لا نحتاج إلى مشاهدة أفلام رعب أو أفلام دموية أو أفلام تفاعلية، فيكفي ما نشاهده اليوم على شاشات التلفاز من واقعية وغيره في وسائل التواصل الاجتماعي التي تصب علينا كل يوم من كل حدب وصوب.
فما نشاهده اليوم صعب، وخارج العقل والمنطق، فما يتعرض له الإنسان من أخبار، وصدمات، ونزاعات، وصراعات، وكوارث تعانيها البشرية، أصبح مؤشر خطر على الحياة الإنسانية، والنفسية في الكون، وعلى السلم، والأمن، والعدل الدولي، وعلى موارده المالية، والمادية، والبشرية.
غليان وغضب، وثورة وثوار، وزلزال وبركان، وفيروسات وميكروبات، ونقص أغذية وقلق بيئي وجوي ومشكلة مياه، وصراع ونزاع، وتنافس لقوة وسلطة حيث هي الحروب المتنوعة بالمسميات المختلفة نعجز عن حصرها، وتشغلنا لنبحث في مضمونها، لنعرف جديدها، وما هو تاريخها، حيث الصراعات التي لا تنتهي بمختلف أشكالها، منها بهدف المال، والقوة وغيرها من أجل الأرض، ومثلها صراعات من أجل البقاء، والدين، والمذهب، والطوائف بأشكالها، والجماعات بألوانها والتي تمتد أمواجها، وسواد شرارها إلى جهود تسعى للسلام والبناء والتطور والإعمار لتعترض طريقها وتقلل من سعيها القائم على قيم ميثاق الأمم المتحدة (السلام والعدالة والاحترام وحقوق الإنسان والتسامح والتضامن)، وقبلها ما قره ديننا الحنيف وذكره الكريم.
فمن كل بقاع الأرض لا يخلو الكون من ثورة نفس ومن غضب شيطان، لتكون الحروب الدموية العسكرية والحروب الإلكترونية التقنية والسيبرانية، والإعلامية والفكرية والثقافية، والحروب النفسية والاجتماعية، والفيروسية والميكروبية والحروب الأهلية والطائفية والدينية والحروب الاقتصادية والتجارية والسياسية، حتى أصبحنا اليوم على يقين بأن لكل عصر وزمان وبقعة ومكان جيلاً من الحروب وسنة الحياة ليكون التطور فيها كما غيرها دون دراسة آثارها ومخرجاتها وتطوراتها المستقبلية، وجيلها المعاصر، وما هو شكل نهضتها وفي مقابلها تأتي تحدياتها بميزانياتها ومواردها البشرية المكلفة والمهلكة لميزانيات تهدر على مر الزمن كان من الأجدر أن تصب في نهضة وطن، وتنمية بشر، وحاجة إنسان حيث منطق السلام.
اليوم الحروب الكلاسيكية تدمج مع الحروب العصرية، لمسارات تخلق نزاعات بين كيانات غير منسجمة، نتائجها أجيال عصرية تدار بأنظمة ذكية تبنى على مزيج من استخدام أسلحة تقليدية ونووية تكتيكية باستخدام أدوات سيبرانية وأساليب ذكية وإمكانيات فضائية لإدارة صراعات عسكرية واقتصادية أو معلوماتية حيث المتغيرات الاجتماعية والتطورات التكنولوجية الفائقة والمتسارعة.
وغيرها في الطريق وجيل جديد لا يقارن بغيره (حروب استعباد البشر) وشرائح تزرع في الجسد لتنفيذ أوامر واستغلال سيئ وموجه، فلماذا أصبح البشر أعداء أنفسهم؟ يقضون على المستقبل والماضي والحاضر.
فلسطين أرض المسجد الأقصى قرة عين من الهند إلى الصين تشتعل بنار الحروب التي تنسف التاريخ بقتل الشيوخ، وتدمر المستقبل بإبادة أزهار الأرض (أطفال فلسطين)، وتقضي على الحاضر فتفجر أرحام النساء لتكون بلا أرواح، حرب نوعية بسياسة شيطانية خارقة لكل مواثيق الأمم والدول والقوانين الإنسانية، سياسة حرة غير أخلاقية، وضعت أسلحتها العسكرية، وزينتها بالإلكترونية والتقنية، وبلورتها بدهاء ملونة بأسلحة فسفورية مستعدة لتطلق النووية، مسلسل نشهد أحداثه من صباح يومنا حتى إن تغمض أعيننا غفلة خوفاً من دمار الأمة وبعثرة أوراق لتختلط النزاعات والصراعات ويضيع السلام وسط جماعات تختلق ناراً ودخاناً لتشغل نفوس الشيطان في سماء كل الأوطان.
نمنمة
ما نعيشه حرب نفسية تحتاج إلى علاج نفسي لكل فرد في المجتمع بمختلف فئاته من نساء ورجال وأطفال وكبار على مختلف بقاع الأرض، ولا نلوم مشاكلنا وقضايانا وتأثيراتها الاجتماعية فإنها مخرجات صراعات دموية ونزاعات أصولية.
* إعلامية باحثة وأكاديمية