باتت الحاجة ملحة لبيان العلاقة بين حرية التعبير عن الرأي وبين احترام حرية العقيدة في ظل الاعتداءات المتكررة والإهانات للرموز الدينية، والتطاول على الكتب المقدسة بأشكال وصور متعددة، إذ يذهب البعض إلى أن حرية التعبير عن الرأي من الحريات المطلقة التي لا تقبل التقييد، فلا كرامة لأحد، ولا قدسية لأي فكرة، ولعل ذلك كان دافعاً وراء استمرار الإساءات المتكررة للأديان السماوية عبر الرسوم المسيئة للأنبياء، وحظر الحجاب، وأخيراً حرق القرآن الكريم وسط حماية من بعض الحكومات التي منحت التصاريح لمثل هذه الأفعال.
وبالرغم من أهمية كفالة حرية التعبير عن الرأي باعتبارها أساس الحياة الديمقراطية وحرية من الحريات الطبيعية للإنسان إلا أن ذلك ينبغي ألا يشكل اعتداءً على الديمقراطية ذاتها أو يتسبب بالإضرار بحرية الآخرين، أو سمعتهم، أو معتقداتهم، أو خصوصياتهم، إذ إن وضع الضوابط لممارسة الحقوق والحريات يعد أمراً طبيعياً على المستوى الدولي والوطني لتنظيم استعمالها وحماية المصالح العامة والخاصة.
ونتيجة لذلك فقد استقرت المواثيق والاتفاقيات الدولية على جواز تقييد حرية التعبير عن الرأي، فالمادة «19» من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بينت حدود هذه الحرية وضوابطها، وأجازت إخضاعها لبعض القيود التي يحددها القانون، وذلك لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، ولحماية الأمن القومي، أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة.
ولابد من التفرقة أولاً بين حرية الرأي وبين حرية التعبير عن هذا الرأي، إذ إن حرية الرأي عملية فكرية داخل العقل، لا تحتاج إلى إجراءات لحمايتها طالما أنها في وجدان الإنسان، وهي بذلك تكون مطلقة لا يمكن تقييدها، أما حرية التعبير عن الرأي فهي القدرة على إبداء الآراء وعرض الأفكار والمعتقدات بحرية تامة وبأي وسيلة، وبالتالي فهي نسبية تقبل إيراد الضوابط والقيود عليها.
وتأسيساً على ما سبق، فإن حرية الرأي وإن كانت مطلقة إلا أن التعبير عنها بشكل علني يخضع للضوابط والقيود، إذ يمتلك المشرع الحق في تنظيمها دون الانتقاص منها أو حظرها، حيث ينبغي أن تتقيد بالنظام العام وعدم الاعتداء على حقوق وحريات الآخرين.
وتظهر الجدلية القانونية في هذا الخصوص حول معايير وضوابط التفرقة بين التعبير عن الرأي المشروع الذي يُحظر تقييده، وبين التعبير غير المشروع الذي يترتب عليه مساساً وانتهاكاً للحقوق والحريات، فالحد الفاصل بين مشروعية ممارسة حرية التعبير عن الرأي وبين انتهاكها تكمن في مدى كون السلوك يعد امتهاناً وازدراءً للدين وتحقيراً لرموزه، فمناقشة المسائل الدينية بأسلوب علمي للوصول إلى الحقائق لا يعد من قبيل الاستهزاء والانتقاص من الدين، في حين أن التذرع بهذه الحرية واتخاذها وسيلة للهجوم على المعتقدات الدينية وتعمد المساس بكرامة الأديان والأنبياء والكتب المقدسة وجعلها موضعاً للسخرية يخرجها عن حدود ممارسة الحقوق والحريات.
ومن هنا نتوصل إلى نتيجة مفادها عدم وجود تنازع بين حرية التعبير عن الرأي وبين حرية الفكر والعقيدة، إذ تكمل كلاً منها الأخرى، فلا ممارسة لحرية العقيدة إلا بكفالة حرية التعبير بشرط أن تراعي القيود والضوابط التي تضمن عدم الإضرار بالآخرين، لذلك عمل المشرع على الوقاية من خطاب الكراهية والتمييز، وتم تجريم هذه السلوكيات أو التحريض عليها.
{{ article.visit_count }}
وبالرغم من أهمية كفالة حرية التعبير عن الرأي باعتبارها أساس الحياة الديمقراطية وحرية من الحريات الطبيعية للإنسان إلا أن ذلك ينبغي ألا يشكل اعتداءً على الديمقراطية ذاتها أو يتسبب بالإضرار بحرية الآخرين، أو سمعتهم، أو معتقداتهم، أو خصوصياتهم، إذ إن وضع الضوابط لممارسة الحقوق والحريات يعد أمراً طبيعياً على المستوى الدولي والوطني لتنظيم استعمالها وحماية المصالح العامة والخاصة.
ونتيجة لذلك فقد استقرت المواثيق والاتفاقيات الدولية على جواز تقييد حرية التعبير عن الرأي، فالمادة «19» من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بينت حدود هذه الحرية وضوابطها، وأجازت إخضاعها لبعض القيود التي يحددها القانون، وذلك لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، ولحماية الأمن القومي، أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة.
ولابد من التفرقة أولاً بين حرية الرأي وبين حرية التعبير عن هذا الرأي، إذ إن حرية الرأي عملية فكرية داخل العقل، لا تحتاج إلى إجراءات لحمايتها طالما أنها في وجدان الإنسان، وهي بذلك تكون مطلقة لا يمكن تقييدها، أما حرية التعبير عن الرأي فهي القدرة على إبداء الآراء وعرض الأفكار والمعتقدات بحرية تامة وبأي وسيلة، وبالتالي فهي نسبية تقبل إيراد الضوابط والقيود عليها.
وتأسيساً على ما سبق، فإن حرية الرأي وإن كانت مطلقة إلا أن التعبير عنها بشكل علني يخضع للضوابط والقيود، إذ يمتلك المشرع الحق في تنظيمها دون الانتقاص منها أو حظرها، حيث ينبغي أن تتقيد بالنظام العام وعدم الاعتداء على حقوق وحريات الآخرين.
وتظهر الجدلية القانونية في هذا الخصوص حول معايير وضوابط التفرقة بين التعبير عن الرأي المشروع الذي يُحظر تقييده، وبين التعبير غير المشروع الذي يترتب عليه مساساً وانتهاكاً للحقوق والحريات، فالحد الفاصل بين مشروعية ممارسة حرية التعبير عن الرأي وبين انتهاكها تكمن في مدى كون السلوك يعد امتهاناً وازدراءً للدين وتحقيراً لرموزه، فمناقشة المسائل الدينية بأسلوب علمي للوصول إلى الحقائق لا يعد من قبيل الاستهزاء والانتقاص من الدين، في حين أن التذرع بهذه الحرية واتخاذها وسيلة للهجوم على المعتقدات الدينية وتعمد المساس بكرامة الأديان والأنبياء والكتب المقدسة وجعلها موضعاً للسخرية يخرجها عن حدود ممارسة الحقوق والحريات.
ومن هنا نتوصل إلى نتيجة مفادها عدم وجود تنازع بين حرية التعبير عن الرأي وبين حرية الفكر والعقيدة، إذ تكمل كلاً منها الأخرى، فلا ممارسة لحرية العقيدة إلا بكفالة حرية التعبير بشرط أن تراعي القيود والضوابط التي تضمن عدم الإضرار بالآخرين، لذلك عمل المشرع على الوقاية من خطاب الكراهية والتمييز، وتم تجريم هذه السلوكيات أو التحريض عليها.