات، وقال له: أقم عندنا حتّى الشهر القادم، فإن فعلت نفس الشيء مع العفريت أسلمت.
وهكذا، لم يمضِ الشهر إلا وكان الملك قد أسلم هو وأسرته جميعاً، وفي الموعد التالي للعفريت دخل أبو بركات البربري إلى المعبد فلم يأتِ العفريت، وهكذا أرسل ملك الجزيرة إلى بقية الجزر الأخرى ليسلموا معه ومع أهل جزيرته، وهكذا أسلم السكان، وعاشوا على مذهب الإمام مالك كما كان أبو بركات البربري. وبنوا مسجداً باسمه.
قد تبدو القصة أسطورية، نعم، ربما هي كذلك، ويبدو أنّ طقس العفريت كانت طقساً أسطورياً ورثه السكان عن أجدادهم، ويبدو أنّ أبو بركات البربري لم يفعل شيئاً سوى مواجهة هذه الأسطورة، وبسبب موقفه هذا أصبح سكان المالديف مسلمين حتّى الآن.