الخبر الأهم في نتائج الانتخابات الفرنسية ليس فوز الرئيس إيمانويل ماكرون بفترة انتخابية ثانية، بل حصول مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان على أكثر من 41% من أصوات المقترعين. بزيادة ملحوظة عن انتخابات عام 2017. وهذا مؤشر مقلق على تصاعد اليمين المتطرف في فرنسا. وليست فرنسا وحدها. فأحزاب اليمين المتطرف تسجل حضوراً انتخابياً متقدماً في الانتخابات البرلمانية. والجماعات اليمينية صارت أكثر نشاطاً، والهيمنة الإعلامية لهذا الاتجاه صارت أكثر قوة وتأثيراً بخطابها الشعبوي الذي استفاد كثيراً من العثرات السياسية في الدول الأوربية.
أصبح اليمين المتطرف الهاجس الأكبر لمراكز الرصد والبحوث الأوربية. وينقسم الأوربيون أنفسهم انقساماً حاداً بين المنحاز لهم، والمتوجس من أجنداتهم. والانقسام هو أخطر ما يمكن أن تواجهه أمة ما. خصوصاً في المسائل الجوهرية كالهوية والمصير والرؤية السياسية والاقتصادية. تشير بعض الدراسات إلى بدء تفشي التيارات اليمينية مع انهيار الاتحاد السوفيتي. كانت الدعاوى القومية للعديد من الجمهوريات السوفيتية المحرك الرئيس لمطالب الانفصال ونتائجه. مما حرك النزعات القومية عند الكثير من شعوب الدول الأوربية. وقد تصادم الشعور القومي للأمم الأوربية مع عدة مستجدات متناقضة معه. منها الوحدة الأوروبية التي طمست السمات القومية لكل دولة وخلقت «الحدود المفتوحة». وزيادة معدلات الهجرة إلى أوربا من العالم الثالث التي أدت إلى التصادم الحضاري بين الأوروبيين والمهاجرين. وتضاعف تأثير العوامل السابقة مع فشل العولمة وسياسات اقتصاد السوق المفتوحة التي نتج عنها تدني مستويات التنمية وزيادة معدلات البطالة وتراكم الأموال في أيد فئات محدودة. وكانت حركة «السترات الصفراء» في فرنسا أكبر دليل على ذلك.
يقوم اليمين المتطرف على ثلاثة أعمدة: تحفيز الروح القومية لدى الشعوب الأوروبية والدعوة إلى شعار أوروبا للأوروبيين، ومناهضة الاتحاد الأوربي والسعي للخروج منه والتحرر من اليورو، والتحذير من خطورة الحدود المفتوحة على السيادة الوطنية والأمن القومي. ورفض تسهيلات الهجرة وكراهية الأجانب ومعادات الثقافات الشرقية وخصوصاً الإسلامية والتحريض ضد المهاجرين، بصفتهم التهديد الأكبر للهوية الأوروبية الغربية المسيحية الإنجلوسكسونية. ويدعم العمودين السابقين عمود أكثر خطورة يقوم على تبني الخطاب الشعبوي الواقعي والقريب إلى عامة الناس الذي يوحي، غالباً، بأن تحديد مشكلات أوروبا مسألة بسيطة جداً. وأن الحلول هي أبسط مما يعمل عليه اليسار المهيمن على القرار في أوروبا.
معركة اليمين المتطرف في الوصول إلى سدة الحكم، والتي يبدو أنها ممكنة جداً. معركة كبيرة ومعقدة. يدخل فيها ما هو تاريخي من إرث لنتائج الحربين العالميتين، كان أحد مكوناتها الحركات النازية والفاشية، وما هو آني من تراجع دور أوربا الحضاري والاقتصادي، وما هو مستقبلي من انحلال أوروبا من خارطة التأثير السياسي مستقبلاً بسبب التداعيات الجيوسياسية التي جعلتها وسطا بين روسيا والصين من جهة وبريطانيا وأمريكا من جهة ثانية.
والطريف في أطروحات المؤيدين والمناهضين لليمين المتطرف أن الفريقين يتذرعان بالقيم الأوربية. فأنصار اليمين المتطرف يقدمون أنفسهم بأنهم يدافعون عن الهوية الأوربية الغربية ويدافعون عن قيم الديمقراطية والحداثة التي يرفض الكثير من المهاجرين الاعتراف بها والاندماج في إجراءاتها. بينما يرى المعارضون بأن اليمين المتطرف هو العدو الأول للقيم الأوربية والمهدد لقيم التعددية وقبول الآخر وحقوق الإنسان التي هي منتج حضاري حداثي أوروبي صنع الديمقراطية الغربية المتفردة في العالم.
{{ article.visit_count }}
أصبح اليمين المتطرف الهاجس الأكبر لمراكز الرصد والبحوث الأوربية. وينقسم الأوربيون أنفسهم انقساماً حاداً بين المنحاز لهم، والمتوجس من أجنداتهم. والانقسام هو أخطر ما يمكن أن تواجهه أمة ما. خصوصاً في المسائل الجوهرية كالهوية والمصير والرؤية السياسية والاقتصادية. تشير بعض الدراسات إلى بدء تفشي التيارات اليمينية مع انهيار الاتحاد السوفيتي. كانت الدعاوى القومية للعديد من الجمهوريات السوفيتية المحرك الرئيس لمطالب الانفصال ونتائجه. مما حرك النزعات القومية عند الكثير من شعوب الدول الأوربية. وقد تصادم الشعور القومي للأمم الأوربية مع عدة مستجدات متناقضة معه. منها الوحدة الأوروبية التي طمست السمات القومية لكل دولة وخلقت «الحدود المفتوحة». وزيادة معدلات الهجرة إلى أوربا من العالم الثالث التي أدت إلى التصادم الحضاري بين الأوروبيين والمهاجرين. وتضاعف تأثير العوامل السابقة مع فشل العولمة وسياسات اقتصاد السوق المفتوحة التي نتج عنها تدني مستويات التنمية وزيادة معدلات البطالة وتراكم الأموال في أيد فئات محدودة. وكانت حركة «السترات الصفراء» في فرنسا أكبر دليل على ذلك.
يقوم اليمين المتطرف على ثلاثة أعمدة: تحفيز الروح القومية لدى الشعوب الأوروبية والدعوة إلى شعار أوروبا للأوروبيين، ومناهضة الاتحاد الأوربي والسعي للخروج منه والتحرر من اليورو، والتحذير من خطورة الحدود المفتوحة على السيادة الوطنية والأمن القومي. ورفض تسهيلات الهجرة وكراهية الأجانب ومعادات الثقافات الشرقية وخصوصاً الإسلامية والتحريض ضد المهاجرين، بصفتهم التهديد الأكبر للهوية الأوروبية الغربية المسيحية الإنجلوسكسونية. ويدعم العمودين السابقين عمود أكثر خطورة يقوم على تبني الخطاب الشعبوي الواقعي والقريب إلى عامة الناس الذي يوحي، غالباً، بأن تحديد مشكلات أوروبا مسألة بسيطة جداً. وأن الحلول هي أبسط مما يعمل عليه اليسار المهيمن على القرار في أوروبا.
معركة اليمين المتطرف في الوصول إلى سدة الحكم، والتي يبدو أنها ممكنة جداً. معركة كبيرة ومعقدة. يدخل فيها ما هو تاريخي من إرث لنتائج الحربين العالميتين، كان أحد مكوناتها الحركات النازية والفاشية، وما هو آني من تراجع دور أوربا الحضاري والاقتصادي، وما هو مستقبلي من انحلال أوروبا من خارطة التأثير السياسي مستقبلاً بسبب التداعيات الجيوسياسية التي جعلتها وسطا بين روسيا والصين من جهة وبريطانيا وأمريكا من جهة ثانية.
والطريف في أطروحات المؤيدين والمناهضين لليمين المتطرف أن الفريقين يتذرعان بالقيم الأوربية. فأنصار اليمين المتطرف يقدمون أنفسهم بأنهم يدافعون عن الهوية الأوربية الغربية ويدافعون عن قيم الديمقراطية والحداثة التي يرفض الكثير من المهاجرين الاعتراف بها والاندماج في إجراءاتها. بينما يرى المعارضون بأن اليمين المتطرف هو العدو الأول للقيم الأوربية والمهدد لقيم التعددية وقبول الآخر وحقوق الإنسان التي هي منتج حضاري حداثي أوروبي صنع الديمقراطية الغربية المتفردة في العالم.