نتيجة الثورة التقنية الهائلة التي نعيشها في هذا الوقت، أصبح العالم عبارة عن مدينة صغيرة تربطها شبكات التواصل الاجتماعي والتقنية الحديثة. ولكن في الواقع، إن هذا العالم يتشكل من مجتمعات لكل جماعة منها معتقداتها، سلوكياتها وأهدافها التي من الممكن أن تتناقض مع القيم والمبادئ للجماعات الأخرى. من هذا المنطلق فإن الحل العادل هو إيجاد قاعدة مشتركة تمثل مرجعية لتحقيق وطنية رقمية إيجابية لدولنا العربية الإسلامية.
ومما لا يخفى عن الجميع أن دول الخليج العربي تنبثق هويتها من الثقافة الإسلامية وتتبلور بالولاء لقيادتها الأصيلة والتي يجب أن تتجذر في الضمير الجمعي للهوية الوطنية الرقمية وتنطلق من أساسها وذلك كسبيل للاستفادة المثمرة من الركب الحضاري الإنساني على الصعيد التقني دون الإضرار بالأساس لهذا المجتمع وتوجهاته.
وبالتالي فقد أصبح أمر إدماج الهوية الوطنية الرقمية في المناهج أمراً بالغ الأهمية للوقاية من الاستلاب الثقافي ولحماية المجتمع من أي انحراف. يمكن تفعيل ذلك من خلال مناهج مباشرة أو بشكل ضمني بحيث يحتوي كل مقرر على تطبيق أو بحث أو مشروع عمل بحسب الفئة العمرية والمرحلة الدراسية. الهدف من هذه المناهج هو توجيه الأفراد نحو المواطنة الرقمية الإيجابية من خلال إعداد مواطن لديه القدرة الكافية لمواجهة متطلبات وتحديات العصر.
يتأتى ذلك من خلال عدة عوامل تبدأ بنشر الثقافة التقنية، وتعزيز القيم الدينية والأخلاقية السمحة، وتوعية المواطن بحقوقه وواجباته في المجتمع الرقمي، ونشر ثقافة قبول واحترام الاختلاف دون انجراف سلبي، وتسليح الأفراد بفهم إيجابي واقعي للنظام السياسي في بلدانهم وتوعيتهم لإدراك المخاطر الخارجية والأطماع المتربصة بدولهم وصولاً لأفراد لديهم انفتاح فكري وقدرة على تحليل الأفكار وتمييز الأصيل من المنحرف مما يؤدي إلى الحفاظ على الهوية الوطنية الرقمية الإيجابية.
وجدير بالذكر هنا، أن التربية هي عملية اجتماعية تتضمن مجموعة من السلوكيات والمؤثرات التي تعزز الصفات والمهارات وتنتقل من جيل إلى آخر، وبذلك فهي عملية متكاملة لتوجيه المجتمع، فلا يقتصر الدور الفاعل على الأسر والحكومات والمدارس والجامعات بل يتعدى ذلك ليشمل المجتمع المدني بأكمله من خلال توزيع الأدوار بين كياناته ومؤسساته المختلفة.